"علينا أن نعد قواتنا لليوم المصيري، على الجبهة اللبنانية والجبهة الشرقية"، هذا ما قاله رئيس القيادة الشمالية في الجيش الاسرائيلي أفيف كوخافي هذا الأسبوع، ومن الجيد انه قال ذلك.

على الجيش الإسرائيلي أن يستعد لاحتمال هجوم المنظمات السنية – تنظيم الدولة الإسلامية وجماعات مشابهه – على حدودنا من ناحية الأرض التي لا يوجد حاكم فيها والتي أطلق عليها في الماضي إسم سوريا. من واجب الجيش الإسرائيلي أن يستعد لأي سيناريو، ولكن لا لأن يمنح حافزاً للهجوم علينا.

في الأيام الأخيرة، شهدنا نوعاً من الحملة الإعلامية السياسية تطالب إسرائيل بالتدخل لصالح نحو 700 ألف مواطن درزي يعيشون في جنوب سوريا، بالقرب من الحدود مع الأردن. مثل هذا التدخل، في حال تم، لن يكون تحضيراً لليوم المصيري، عندما يهاجمنا العدو، وإنما سيدفع العدو لمهاجمتنا – ولذلك يجب ألا يحدث بأي شكل من الأشكال.

لم يكن هناك أبداً أي علاقة بيننا وبين دروز سوريا. على العكس، كانوا من الأعمدة المركزية لنظام بشار الأسد الشرير، وهم اليوم حلفاء لحزب الله. سمير قنطار المعروف، أرسل مؤخراً من قبل الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله من أجل مساعدتهم على تنظيمهم تحت حماية المنظمة الشيعية.

لا يعقل ان تمنح إسرائيل بالذات أسلحة أو تتدخل لصالح حلفاء حزب الله. في تلك اللحظة سنحول أنفسنا، وبصدق، لأعداء السنة السوريين للأجيال القادمة.

حملة مشابهة انطلقت فوراً عقبت حرب الأيام الستة (حرب عام 1967) عندما قامت جماعة ضغط موالية للدروز واجتمعت حول رئيس بلدية حيفا أبا حوشي، مع مسؤول الدفاع ومواطن درزي إسرائيلي غيورا زايد، لممارسة الضغط على وزير الدفاع موشيه ديان من أجل إعادة دروز هضبة الجولان الذين هربوا الى سوريا. وحقاً، سمح ديان لهم بالعودة الى قراهم. هؤلاء هم دروز الجولان، الذين كانت قيادتهم – وما زالت- معادية لدولة إسرائيل التي أنقذتهم.

في سوريا، العراق ولبنان اليوم يتم إبادة طوائف بأكملها، وسيتم القضاء على المزيد، ولذلك سيتمسكون بأي شيء، حتى يهجرونها وينتقلون الى التحالف المؤقت المقبل - كل ذلك من أجل البقاء. لذلك فإن الغبي وحده سيدخل الى مثل هذا النظام الخائن. لقد تعلمنا درسا، في لبنان: انت تتمسك بإسرائيل طالما لا يوجد أي خيار اخر، لكنك ستهجرها في اللحظة التي تسنح لك فرصة جديدة، ونبقى لوحدنا نعالج جروحنا".

رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق مناحيم بغين رأى المسيحيين في لبنان على أنهم أقلية تتعرض للذبح، وبدأ بمساعدتهم – في بادئ الأمر بشكل سري عن طريق تزويدهم بأسلحة وحتى اجتياح إسرائيلي كامل، وذلك أيضاً من أجل القضاء على المسلحين الفلسطينيين. انتهى الأمر بجيل ضائع قوامه 18 سنة من الحرب ونحو 1000 جندي إسرائيلي قد قتل. وكل ذلك من أجل ماذا؟ من أجل المسيحيين الذين خانونا بسرعة وانتقلوا الى حليفهم المقبل. تعلمنا درسا – هذا هو المستنقع المجتمعي للعالم العربي، ونحن بكل تأكيد لسنا جزءاً من ذلك، ولن نكون جزءاً.

بعض القرى الدرزية في شمال سوريا سقطت في أيدي داعش مؤخراً، والسكان سارعوا الى اعتناق الإسلام من أجل إنقاذ أنفسهم. هذه حسابات شرق أوسطية داخلية، التي ستقضي على نفسها بنفسها، وإلا سنجد أنفسنا في وضع مشابه لصبرا وشاتيلا – حيث يقوم عرب بقتل عرب، في حين يتهم العالم إسرائيل. في حال تدخلت إسرائيل، فإن مسلاط ضوء كبير سيتم توجيهه نحونا وضدنا، وعمليات الذبح السورية ستلتصق بنا بشكل فوري.

مساحة سوريا هو 10 أضعاف مساحة لبنان وهي أخطر بكثير. من واجبنا حماية أثمن أصولنا في وجه الانهيار الإقليمي: عدم تدخلنا. نحن لسنا سنة ولا شيعة، لذلك تم استثناؤنا مسبقاً من هذه الحرب العالمية. عدم تدخلنا وردعنا سيستمران بحمايتنا في واقع مخادع. اليوم المصيري؟ هذا اليوم سيأتي فقط عندما يتم تهديد حدودنا، وليس قبل ذلك.

*الكاتب: د. غاي بيخور - صحفي وحقوقي ومحلل لشؤون الشرق الاوسط.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com