تُعرفُ قبة الصخرة على مر التاريخ بأنها إحدى الشواهد التاريخية على العمارة الإسلامية، وأبدعْ ما صنعت يدُ المهندس المعماري المسلم في العهد الأموي، ويبدو أن إبداعات المهندس المسلم لم تُعدمْ بزماننا هذا.

وفي ظل عدم تمكن الشباب العربي والفلسطيني من زيارة القدس والإطلاع على معالمها، صمم المهندس أحمد الشرفا وزملائه محمد أبولبدة وعمرو العلمي فيلمًا ثلاثي الأبعاد يحاكي المظهر العام لقبة الصخرة.

ويتناول الفيلم القصير والذي أطلقوا عليه "ملكةُ الجمال"؛ معالم مصلى قبة الصخرة؛ كأحد أبرز معالم المسجد الأقصى، راصدين تاريخ بنائها وأهميتها وكذلك هندستها وزخرفها واهتمام الخلفاء والسلاطين بها.

وركز الفريق في أول عمل له على قبة الصخرة لكونها أشهر معالم الأقصى، وهي رمز إسلامي يوحي بالمهابة والرهبة على الناظر إليها، ولتصحيح ما يعتريها من مغالطات، كما يقول قائد الفريق الشرفا.

تصحيح للمعلومات 

وأضاف لوكالة "صفا" "نريد أن نصحح الفكر الخاطئ حول المسجد الأقصى؛ فما يزال الكثير من الناس يعتقد أن قبة الصخرة أو الجامع القبلي هو الأقصى"، عادًا العمل من باب نصرة الأقصى ومؤازرة له.

ويطلق اسم المسجد الأقصى على كامل المساحة داخل الأسوار والبالغة 144 دونمًا، وتضم قبة الصخرة والمسجد القبلي والمسجد المرواني وغيرها.

وتربعت قبة الصخرة قبل أيام على قائمة المعالم المهيبة التي تعدها شبكة "سي.أن.أن" وتنصح بزيارتها قبل انقراضها أو التدمير.

عيون في القدس

ووجد الشرفا وفريق عمله صعوبةً في بداية عملهم؛ فهم لم يزوروا القدس مطلقًا، ولم يصلّوا بالمسجد الأقصى؛ مما دعاهم للاستعانة بنشطاء مقدسيون، ورسائل علمية موثقة متعلقة بالمسجد.

ووفر الفريق معلوماته التاريخية الواردة بالفيلم من خلال شبكة الإنترنت ورسالة ماجستير للباحث المهندس خالد عيسى والتي تتحدث عن قبة الصخرة.

واستعانوا للحصول على الصور التي تبين معالم المسجد الأقصى بدقة؛ بناشطة مقدسية تكنى بـ"اليتيمة"، والناشط يوسف سياج عبر "فيسبوك"، والذيّن وفرا صورًا متعددة ومن زوايا مختلفة، ويقول الشرفا: "كانا بحق أعيننا في القدس".

وأضاف "حكايتنا مع القدس، حكاية عشق المرابط والصامد، وروح ساكنها وبانيها، نحن منها وهي منها، ونسأل الله أن نراها قريبًا رأي العين".

وأكد "أن الاحتلال وإن نجح بإبعاد الأجساد عن القدس فإن أرواحنا مرتبطة بها، وقلوبنا تحفظ الاقصى عن ظهر قلب.

مشروع قُبة

ويعد العمل باكورة أفلام تتبع لمشروع "قُبة"، والذي يهدف إلى تكوين مكتبة كاملة عن الأماكن الدينية والأثرية لتعزيزها لدي العرب والفلسطينين.

ويقول الشرفا: "جيل الشباب اليوم في قطاع غزة محروم كليًا من زيارة المدن الفلسطينية، ورغم القراءة والمتابعة عن معالم وتفاصيل القدس إلا أن هناك الكثير من النقاط المجهولة، والأفلام ثلاثية الأبعاد يمكن أن تجلي هذا المجهول".

وتمثلت أبرز الصعوبات التي واجهت الفريق، في عدم توافر أجهزة خاصة للتصميم ثلاثي الأبعاد، مبينًا أنه صُمم بأجهزة متواضعة وغير مخصصة لتلك الأعمال.

وأشار إلى أن فريق العمل استغرق نحو ثلاثة أشهر في تصميم الفيلم ليخرج بشكله النهائي، "حيث كنا نجاري الزمن لإنجاز العمل في شهر رمضان".

مكتبة ثلاثية الأبعاد

ولم تقتصر جهود الفريق على "ملكة الجمال"، بل يجري إعداد فيلم عن "الجامع القبلي"، متضمنًا الحقب الزمنية المختلفة التي مر بها، وسيُجهز بعده فيلم كامل عن المسجد الأقصى؛ ليكون مرجعًا لكل ما بداخل أسواره.

ويطمح الفريق إلى إنشاء مكتبة ثلاثية الأبعاد تضم كافة المعالم الدينية والتاريخية الفلسطينية، لتعريف الفلسطينيين والعرب بحضارتهم وأرضهم، وبالإرث الفلسطيني الضارب في جذور التاريخ.

ويأمل الفريق إيجاد وحدة متكاملة للوسائط المتعددة على الصعيد المحلي، لتقديم صناعات وأعمال حقيقية في هذا المجال، وتنافس على الصعيد العالمي.

وأبدى العديد من رواد صفحات التواصل الإجتماعي إعجابًا وفرحًا في الوقت نفسه بإبداعات الشباب في غزة، آملين أن يلاقوا الاهتمام والعناية الكاملة بهم.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com