إذا كانت الزيادة السكانية الكبيرة إيجابية لإسرائيل في السابق، فإنها اليوم باتت أمرا سلبيا، إذ تشكل ضغطا كبيرا على المساحة المحدودة، وبداية لتوتر اجتماعي.

ورغم وجود مؤشرات على "خطورة" المشكلة، إلا أن السياسات الحكومية الإسرائيلية تواصل التشجيع على زيادة الإنجاب، وتقديم حوافز للمهاجرين" خوفا من التفوق السكاني للعرب"، حسب خبراء.

ويتركز معظم سكان إسرائيل في منطقة المركز التي تضم تل أبيب ومدن أخرى محيطة بها، في حين أن صحراء النقب التي تشكل نصف مساحة البلاد تعد شبه خالية.

أرقام مكتب الإحصاء الإسرائيلي تشير إلى أن عدد السكان وصل إلى 8.4 مليون نسمة، ما يعني أن عدد سكان الدولة العبرية تضاعف 7 مرات منذ تأسيسها.

ويتوزع السكان بين 6 ملايين و250 ألف يهودي، ومليون و700 ألف من العرب، بالإضافة إلى364 ألفا يصنفون "آخرين".

واحتلت إسرائيل المرتبة الأولى في عدد المواليد في الدول الصناعية.

وتنجب المرأة الإسرائيلية ما معدله 3 أطفال، ما يعادل ضعفا معدل الخصوبة في بقية الدول الصناعية، لكن المرأة الفلسطينية تتفوق عليها، وتنجب في المتوسط أربعة أطفال.

وتمنح الحكومة مزايا مثل علاوة رعاية الطفل والإعفاء من المصاريف المدرسية من سن ثلاث سنوات، ودفع تكاليف أربع مرات علاج للتخصيب الصناعي في السنة.

كثافة عالية

ووصلت نسبة الكثافة السكانية في إسرائيل إلى 350 شخصا للكيلو متر الواحد، وهو رقم كبير، وفي بعض المناطق مثل المركز (تل أبيبي وضواحيها) والقدس، إلى 1500 شخص في الكيلومتر الواحد.

لكن للزيادة السكانية وجه آخر، يتمثل في تداعيات سلبية اقتصادية واجتماعية .

ويقول آلون تال الأستاذ في معهد دراسات الصحراء في جامعة بن غوريون، مؤسس حزب الحركة الخضراء لوكالة "رويترز": "إسرائيل على الطريق إلى كارثة تتعلق بالبيئة والجوانب الاجتماعية ونمط المعيشة لأنه مع ازدياد كثافة السكان يصبح المجتمع أكثر ميلا للعنف ويعاني التكدس ويشعر سكانه بعدم الارتياح للعيش فيه وليس فيه متسع لأي كائنات سوى البشر".

من ناحيته، أوضح آري بالتيل، عالم الجغرافيا السكانية في مكتب الإحصاءات، أن إسرائيل "ستفلس" ما لم تتغير مستويات التوظيف والمساهمات في أموال الضمان الاجتماعي.

وخلق النمو السكاني المتزايد نقصا في أغلى موارد إسرائيل وهي الأرض والمياه، لكن الحكومة تبحث دائما عن حل سهل، بحسب تامي جانوت المحامي لدى اتحاد إسرائيل لحماية البيئة.

ولتخفيف أزمة المياه استثمرت إسرائيل مليارات الدولارات في محطات التحلية، لكن هذه المحطات تستهلك كميات كبيرة من الطاقة والأرض.

كما لجأت الحكومة إلى تسريع إجراءات الموافقة السريعة على تراخيص البناء، التي يقول منتقدون إنها ستتجاهل المخاوف البيئية.

وتشير دراسة إسرائيلية نشرت حديثا إلى أن نسبة الزياد السكانية لدى "الحريديم"( اليهود المتزمتين) مرتفعة للغاية، وتصل إلى 3.1%.

ولهذا الارتفاع الكبير في المواليد تداعيات كبيرة على المجتمع الإسرائيلي، إذ إن نسبة مشاركة "الحريديم" في سوق العمل منخفضة، وتتكلف الدولة ميزانية ضخمة لتغطية تكاليف معيشة هذه الفئة، وذلك على حساب فئات أخرى مثل العلمانيين والعرب، بحسب ورقة بحثية نشرها مركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية" مدار".

وأوضح عساف جيبا كبير الاقتصاديين في وزارة المالية أنه إذا لم يتم إجراء تعديلات مثل رفع سن الإحالة للمعاش وزيادة معدلات التوظيف بين اليهود المتشددين والعرب، فإن عبء الديون سيقفز إلى 88% من إجمالي الناتج المحلي بحلول عام 2059، من 65% عام 2022.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com