ظهر في الأسابيع الاخيرة لاعب جديد في المسجد الأقصى المبارك، أربك حسابات الاحتلال، ووضع من جديد قضية الأقصى لتكون القضية الوحيدة التي تتفاعل معها جميع الأعمار من كلا الجنسين، من جيل الطفولة حتى الشيخوخة.

لم يتوقع أحد حجم القوة الداخلية الكامنة في نفوس أطفال الأقصى، ولم يتوقع أحد حجم تفاعل هؤلاء الأطفال مع قضية المسجد الأقصى، وتحرك ونشاط هؤلاء الأطفال في الأسابيع الأخيرة أذهل العدو قبل الصديق.

فتراهم يتواجدون في المسجد الأقصى المبارك من ساعات الصباح الباكر ليدخلوا اليه ويبدؤون مخيمهم الصيفي داخله، ينهلون من علمه ويتبركون ببركته، ويقارعون الباطل من عسكر ومستوطنين. ففي الوقت الذي يلهو ويلعب فيه أطفال العالم في الملاهي وبرك السباحة والجولات والرحلات، أوجد هؤلاء الأطفال لأنفسهم لعبة جديدة، إنها لعبة الكبار، لعبة العظماء، إنها لعبة التصدي لقطعان المستوطنين اليهود المقتحمين للمسجد الأقصى المبارك.

من خلال متابعتي لتحرك هؤلاء الأطفال، لمست فيهم روح التحدي الكبيرة لكل سياسات الاحتلال العنصرية، بدءً من تحدي قواته العسكرية الرابطة على بوابات الأقصى، وانتهاء بالمقتحمين من اليهود والسياحة التهويدية. فأطفال الأقصى ما أن تطأ أقدام المستوطنين المسجد حتى رأيتهم يستنفرون قواتهم وقواهم ويبدؤون بالهتاف "الله أكبر ولله الحمد "، و "بالروح بالدم نفديك يا أقصى"، يرفعون المصاحف في وجه المقتحمين، لا يهابون من عسكر ولا قوات جيش ولا مخابرات، وقسم آخر منهم يقومون بإغلاق الطريق في وجه المستوطنين بالحجارة وبراميل النفايات حتى يمنعونهم من التقدم في باحات المسجد أو الوقوف في ساحة باب الرحمة في الجهة الشرقية للمسجد الاقصى المبارك.

عقولهم نيرة وقلوبهم مليئة بحب الأقصى، يفكرون ويبتكرون النشاطات والفعاليات التي تغيظ أعداء الأقصى، فها هم يقومون برفع الحصر ليغطوا قبة الصخرة عن أعين المستوطنين وكأنهم يقولون لهم أننا لن نسمح لكم بتدنيس طهر قبة الصخرة حتى بأعينكم. رأيتهم بسواعدهم الغضة وهم يرفعون الحصر في تحد واضح لكل عنجهية الاحتلال وصلفه، ولسان حالهم يقول اننا رضعنا حب الأقصى منذ صغرنا ولن ترهبنا عسكريتكم ولا قواتكم، وسنبقى على العهد حتى يأتي نصر الله تعالى ونحن على ذلك.

ثم ها هم يبتكرون الأفكار الجديدة ويقومون بأداء صلواتهم في ممرات المسجد الأقصى المبارك حتى يعرقلوا جولة المقتحمين من اليهود والسياح الصهاينة، ثم تقف كتيبة أخرى منهم عند أسبلة المسجد الأقصى المبارك تمنع هؤلاء المقتحمين من الشرب من ماء المسجد الأقصى المبارك يقفون بجموعهم حول الأسبلة يحمونها من هؤلاء الغرباء، إنهم أطفال المسجد الأقصى المبارك.

إن أفضل تربية لهؤلاء الأطفال وجودهم في المسجد الأقصى المبارك، إنه المكان الذي يستمد منه أطفالنا بركة المسجد الأقصى، إنه المكان الذي يستمد منه أطفالنا قوتهم وتصقل فيه شخصيتهم ليكونوا بحق الجيل الذي ينصر المسجد الاقصى المبارك.

إنه الاحتلال الذي أراد أن يقتل الطفولة في أبنائنا، وأن يقتل فيهم الروح ويزرع في نفوسهم الوهن والخوف والذل. لكن وبالرغم من كل سياسات الاحتلال من قتل وتشريد وهدم بيوت ومصادرة بيوت وأراضي، ونشر مناهج تعليمية مزيفة واعتقال ومداهمة، ومطاردة وخنق ونشر للفقر الممنهج ونشر للرذيلة والمخدرات، الا أن هؤلاء الأطفال اثبتوا بما لا يدع مجالا للشك أن كل هذه السياسات هي سياسات فاشلة، وأن المشروع الصهيوني هو مشروع فاشل وغبي، وأن هؤلاء الأطفال الذين خضعوا لكل سياسات التدجين الصهيونية، خرجوا من بين هذا الماء الآسن أكثر قوة وصلابة وأكثر انتماءً للهوية الإسلامية في القدس والمسجد الأقصى المبارك.

إنهم يوجهون رسالة للاحتلال مفادها أنك إن ظننت أنك قمعت الرجال وسجنتهم، أن الطريق سالكة لك من أجل المشي قدماً في مشروعك التهويدي للمسجد الأقصى، فسيخرج لك الشبان الذين يرابطون فيه. وإن ظننت أنك إن قمعت هؤلاء الشبان وزججت بهم في السجون فستخرج لك نساء الاقصى المرابطات فيه، واللواتي كان لهن الدور المبارك في نصرة المسجد الأقصى المبارك في السنتين الأخيرتين. وان ظننت أنك بإبعادك لهؤلاء المرابطات الطاهرات عن المسجد الأقصى المبارك سيخلو لك الميدان، فإنك مخطئ لأن أطفال الأقصى سيكونون بانتظارك. 

المحامي خالد رمضان زبارقه

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com