في اعقاب طرح كتاب المدنيات الجديد الذي يحوي مغالطات عديدة، بما يتعلق بمفهوم الديمقراطية في إسرائيل، الى جانب تشويه واضح في تاريخ الفلسطينيين في البلاد، استنكرت عدة جهات هذا الطرح مشيرة الى ان اليمين يحاول من خلال كتاب المدنيات الجديد ان يطرح فكرة الأيديولوجي المتطرف الى جانب انه طافح بالاقتباسات من الديانة اليهودية مع اهمال العلمانيين اليهود والملفت ان وزير المعارف نفتالي بينيت متحمس لطرح الكتاب حتى بدون مراجعته او التدقيق به.
يوسف جبارين: سنواصل الضغط الجماهيري على الوزارة بهدف تغيير المضامين وعدم فرض الكتاب على طلابنا
عضو الكنيست النائب الدكتور يوسف جبارين والذي تابع القضية منذ البداية كما ذكرنا أعلاه قال لـ"بكرا": لا شك ان محاولة إعادة كتابة نصوص تعليمية من جديد أصبحت احدى التعابير المركزية لمحاولة اليمين المتطرف فرض اجندته السياسية على كافة المؤسسات في البلاد وخاصة التعليم، وبالتلي بادرت الى جلسة في لجنة المعارف للتباحث حول الموضوع وحضرها رقم قياسي من أعضاء الكنيست مما يدل على الأهمية التي يعطيها اليمين لهذا الموضوع حيث تجند أعضاء الكنيست من أحزاب الليكود، يسرائيل بيتينو، هبييت هيهودي، للدفاع عن الكتاب.
وأضاف: مضامين الكتاب الجديد تشمل تزييف على مستويين، الأول على مستوى نظريات في مجال الديمقراطية وحقوق الانسان والادعاء بان للاقليات القومية لا يوجد حق بالتأثير على اتخاذ القرار في الدولة الديمقراطية، وهذا يناقض فكرة الديمقراطية الجوهرية ويقتصر على فكرة الديمقراطية الإجرائية الرسمية، اما المستوى الثاني من التزييف فهو بكل ما يتعلق في الرواية التاريخية وتغييب الحق الفلسطيني منها بدء من ما قبل النكبة الفلسطينية مرورا باحداث النكبة ووصولا الى أيامنا هذه، ولا شك ان مضامين الكتاب الجديد تعكس توجهات أيديولوجية في حزب نفتالي بينيت وزير المعارف، ومن يصيغ الان هذه المواد هم مستشارين سياسيين واكاديميين يأتون من هذا الحزب ومن معهد الاستراتيجية الصهيونية الذي يشكل في السنوات الأخيرة حاضنة أيديولوجية لنشر أفكار اليمين الصهيوني، ومع استلام بينيت لوزارة المعارف نرى ان مواقف معهد الاستراتيجية الصهيونية تتغلغل الان الى مناهج التعليم.
ونوه قائلا: من المهم الإشارة ان الشخصيات الفاعلة في مجال قانون القومية اليهودية المعروف بمضامينه العنصرية هي نفس الشخصيات الفاعلة الان في كتابة مضامين كتاب المدنيات، نحن على اتصالات في الجانب الحقوقي خاصة مع جمعية حقوق المواطن لبحث إمكانية عمل قضائي، لكن هذه الامكانية تبقى محدودة بسبب عدم تدخل المحكمة عادة في مضامين دراسية، لذلك يبقى الأساس هو العمل الجماهيري وخاصة ما طرحناه من موقف ان المعلمون العرب سيقاطعون هذا الكتاب واننا سنطرح من خلال لجنة المتابعة العليا كتاب بديل يضع امام الطالب العربي حقيقة روايته التاريخية وحقوقه، حيث يشكل الكتاب البديل تحدي لان الوزارة لن تسمح باستعماله وسنواصل بالتعاون مع المعلمين والعديد من الاكاديميين العرب واليهود الذين يرفضون الكتاب، سنواصل الضغط الجماهيري على الوزارة بهدف تغيير المضامين وعدم فرض الكتاب على طلابنا، وهو تحدي علما ان وزير المعارف مصمم على فرض هذه المضامين علينا في حين انه اذا م واصلنا الضغط الجماهيري والبرلماني وأيضا القضائي سننجح في مقاومة هذا الفرض.
اسعد غانم: في الظروف الحالية لا يمكن منع طرح الكتب، الحل الوحيد هو طرح كتاب بديل
اما البروفيسور اسعد غانم فطرح رؤيته قائلا: منذ سنوات اعتقد انه في مسألة كتاب المدنيات والتربية للقيم الديمقراطية في الدولة اليهودية يجب ان يضعه الاكاديميين العرب واعتقد ان الكتاب الحالي الذي يعتبر سيئا بجميع المقاييس بشهادة الناقدين اليهود لليبراليين واليساريين ، وجاء الوقت أن نقوم بصياغة كتاب موجه للمعلمين والطلاب العرب، البعض يقول بان ذلك يخلق تناقض لان هذه المواد مطلوبة للبجروت وانا اعتقد ان الطالب العرب ممكن ان يفرق بين المواد المطلوبة للبجروت وبين المواد التي تتحدث عن الحقيقة وتعرضها، تماما كما نستطيع ان ندرس أبنائنا التاريخ الفلسطيني دون ان نلجأ الى الأمور السياسية.
