في مثل هذا اليوم تعيدنا الذاكرة إلى مشاهد أشلاء الشهداء المقطعة، وقصف المنازل على ساكنيها، ونزوح الآلاف من المواطنين على مراكز الإيواء في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا"، وقصص وحكايا كثيرة يندى لها الجبين وهي من ستكون شاهدة على إجرام الاحتلال في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي.

في الثامن من تموز/يوليو2014 شنت إسرائيل حرباً شرسة ضد قطاع غزة، إستمرت لواحد وخمسين يوماً متواصلاً، أستشهد خلالها نحو2500مواطن غالبيتهم من الأطفال والنساء وكبار السن وأصيب نحو11 ألف مواطن بجراح، ودَمر أكثر من 60 ألف منزلٍ بشكلٍ كلي وجزئي، ولازالت آثار العدوان شاهدة على همجية إسرائيل ومجازرها البشعة بحق البشر والشجر والحجر.

المواطن محمد الغولة: بيتي الذي دمر قبل عام لم يجري إصلاحه حتى اليوم

المواطن أبو محمد الغولة دمرت طائرات حربية إسرائية من نوع إف16 منزله المكون من ثلاثة طوبق وسوته بالأرض في حي الشجاعية شرق مدينة غزة يصف ذكريات الحرب بالمريرة والمعاناة الصعبة المتواصلة، رغم مرور عام عليها.

وقال الغولة :"انظر مرّ علينا عام وكأن الحرب لم تنته، كل شيء على ما هو عليه راح رمضان وجاء رمضان وها نحن سنودع رمضان وبيوتنا لم تبنى منها طوبة واحدة، أو حتى إزالة ركامها، فهو ما زال على ما هو عليه".

وأضاف الغولة وهو يشير بيده لآثار العدوان "ما بقي إلنا شيء حسبي الله ونعم الوكيل على إسرائيل وعلى من ساندها من الدول والمجتمع الدولي الظالم، يتفرجون علينا ويتلذذون على معاناة أطفالنا في حرارة الشمس الحارقة وبرد الشتاء القارس".

وتساءل "أين المليارات التي وعدوا بها غزة وبناء ما دمر في الحرب...الناس لا زالت تعيش على الأمل وهي تدرك جيداً أنها وعودٌ كاذبةٌ فقط إنها لإمتصاص غضب الناس...شعبنا صابر صامد حتى لو تخلى الأخ والصديق...أرضنا سنبقى فيها ونعمرها بدمائنا...إن شاء الله".

حمادة انطير: فقدت 3 من أطفالي وبيتي في الحرب

أما المواطن حمادة انطيز (30عاماً)، هدم بيته واستشهد ثلاثة أطفال من عائلته في عدوان2014، قال:في العام الماضي نحن واجهنا حرب شديدة وكانت قاسية على شعبنا في حي الشجاعية في منطقة الشعف تحديداً، عشنا معها في لحظات صمود وتحديات في شهر رمضان الماضي وصمناه".

وأضاف وهو يسترجع فصول العدوان وما قبله وبعده"كنا عايشين في بيت مستور ولكن نتيجة الحرب الإسرائيلية البيت راح فقدناه وفقدنا أيضاً عدد من الشهداء هم أخي وإبن أخي وإبن عمي وخلال هذه الحرب نزحنا عن بيوتنا بعد هدمها إلى المدارس وإلى بيوت الأقارب وسط الحرب والحرارة المرتفعة".

وتابع إنطيز بحرقة واصفاً مشاهد المعاناة في هذا الشهر الفضيل بعد مرور العام الأول من العدوان"الآن ننحن في شهر رمضان ونحن عايشين في داخل خيمة وكرفانات صيف والحر شديد نسأل الله أن يصبرنا في هذا البيت...بيت يتكون من كرفانات وخيم فكيف يكون وضعه أكيد صعب جداً...الحياة البشرية لا تطيق هذا ولكن نحن نأمل من الله أن تقف معنا الجهات المختصة والحكومة في إعادة الإعمار، نحن بحاجة إلى منزل هذه ليست حياة أصلا لبشر فنأمل أن يقوموا باعادة الاعمار أجلاً غير عاجلاً في الوقت القريب".

