بالتأكيد لا أقصد إهانة ممارسي اللعب الرياضية الأخرى ، هذا سباح أوليمبي أمضى حولا كاملا كي يتمكن من قطع ٥٠ متر سباحة حرة في زمن مقداره ٢١ ثانية عوضا عن ٢٠ ثانية ، يبدأ مرانه اليومي عند بزوغ الشمس في فم السماء، مران اخر في المساء عندما تلتهم السماء ذلك القرص ، يقضي نصف عمره في حوض السباحة حتى لا تستطيع التمييز بين رائحته ورائحة زجاجة الكلوركس ، السباحة لعبة فردية وهو كذلك دوما وحيد فعدد أصدقاءه أقل من عدد الشوارع المرصوفة بالقاهرة .

إذا كان السباحون يقومون بتضحيات كتلك من أجل ما يمارسون من رياضة ، لماذا لا يحتفي العالم بهم ، لماذا لا يعرف ذلك الطفل الذي يتهدل المخاط من أنفه اسم صاحب الرقم الأوليمبي في سباق ١٠٠ متر ظهر بينما هو يحفظ عن ظهر قلب مقاس حذاء كرستيانو رونالدو ؟ نعم ، يستأثر لاعبو كرة القدم بكل شيء .

الوله بكرة القدم هو أمر نفسي محض ، بالطبع هي لعبة ممتعة وسوف نتطرق إلى المتعة التي يتحصل عليها الرجال عند مشاهدتها ولكن ليس هذا هو السبب الوحيد لشعبية جارفة كالسيل.

١- اللعبة تَخَلق رابطاً استثنائياً بين ممارسيها .. هذا طفل كونغولي يلعب الكرة مع أبيه أمام بيتهما في ساحة أحاطتها أعمدة خشبية، يتغذى النمل الأبيض جيداً على تلك الأعمدة ولكن هذا ليس حال أهل الكونغو الذين يقبع معظمهم تحت خط الفقر. لا حاجة لحوض سباحة أو مضرب تنس باهظ الثمن، لذا لا تفرق كرة القدم بين والد ذلك الطفل الذي يعمل بمنجم نحاس على حدود كينشاسا وبين صبية مراهقين ذوي شعر أحمر يتحدثون الإنجليزية في شارع هارلي بلندن، الجميع بإمكانه ممارسة اللعبة، إذا لم يكن ذلك صحيحا فكيف تسنى لدروغبا أن يرفع دوري أبطال أوروبا؟

٢- " في العصور الوسطى امتهن البشر الحروب ، أما الآن وقد زعموا أنهم أكثر تحضراً امتهنوا كرة القدم ."

اللعبة تشبه الحرب إلى حد كبير، تأمل الأسماء التى أعطاها الرجال لخطوط الفرق المتنافسة، خط الهجوم ، قلب الدفاع ، رأس الحربة، عليك أن تبعد العدو عن مرماك وأن تقوم بغزوات من حين لآخر، توضع الخطط والاستراتيجيات، السيطرة على وسط الميدان كما لو كان ثكنة عسكرية، سوف نهجم من العمق ، من الخلف ، من الميمنة ، حرب كاملة بلا دماء تراق وبلا خسائر في الأرواح إذا استثنينا ما حدث في بورسعيد منذ عامين.

٣-" الحياة غير عادلة وغير متوقعة ، كذلك كرة القدم "
ما يميز كرة القدم عن باقي اللعب الجماعية هو عدم إمكانية التكهن بنتائج المباريات، فازت السنغال التي لم يعرفها أحد على فرنسا بطلة العالم في افتتاحية كأس العالم بكوريا واليابان ولكن لا يمكن لأنجولا أن تهزم الولايات المتحدة في مباراة لكرة السلة. أضاع روبرتو باجيو نجم النسخة الخامسة عشر من كأس العالم ضربة الجزاء في النهائي ضد البرازيل، أطاح باجيو بالكرة في السماء وكأنه لم يلعب كرة قدم من قبل، لو جلب الطليان طفلا من تورينو لسدد أفضل من باجيو ولكن هذا لا يمكن أن يحدث في مباراة للكرة الطائرة .

٤- "ميسي"

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com