صادقت الحكومة، صباح اليوم الأربعاء، على الخطة الخماسية المعدة لدعم المجتمع العربي في البلاد، وذلك في ظل جدل حاد حول الخطة داخل الحكومة. للتوقف عند تفاصيل، هذه الخطة، أهميتها ونواقصها، أجرينا الحوار التالي مع رون جرليتس، المدير العام المشاركة لجمعية سيكوي، وهي جمعية عربية يهودية تعنى بدعم المساواة المدنية للمواطنين العرب في البلاد.
يأتي هذا الحوار مع جرليتس على ضوء الدور الهام الذي قامت به "سيكوي" بدءا بالمراحل الأولى لدى بلورة الخطوة ووصولا إلى المصادقة عليها اليوم، وفيما يلي حوارنا معه:
ما هي النقاط الأساسية في الخطة الحكومية الجديدة؟ وما الجديد فيها؟
لهذه الخطة مركبان أساسيان: المركب الأول هو تعديل آليات لتخصيص الميزانيات الحكومية في المجالات المختلفة. الخطة تحوّل قسما من هذه الآليات المجحفة إلى آليات توزع الميزانيات بمساواة، وهذه بنظرنا هي الوسيلة الأنجع لتعميق المساواة بين المواطنين العرب واليهود، ولذا فإن قرار الحكومة يعتبر رياديا.
عند تطبيق هذه الخطة، فإن هذا التعديل سيحوّل ميزانيات كبيرة جدا للمواطنين العرب، بما يساوي مليارات الشواقل سنويا، وذلك من خلال توزيعة جديدة وأكثر عدلا للميزانية. الخطة تعالج التعديلات في آليات توزيع الميزانيات في مجالات مختلفة، منها: البنى التحتية للشوارع وبنى أخرى، المواصلات العامة، قسم من آليات التخصيص في مجال التعليم، التشغيل والصناعة، السكن، الأمن الداخلي ومجالات أخرى. تعالج الخطة المجالات المختلفة بواسطة منظومة تضمن بأن يحصل المواطنون العرب على 20% على الأقل من الميزانيات في كل مجال، كما أنها في بعض الحالات تتضمن تمييزا تفضيليا لصالح المجتمع العربي، ما يؤدي إلى تحويل ميزانيات قد تصل نسبتها إلى 35% للمجتمع العربي لسد الهوة التي أحدثتها عشرات الأعوام من تحويل الميزانيات المجحفة، وهنا بعض الأمثلة:
• 20% من ميزانية التربية غير المنهجية، تخصص للمواطنين العرب.
• 40% من كل ميزانية جديدة لخدمات المواصلات العامة تخصص للمواصلات العامة للمجتمع العربي، إلى أن يتم تحقيق المساواة في خدمات المواصلات العامة بين البلدات اليهودية والعربية.
• 40% من كل استثمار في البنى التحتية في البلدات في إسرائيل (باستثناء المدن الكبرى) تخصص لصالح تطوير البنى التحتية لتطوير الشوارع في البلدات العربية.
• 20% من الميزانية المخصصة لإقامة المؤسسات الجماهيرية تحول لصالح المواطنين العرب (أو للدقة- وفقا لنسبتهم بين المواطنين في البلاد).
المركب الثاني هو ميزانية إضافية مباشرة تمنح للسلطات المحلية العربية. الخطة تتضمن ميزانية تتجاوز الملياريّ شاقل للسنوات الخمس القادمة. وذلك بالإضافة إلى ميزانية من 8 مليار شاقل سيتم تحويلها إلى المجتمع العربي كنتيجة لتعديل آليات التخصيص. ما يعني أن الخطة وفي حال تنفيذها كاملة فستخصص للمجتمع العربي في السنوات الخمس القادمة 10 مليار شاقل.
- بالمقابل هنالك انتقادات حادة لهذه الخطة، لماذا برأيكم؟
لهذه الخطة نواقص عدة، ومنها: أنها لا تشتمل التزاما صريحا بتعديل التمييز الحاصل في مجال التربية والتعليم، لا تحول أموالا كافية للسلطات المحلية العربية، لا تعنى بالميزانيات المطلوبة لشؤون الرفاه. هذه كلها أسباب موضوعية لانتقاد هذه الخطة، ولكن ورغم كل النواقص نستطيع القول أن الخطة ممتازة وغير مسبوقة. وهنا أشير إلى أن هذه الخطة هي نتيجة للعمل المتواصل منذ سنوات للسلطة للتطوير الاقتصادي في مكتب رئيس الحكومة والتي يرئسها أيمن سيف، والذي تمكن من فرض قضية مساواة المواطنين العرب على جدول أعمال الحكومة طيلة السنوات الأخيرة وكان أحد العناصر الفعالة في تطوير الخطة الجديدة. كما يهمني أن أشير إلى أنه ومنذ إقامة هذه السلطة فإن الخطط الحكومية للتطوير الاقتصادي للمجتمع العربي تنفذ بنجاح كبير، ولذا فإنني على قناعة بأن هذه الخطة ستنفذ إلى حد كبير.
