يعتبر توفير السكن المناسب احد أهم حقوق الإنسان الأساسية التي اعترفت بها وأقرتها القوانين الدولية والمجتمعات التي تعاني من الصراع الثقافي ,القومي, والاثني, والسياسي ,تستغل عملية توفير السكن كوسيلة نمط لتوسيع هذا الصراع واستخدامه في سبيل السيطرة والهيمنة.

وتعتبر مدينة القدس نموذجا حيا لهذا الصراع حيث يمتزج الصراع على السكن بالصراع على المكان فهنالك عملية إحلال وقلع للجذور ووضع جذور أخرى لتشكل عمليا جزءا من الصراع الديموغرافي والجغرافي في هيمنة الأغلبية على الأقلية, ولأجل تامين وتعزيز السيطرة اليهودية على الأرض.

وقد تبنت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة هذه السياسة في عملية ضبط وتقنين البناء لتحقيق أهدافها الإستراتيجية في المدينة بأقلية عربية وأغلبية يهودية كعاصمة أبدية اسرائيل دون شريك فلسطيني.

ويقول الباحث في شؤون القدس خليل التفكجي مدير دائرة الخرائط ان قضية الإسكان في القدس معقدة جدا خاصة ان السلطات الاسرائيلية تسعى لطرد الفلسطينيين من القدس ليحل مكانهم المستوطنين.

ويضيف وضعت السلطات الاسرائيلية قوانين بمصادرة الأراضي التي كانت احتياطي استراتيجي للتوسع السكاني العربي وقوانين التنظيم والبناء والتي تحد من النمو السكاني الفلسطيني ,فبلغت المساحات التي تم مصادرتها للمصلحة العامة 35% - واكثر من 52% من الأراضي أصبحت مناطق خضراء (يمنع البناء عليها) او شوارع او مناطق غير منظمة مما لم يترك للفلسطينيين سوى 13% من مساحة القدس للبناء.

ففي احصاء صادر عن "دائرة الاحصاء المركزية الاسرائيلية" فان عدد الشقق السكنية الفلسطينية في القدس بلغ 34 الف شقة مسجلة وهذا يشكل 20% من مجمل الشقق السكنية في القدس, وبالمقارنة مع عدد السكان الفلسطينيين الذين يشكلون 37% من سكان القدس .

اما احصائيات بلدية القدس فقد قررت 39 الف شقة بالاضافة الى اكثر من 20 الف وحدة سكنية بدون ترخيص.

القوانين والسياسات التي وضعت من قبل السلطة الاسرائيلية 
ويقول الباحث التفكجي ان حالة صراع السكن بالقدس ترجمت من خلال المعوقات والقوانين والسياسات التي وضعت من قبل السلطة الاسرائيلية , ومن هذه المعوقات ما هو مفروض على الفلسطينيين من السلطات الاسرائيلية ومنها ما هو محلي داخل المجتمع الفلسطيني التي تشكل حاجزا امام تسهيل امكانيات توفير السكن , وهذان الامران عمق مشكلة السكن وتجنب المستثمرون الاستثمار في قطاع الاسكان بالاضافة الى المعوقات الادارية والتنظيمية والبيروقراطية والسياسات الادارية من بلدية القدس.

ويقول التفكجي ان معظم الفلسطينيين في القدس المحتلة يعيشون في ضائقة سكنية وان حوالي خمسهم يعيشون في مباني غير مرخصة بسبب رفض البلدية منحهم رخص بناء لدفعهم الى الهجرة مشيرا الى ان هذه المنازل مهددة بالهدم الذي انعكس على حياتهم الاجتماعية والصحية مما ادى الى زيادة نسبة الطلاق والادمان على المخدرات التي هي من نتائج الازمة الاسكانية والظروف الصحية التي يعيشون بها في مباني قديمة غير صحية والتكاليف الباهظة في تراخيص البناء مما يرغم الكثير من السكان بالهجرة باتجاه الاطراف الذي يوقعهم بالنهاية تحت طائلة العقوبات.

وشرح ان الحياة خارج مركز حدود البلدية يعني فقدانهم هويتهم المقدسية مما يسبب مرة اخرى ازمة إنسانية وهو العيش في مساكن غير ملائمة للسكن البشري أو ان يكون البناء بدون ترخيص للمحافظة على هويتهم المقدسية.


ويشير الى انه نتيجة للزيادة السكانية الفلسطينية فان احتياجات الفلسطينيين في القدس من الوحدات السكنية تبلغ 40 الف للقضاء على الضائقة السكنية و10 الاف وحدة سكنية سنويا.

ويوضح التفكجي ان إمكانية الحصول على تراخيص تعتبر من المستحيلات نتيجة لعدم وجود مخططات للأحياء الفلسطينية والمماطلة في إعداد هذه المخططات او إعداد مخططات لا تتناسب وحاجة السكان الى أراضي منظمة او تحديد نسب بناء منخفضة لا تفي بالاحتياجات في الاحياء الفلسطينية وتتراوح بين(25%-75%) مقارنة بالمستوطنات الاسرائيلية(120%- 300%).

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com