هل رأيت أي لاعب من فريق نابولي الإيطالي يحمل القميص رقم 10 هذا الموسم أو الموسم الماضي أو قبل الماضي ؟ لا، لم ولن ترى هذا الرقم على قميص الأتزوري النابوليتاني لأنه قميص دييغو أرماندو مارادونا فقط ولا أحد غيره.
إلى حتى الآن يطبع قميص نابولي الذي يحمل الرقم 10 بإسم الأسطورة الأرجنتينية عرفاناً منهم على مافعله مارادونا إلى نادي عاصمة الجنوب الإيطالي "نابولي".

نابولي، التي عانت الكثير والكثير في إيطاليا وصل منها إلى حد العنصرية أن قاطني هذه المدينة ليسوا إيطاليين في الأساس .. شيئ برز في لافتات جماهير الفرق الأخرى عندما يتقابل نابولي مع فرقهم حينها يرفعون "أهلاً بكم في إيطاليا" اللافتة الأشهر.
كل هذا تغير عندما جاء دييغو، وصل إليهم والفريق المشهور بإسم الـ "بارتينوبي" منهياً موسم 83-84 في المركز الثاني عشر من 16 فريق ويفصله عن الـ 14 آخر مراكز الهبوط نقطتان فقط في موسم عانى فيه نابولي على المستوى الكروي الأمرين.

دييغو احتل معهم فور وصوله المركز الثامن في أولى مواسمه 84-85 وبعده المركز الثالث في موسم 85-86، ليذهب إلى المكسيك مع منتخب بلاده الأرجنتين ويحمل لها كأس العالم هناك في ملعب الأزتيكا ثم يعود .. عاد مارادونا إلى نابولي بتصريح أنه سيحمل الدوري الإيطالي هذا العام.

هذا الأمر لم يتوقعه جميع متابعي كرة القدم في إيطاليا رؤيةً منهم أن مارادونا لا يقدر على فعل ذلك وحده فقط في عاصمة الجنوب الإيطالي .. الجميع رأى أن الاسكوديتو هذا العام سيذهب إلى فريق من فرق يوفنتوس بلاتيني وإنتر ميلان أليساندرو ألتوبيلي.
مارادونا حمل على عاتقيه نابولي ليس الفريق وإنما المدينة بأكملها حتى وصل إلى مباراة فيورنتينا في الجولة 29 من الدوري الإيطالي لكرة القدم "سيريا إي" في سان باولو، الجميع كان يريد أن يحتفل بالاسكوديتو في السان باولو معقل فريق نابولي.

كان نابولي على قمة جدول الترتيب بفارق ثلاث نقاط عن إنتر ثاني الترتيب وأربع عن يوفنتوس الثالث، هذا يعني أن نابولي إذا فاز على فيورنتينا في السان باولو سيحتفل الجميع ويوفي مارادونا بوعده لكل من في المدينة بأنه سيحمل لقب الاسكوديتو هذا العام.

كل من في المدينة أراد الدخول للمباراة، 85 ألف هي سعة الملعب والذي امتلأ عن بكرة أبيه، كارنيفالي أحرز الهدف الأول في الدقيقة 29 لتهتز نابولي كاملةً وليس فقط ملعبها قبل أن يأتي روبيرتو باجيو الشاب اليافع حين ذاك ويسجل هدف التعادل للفيولا.

التعادل كان يقضي على أمال نابولي في حصد الدوري، دقيقتان ومازالت النتيجة تشير إلى التعادل ولكن حدث هرج ومرج في الاستاد وتعالت الصيحات .. لا لا لم يحرز مارادونا أي هدف يعدل به النتيجة لصالح فريقه ولكن جاءت الأنباء إلى أن إنتر قد خسر على يد أتلانتا والسيدة العجوز قد تعادلت مع فيرونا.

الآن التعادل يُنهي المهمة ! دقيقتان انتظرهم كل من له صلة قرابة بالمدينة كقرنين من الزمان .. أنهى الحكم "بييرلويجي بايريتو" اللقاء ليعانق مارادونا السماء برأسه من شدة القفزة احتفالاً بالحلم الذي أصبح حقيقةً الآن.

فرح الجميع في الملعب وفرحت المدينة بأسرهافي مشهد تاريخي لا ينساه قاطني مدينة الجنوب الإيطالي "نابولي" ولو بعد مائة عام.
ولأن مارادونا كان استثنائياً، فإن الفرحة لم تقل عنه .. خرج مشجعو الفريق إلى المقابر حتى يخبرون من أصبحوا تراباً وفتاتاً على ما فاتهم ليعلقوا لافتة على مقابرهم تحمل :"آه لو تعلمون ما فاتكم، مارادونا فعل كل شيئ من لا شيئ".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com