أوضاع صعبة لأصحاب البيوت المدمرة

ويعاني أصحاب البيوت المدمرة من أوضاع إنسانية صعبة، سيما أنهم يقطنون في خيام و"كرفانات" بيوت متنقلة، بعيد تدمير بيوتهم في العدوان الإسرائيلي الأخير، إضافة إلى أن أهالي الشهداء الذين قضوا في العدوان الأخير يستذكرون أبناءهم في هذا اليوم المشؤوم.

غزة التي تعرضت لحربين سابقتين في عامي 2008 و2012، لم تستفق بعد حتى تدخل في حرب جديدة لا يحمد عقباها، ولكنها وقعت في 7تموز/يوليو وكانت أشرس من سابقتها، من حيث الدمار والشهداء والجرحى، وفي مثل هذا اليوم، تحولت الحياة في غزة رأساً على عقب من حالة سلم إلى حرب، حيث قطع الصائمون الطقوس الدينية في المساجد، والزيارات الاجتماعية، والحركة التجارية، فأغلقت أبواب المساجد خشية استهدافها من قبل طيران الاحتلال الحربي، وأغلقت الأسواق، وتحولت حياة أهالي القطاع من شماله وحتى جنوبه إلى مأساة ومعاناة استمرت 51يوماً.

ففي هذا الشهر الفضيل، افتقد الآلاف من المواطنين في غزة على مائدتي السحور والإفطار آباءهم وأشقاءهم وزوجاتهم وبناتهم وأطفالهم، الذين قضوا في الحرب، التي خرج منها القطاع مدمراً ينتظر الإعمار حتى يومنا هذا، الذي يصادف الذكرى الأولى للحرب.

مطالبات بتفعيل جهود الإعمار

نادية أبو نحلة منسقة قطاع المرأة في شبكة المنظمات الأهلية، طالبت "بضرورة تفعيل كل الجهود لإعادة الاعمار والجهود الدولية وعلى رأسها دور وكالة غوث اللاجئين، وملاحقة المدعي العسكري العام الإسرائيلي وإعادة فتح الملفات التي تم إغلاقها كملفات جرائم حرب".

ودعت أبو نحلة "المجتمع الدولي بالتدخل العاجل لفك الحصار وإعادة الاعمار وحماية المدنيين ومحاسبة الاحتلال على جرائمه بحق شعبنا".
أما عضو المكتب السياسي للجهاد الإسلامي، نافذ عزام، قال في الذكرى الأولى للعدوان:"إن المواجهات مع الاحتلال الإسرائيلي تعددت وتنوعت وكان البطل الحقيقي في المواجهات كافة هو الشعب الفلسطيني الذي صمد وصبر وقدم الكثير من التضحيات العظيمة".

وأضاف عزام "رغم مرور عام على الحرب الإسرائيلية ضد أبناء شعبنا في قطاع غزة وعدم تحقيق النتائج التي يطمح لها شعبنا بعد الحرب إلا أنه ما زال صابراً وصامداً ومرابطاً على الجرح والآلام"، موضحاً "أن الحرب كانت مدمرة وعنيفة لكنها لم تُجبر الشعب الفلسطيني على الاستسلام وظل الأمل قائماً للوصول إلى الأهداف الكبيرة".

وشدد على أن "الصمود والصبر والثبات الذي تمتع به شعبنا أزعج إسرائيل أربك حساباتها واستمرار شعبنا بهذه الصفات الكبيرة سيدفع إسرائيل بلا شك إلى تغير كبير في سياساتها تجاه شعبنا المناضل المكافح من أجل الحرية الكرامة".

عام مضى ولازالت المعاناة لأهالي القطاع تراوح مكانها ولم تحرك ضمائر المتبرعين لإعادة الإعمار قطاع في مؤتمر القاهرة، للإيفاء بالتزاماتهم وتقديم ما كتبوه على أنفسهم أمام العالم، فيما لسان حال المواطنين المنكوبين يقول ما الثمن المطلوب دفعه بعد هذه المأساة لإعادة إعمار ما دمرته الحرب في غزة؟

 

أحببت الخبر ؟ شارك اصحابك
استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com