وتابع موضحا لـ"بكرا": الفكرة انه سيتم الان العمل على كتاب يعرض الواقع الفلسطيني من قبل لجنة متابعة قضايا التعليم ولجنة متابعة الجماهير العربية، حيث انه لدينا تجربة سابقة قبل أعوام بعد ان قامت وزارة المعارف بوضع كتاب وترجمته للعرب عن التربية في المدارس نحن قمنا بمبادرتي انا وبكر عواودة بوضع كتاب بديل، ولذلك مهما فعلت وزارة المعارف فانها لا تستطيع ان تزور معني الديمقراطية والمساواة ومعنى الحق وتقوم بموقف سياسي واضح وهو تعليم ابناءنا بغير الحقيقة ولذلك نحن أقوياء في هذه المسألة بعكس اليسار الإسرائيلي الذي امامه فقط فرصة تغيير الكتاب، بل اننا نستطيع ان نطرح على المدارس العربية كتاب بديل يكتبه اكاديميين ومعلمين مدارس عرب، حيث سيحوي بعض التغيير ملائمة للقيم الديمقراطية الحقيقية.
واختتم مؤكدا: في الظروف الحالية لا يمكن منع طرح الكتب، الحل الوحيد هو طرح كتاب بديل ويجب الاجتهاد الان على طرح هذا الكتاب والمباشرة به فورا قبل بداية العام القادم، وانا أؤكد ان هناك اتصالات تجري الان من اجل العمل على هذا الامر حتى لو عارضت وزارة المعارف نحن نستطيع ان نصل لمعلمينا وطلابنا من خلال هذا الكتاب وان نطرح امامهم بالإضافة الى الرؤية الرسمية الواردة في الكتاب نعلمهم رؤيتنا الحقيقة بالنسبة للمواضيع المطروحة في كتب المدنيا أيضا.
مهند مصطفى: يتم عرض الدولة اليهودية وكأنها نظام سياسي طبيعي، وطبعا تستند أخلاقيا على وثيقة الاستقلال
بدوره الباحث الدكتور مهند مصطفى قال لـ"بكرا" في هذا السياق: المنهاج الحالي هو تصعيد للمنهاج القديم الذي لا يثقّف على مفهوم المواطنة المتساوية وحيادية الدولة ايديولوجيا، ولا لمفهوم المشاركة السّياسيّة الدّيمقراطيّة التي تكون فيها الدّولة في حالة من الحياد، بل إن المناهج لا يزال يعلّم على الانتماء لإسرائيل كدولة يهوديّة وديمقراطيّة. ومع ذلك نشهد في السّنوات الأخيرة محاولة حثيثة من وزارة المعارف ومن جمعيّات مدنيّة إسرائيليّة للضّغط على الوزارة لتغيير هذا المنهاج لكونه يوجّه نقدا معينا لإسرائيل كدولة يهوديّة وديمقراطيّة، وهو ما تم اخذه بعين الاعتبار في المنهاج الحالي حيث تظهر اسرائيل كحالة مثالية من الدولة القومية والديمقراطية بدون أي نقد لذلك. ويوجّه بعض النقد للسّياسات الإسرائيليّة تجاه مواطنيها العرب الفلسطينيين. هذا الأمر يؤكّد أنّ التّوجّه المستقبلي لهذا الموضوع لا يزال قيد التّبلور نحو التّخلّي عن قيم المواطنة الحقيقة في صميم مواده إلى تأكيد الولاء لإسرائيل كدولة يهوديّة ديمقراطيّة. في الوقت الذي يتطوّر فيه هذا الموضوع في العالم ليس فقط نحو تأكيد مفهوم المواطنة المشتركة والمتساويّة، بل أيضا نحو تسييس المنهاج ليس بالمفهوم الحزبي بل بمفهوم خلق وعي سياسي لدى الطّلاب بأهميّة المشاركة السّياسيّة والتّأثير على الحياة السّياسيّة وتغييرها للأفضل.
وأضاف لـ"بكرا": المنهاج لا يعزز الهوية المدنية المشتركة والمتساوية بين العرب واليهود، بل يكرس وينظّر لتراتبية في الحقوق والمواطنية، كما انه لا يعترف بالمواطنين العرب كأقلية قومية لها حقوقا قومية وجماعية، كما انه يحتوي على الكثير من الاعطاب النظرية المتعلقة بمفهوم الدولة ومفهوم النظام الديمقراطي. هنالك عرض محايد للدولة اليهودية، والعرض المحايد هو منحاز في طبيعته، بمعنى انه يتم عرض الدولة اليهودية وكأنها نظام سياسي طبيعي، وطبعا تستند أخلاقيا على وثيقة الاستقلال.
واختتم قائلا: يعزز الكتاب، الهوية القومية للطلاب اليهود، ويتعامل مع التراث اليهودي كجزء من الهوية الوطنية، بينما يفتت الهوية الوطنية للعرب باعتبارهم طوائف منفصلة، يستعرض موضوع الهوية بطريقة إجرائية وسطحية جدا، دون الاشتباك مع مركبات الهوية وديناميكيتها.
bokra.editor@gmail.com
أضف تعليق