- وبالنسبة إليكم في "سيكوي"، أين أسهمتم وبماذا أثرتم؟
طاقم جمعية سيكوي هو طاقم مختص في السياسات الحكومية تجاه المواطنين العرب وفي العمل لمعالجة التمييز. منذ أكثر من عشر سنوات وطاقم سيكوي، باتصال مكثف مع الوزارات والمكاتب الحكومية المختلفة من أجل تعميق المساواة في مجالات مختلفة، منها: البنى التحتية، المواصلات، السكن، الرفاه، التربية والتعليم ومجالات أخرى..
قرار الحكومة يتبنى المطلب المركزي الذي طالما طالبت به سيكوي الحكومة: تعديل آليات تخصيص الميزانيات والموارد. بعد أكثر من عقد من العمل، قامت الحكومة بتبني توصيتنا هذه وقررت تعديل قسم من آليات تخصيص الميزانيات، ونحن فخورون بذلك.
جمعية سيكوي أعدت مستندا طويلا ومفصلا من 16 صفحة بكل الملاحظات حول هذه الخطة، ويتضمن تسجيلا للمطالب بتعديلات وتحسينات عليها. تم تحويل المستند إلى وزارة المالية ونحن فخورون بأنه أدى إلى إحداث بعض التعديلات والتحسينات للخطة، كما قمنا بتحويل هذا المستند أيضا إلى اللجنة القطرية للرؤساء العرب ولنواب في الكنيست.
جمعية سيكوي وفرت طيلة الأشهر الأخيرة مرافقة مهنية لطاقم المفاوضات من طرف السلطات المحلية وأعضاء الكنيست عن القائمة المشتركة، وذلك للمساهمة بتمكينهم من الضغط على وزارة المالية لتعديل الخطة.
وبالمقابل، استغلت سيكوي علاقاتها المهنية في قسم الميزانيات في وزارة المالية من أجل تشغيل ضغط مكثف طيلة الأشهر الأخيرة وربطت الليل بالنهار من أجل المطالبة بزيادة الميزانيات ومطالبة المالية بالتجاوب مع مطالب قسم الميزانيات. ونحن واثقون من أن ضغطنا قد أثّر.
أطلعنا أكثر عن التعاون بينكم وبين القائمة المشتركة ورئيسها أيمن عودة؟
- طاقم سيكوي التقى مع نواب يمثلون المركبات الأربعة للقائمة المشتركة: التجمع، الجبهة، الموحدة والتغيير، كما والتقى مع الطاقم المفاوض من قبل اللجنة القطرية للرؤساء العرب، وذلك بهدف الاستعراض المفصل لكافة الإيجابيات والسلبيات للخطة، ولمعالجة الأمور التي كان من الضروري الضغط على وزارة المالية لشملها في الخطة.
النائب أيمن عودة، كان شريكا بشكل مكثف وناجع بتفعيل الضغوط على وزارة المالية، وكنا قد وفرنا له أيضا كل ما لدينا من قدرات مهنية. عمل عودة أمام قسم الميزانيات في وزارة المالية بشكل أدى إلى نشوء حالة من التقدير والثقة تجاهه وأتاح له إمكانية التأثير والضغط على وزارة المالية، ما أدى إلى تعديلات في الخطة وإضافات مالية جدية لصالح المواطنين العرب. كما نجح عودة بالمساهمة بتنجيع التواصل بين رؤساء السلطات المحلية العربية ووزارة المالية ما أدى إلى نجاح المفاوضات وزيادة الميزانيات للسلطات المحلية العربية.
كنت شاهدا كذلك على الجهود الهائلة التي بذلها عودة من أجل جعل وزارة المالية تدفع هذه الخطة إلى الأمام وتطورها. بنجاحه هذا، نجح عودة بإثبات أمرين يميزان قياديته. الأول، هو أنه جاء إلى العمل السياسي، ليس فقط من أجل أن يحتج أنما ليحدث تغييرا حقيقيا وجديا في مكانة وحقوق المواطنين والمواطنات العرب. والأمر الثاني هو أنه ينجح برصد الفرص في المنظومة البيروقراطية والديناميكية السياسية، ما يتيح إمكانيات للتأثير حول حقوق المواطنين العرب. والثاني، هو أن عودة أدرك بأن من يقف على رأس قسم الميزانيات، في وزارة المالية، هو أمير ليفي وهو موظف كبير ومعني بالعمل على جسر الفجوات الناجمة عن التمييز ويعمل بنجاح أمام الوزارة من أجل إحداث التأثير والمصادقة على هذه الخطة القادرة على إحداث نقلة حقيقية في أحوال المواطنين العرب.
تهمني الإشارة إلى أن هنالك عددا كبيرا من النواب في القائمة المشتركة ساهموا بدعم هذه الخطة وبممارسة الضغوط على الوزارات من أجل انتهاج سياسة تعمق المساواة. علي أن أذكر هنا، العمل المبارك الذي قام به النائبان أحمد الطيبي وباسل غطاس في لجنة المالية، والمتابعة الدائمة منذ بداية المشوار من قبل النواب يوسف جبارين، عبد الله أبو معروف وعبد الحكيم حاج يحيى، لطاقم المفاوضات من قبل اللجنة القطرية والعمل الرائع بل والملهم للنائبة عايدة توما كرئيسة للجنة المساواة الجندرية.
bokra.editor@gmail.com
أضف تعليق