اختارت محافظة قلقيلة شمال الضفة الغربية ثمرة الجوافة لتتربع على عرش انتاجها ملكة متوجة، لترسل 75000 شجرة جوافة في قلقيلية عبقها النفاذ عبر الاجيال.

ويقدر المهندس الزراعي محمد عصيدة مساحة اراضي محافظة قلقيلية المزروعة بالجوافة بـ1500 دونم، بقدرة انتاجية تبلغ 3 – 3.5 طن جوافة لكل دونم أي حوالي 300– 350 كرتونة. وبمتوسط حسابي قدره 40 شيقلا للكرتونة، نجد ان دخل قلقيلية من انتاج الجوافة يبلغ 18 مليون شيقل في الموسم الواحد.

ويشير عصيدة، كغيره من العاملين بمديرية زراعة قلقيلية، إلى ان التكاليف التشغيلية للدونم الواحد تبلغ حوالي 2000 شيقل في الموسم تتضمن تكلفة الري والاسمدة واجرة القطاف والكرتون والعبوات البلاستيكية والكمسيون الخاص بالحسبة، وبخصم التكاليف من المبيعات تصبح الانتاجية الربحية من الدونم الواحد المزروع بالجوافة حوالي 10 آلاف شيقل في الموسم، والربح الصافي لمزارعي قلقيلية بالمجموع حوالي 15 مليون شيقل.

فضل البيئة

يوجد في قلقيلية اجود انواع الجوافة في الوطن من حيث المذاق والنكهة والحجم وذلك بسبب توفر الظروف البيئية المناسبة جدا لشجرة الجوافة حيث يسود المناخ شبه الساحلي، وشجرة الجوافة من الاشجار الاستوائية حيث الرطوبة العالية وتوفر المياه والحرارة وخبرة المزارع في شجرة الجوافة وكيفية العناية بها حيث تعايش معها منذ الخمسينيات بالقرن الماضي وهي الفترة التي بدأ ابناء قلقيلية في حفر الآبار الارتوازية.

وأنواع الجوافة في قلقيلية ثلاثة هي الشواطي والغبرة والجوافة المصرية، وأمراض الشجرة بشكل عام ليست كثيرة وان كان اهمها العناكب والذباب.

ويقول المزارعون ان المكافحة الفردية غير مجدية ولا بد من خطة مكافحة جماعية بتوزيع المصائد للحشرات وتوفير ورش المبيدات المناسبة بمواعيدها وبشكل شامل من اجل الحد من انتشار العدوى من ارض لأخرى.

ويقول المزارعون ان الثمرة لا تتحمل البقاء لفترة طويلة على الشجرة بعد نضجها، وتظهر هذه المشكلة واضحة للمزارعين خلف الجدار الذين يتعرضون لمشاكل البوابات والتصاريح، بالاضافة الى تعقيدات وصولهم لاراضيهم والمرتبطة بمزاجية الجنود على البوابات وتوتر الوضع السياسي مثلما حصل بتدني الاسعار خلال فترة استحقاق ايلول حيث هبط سعر الكرتونة من 60 شيقلا الى 30 – 40 شيقلا.

كما يشتكي المزارعون من عمليات التفتيش التي يقوم بها جنود الاحتلال على الحواجز المبثوثة على بوابات الجدار، ويقولون ان التفتيش يؤذي الثمار لانها لينة “وقصيرة روح”.

السوق والتصنيع

وكانت وزارة الزراعة وزعت 6000 شجرة جوافة في قلقيلية خلال العام الماضي، وبدا ان الاهتمام الرسمي بهذا المنتج بدأ يأخذ مجراه إلا ان المزارعين يطالبون بما هو أكثر من ذلك.

يقول المواطن محمد ابو زيد ان على السلطة ان توفر اسواقا خارجية لتسويق الجوافة “خاصة مع التوجه القوي جدا من قبل المزارعين لزيادة المساحات المزروعة بشجرة الجوافة، وهذا ما تثبته رؤيتي للأسواق الحالية وكثرة المزارعين الذين ينزلون بضائعهم على السوق من الجوافة”.

ويضيف ابو زيد: “ما المانع من انشاء مصنع لعصير الجوافة وتوفير ثلاجات للحد من خسائر المزارع المتوقعة اذا ما كانت ثمار الجوافة (مثلا) غير جيدة... وما هو مهم اكثر مراقبة الاسواق والبضائع المهربة من اسرائيل لحماية المنتج المحلي”. ودعا ابو زيد مزارعي الجوافة الى تشكيل جمعية او نقابة تعنى بشؤونهم.

تنكيل الاحتلال وألاعيب تجار الجملة

ويشتكي مزارعو الجوافة في قلقيلية من تنكيل الاحتلال بهم وبقدرتهم على الوصول لمزارعهم خلف الجدار، ومن ألاعيب تجار الجملة.

يقول المزارع سامي أبو محمد: “لدي أكثر من ألفي شجرة جوافة خلف الجدار، ومثلها من اشجار الخوخ والتفاح والرمان والبرقوق، وأعاني الامرين في الوصول الى ارضي لمتابعة امور مزرعتي منذ بداية الموسم وحتى قطفها، وخاصة للحصول على تصاريح وقصر مدد التصاريح وقلة المرافقين في قطف الثمار، بالاضافة للمضايقات الكثيرة التي اتعرض لها وغيري، لكني بصراحة اعتدت على كل هذه الامور، لأنها كلها بسبب محتل اعرف ما يخطط له، لكن الموجع والمؤلم حقا هو جشع من يسمون انفسهم تجار الجملة والذين لا يتعدون اصابع اليد الواحدة”.

ويضيف: “بدأنا نكتشف انهم يتفقون مع بعضهم البعض على سعر للكرتونة لا يتجاوز 20 شيقلا مثلا لصنف الجوافة الغبرة، و30 شيقلا لصنف الجوافة المصرية، ويثبتون هذا السعر في حسبة قلقيلية. ويقنعون المزارع بعدم نقل بضاعته للحسبة لأنهم سيشترونها من المزرعة، وفي المزرعة يعرضون سعرا أقل بعد ان يكون التاجر وزملاؤه ثبتوا سعرا جديدا، قائلين للمزارع ان سعره اليوم كذا واسأل السوق”.

ويتابع ابو سامي: “حتى من يبيع الكرتون الفارغ رفع السعر من 8 اغورات الى 1.2 شيقل، وثمن العبوات البلاستيكية للكيلو ارتفع من 8 شواقل الى 10 وحتى 12 شيقلا”.

وللحد من تحايل التجار، يطالب محمد الشيخ، الباحث في شؤون الزراعة والاستيطان، وزارة الزراعة بمنح تصريح للنقل والتسويق الداخلي لمن يحمل فاتورة من الحسبة باسم المزارع مصدر الثمار واسم التاجر، حتى وان كانت عملية البيع تمت بالمزرعة.

ويضيف ابو الشيخ: “يجب على الحسبة ان تقوم بتخفيض الضريبة (الكمسيون) الذي تتقاضاه عن المبيعات والذي هو 12 % الى مبلغ مناسب يشجع المزارع على التعامل من خلال الحسبة بالبيع، وعلى السلطة رفع نسبة دعم الزراعة في موازنتها وحماية المزارع من احتكار بعض التجار للسوق فهم يضربون الاسعار سواء بالارتفاع او بالانخفاض حسب حاجتهم من البضاعة”.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com