"تعلمت أننا لا نستطيع انتظار أحد لمساعدتنا، هذه ليست طريقة للعيش"، هذه كلمات إسلام جميل ذات الخمس وثلاثين عاماً. ووفقاً لما قالت هذه اللاجئة الفلسطينية من مخيم عايدة بالقرب من بيت لحم: "يجب ان نطوّر أنفسنا."

إسلام التي ترعرعت خلال الإنتفاضة الأولى تعي جيداً أهمية ذلك. ففي عام 1996 و بعد زواجها بفترة قصيرة، قامت القوات الإسرائيلية بإعتقال زوجها أحمد، وقالت "لم أسمع عنه خبراً طيلة ستة أشهر ولم أكن أعلم أين كان يتم احتجازه." مكث أحمد في السجن أربع سنوات طويلة إلى حين تم الإفراج عنه لتلقي العلاج وذلك بسبب اضطرابٍ في مناعته الذاتية. وبعد ثلاثة سنوات من العناية المكثفة بدأ يتشافى ولكنه بقي عاطلاً عن العمل. أما ابنه محمد ذو الثلاثة عشر ربيعاً وترتيبه الثاني بين إخوته الستة فيعاني من حالة من الشلل الدماغي الحاد وذلك بسبب نقص الأكسجين الواصل إلى أعضائه الحيوية عندما كان جنيناً. تقول إسلام: "يحتاج محمد للرعاية على مدار الساعة وطوال الأسبوع" حتى في الأنشطة الأساسية التي يقوم بها كالمشي وتناول الطعام. و لأن أحمد عاطلٌ عن العمل، تصنّف العائلة ممن يعيشون حالة من "الفقر المدقع". ويبقى برنامج شبكة الأمان الإجتماعي لدى الأونروا مصدر الدخل الوحيد حيث توفر لهم الإحتياجات الأساسية من الطعام والمساعدات النقدية.

لن نعيش على التسول

ولكن،إسلام لا ترضى بتلقي المساعدة فحسب، بل أنها مصرّةعلى القيام بدورها لتغيير ظروف أسرتها ومجتمعها. ففي عام 2010 أطلقت إسلام، إلى جانب ثلاثة عشر من أمهات الأطفال العاجزين، مشروع مجموعة نور لتمكين المرأة. وهذه الفكرة بسيطة كالإسم تماماً، حيث أن "نور" بالعربية تعني "الضوء". والفكرة تقوم على دعوة النساء للزوار إلى منازلهم في مخيم عايدة ليتعلموا طهي المأكولات الشعبية الفلسطينية، ويقوم الزوار بدورهم بدفع مبلغ متواضع مقابل درس الطبخ والوجبة، كما ويستطعون شراء كتب طبخ مطبوعة من نساء المجموعة.

عكازات وكراسي متحركة لكل طفل من نور

واستطاعت "نور" بتمويل من مشروعها شراء عكازات وكراسي متحركة لكل طفلٍ على حدى عدا عن التأثير الاجتماعي الكبير لهذا المشروع . حيث تقول إسلام موضحة: "كان الناس سابقاً يخافون من أخذ أطفالهم العاجزين إلى الأماكن العامة فقد كانوا يعتبرون ذلك من المحرمات، ولكن أصبح الناس شيئاً فشيئاً أكثر راحة مع فكرة أن العجز ليس عيباً للطفل ولا للعائلة." وتقدّر أن هناك ما يقارب 50 طفلاً عاجزاً في مخيم عايدة بمن فيهم ابنها، ولكن المخيم لا يقدم الخدمات لأولئك الأطفال.

كانت الأونروا سابقاً توفر العلاج الطبيعي للأطفال والبالغين العاجزين، ولكن بشكل محدود بسبب القيود المفروضة على الميزانية. وقد قامت "نور" بإنشاء نظام دعم حيوي لهذه العائلات والذي أصبح جزءاً لا يتجزأ من حياة المخيم، بالإضافة الى الصداقات الجديدة التي كوّنتها، .

إسلام في الوقت الحالي هي المنسقة لمشروع "نور"، ويعد بيتها المركز الاساسي لدروس الطبخ. وتعتبر إسلام مشاركتها في المجموعة من أهم إنجازاتها كما وتعمل على توسعة تأثيرها. وتأمل إسلام أن تستطيع دفع مصاريف إكمال تعليم أطفالها من خلال الدخل الاضافي الناتج عن توسعة المشروع، كما وتأمل أن تقوم "نور" بتطوير مركز خاص بها لتأهيل العاجزين.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com