من أروع ما قابلنا امرأة السيدة عبلة سعدات "أم غسان" زوجة الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الأسير أحمد سعدات، سمعنا منها في لقاء جمعنا بها في المطبخ الفلسطيني برام الله، كلمات وفاء لزوجها الأسير..

تقول عبلة سعدات أن زوجها من المناضلين منذ إن كان عمره ست عشر عاما، فخلال فترة زواجها شهدت له عدة اعتقالات فكان له أول اعتقال سنة 1969 لمدة 5 شهور وسنة 1970 اعتقل لمدة 8 شهور وسنة 1973 اعتقل لمدة 3 شهور واعتقل بـ1975 لمدة 45 يوما واعتقل 1976 لمدة 4 سنوات و1985 اعتقل مدة عامين ونصف واعتقل 1989 مدة 9 شهور واعتقل 1992 مدة 3 شهور واعتقل في 2003.

وتقول زوجته ان أبو غسان اعتقل بتهمة التخطيط لقتل وزير السياحة رحبعام زئيفي هو ورفاقه ولكن لم يعترف ولم يعترفوا عليه رفاقه بل وقف أمام المحكمة العسكرية الإسرائيلية تحدث بعبارة قبل أن تحاكمونني حاكموا أنفسكم أصبحت قضيته سياسية وليست قانونية فحكم عليه في المحكمة في سجن عوفر بالسجن ثلاثون عاما.

وتضيف انه الآن معتقل مدة أربع عشر عاما بالرغم انه على حق، تقول عبلة سعدات إنها اعتقلت 1987 لمدة شهرين كانت ثمرة زواجها حينها ثلاث أطفال غسان كان عمره ثلاث سنوات وإباء عمرها سنتان ونصف وابنتها صمود تسعة أشهر فعندما اعتقلت أصبح أولادها لوحدهم وزوجها بالأسر لم تعرف أين تضعهم وهي داخل قضبان الزنازين فجسدها داخل المعتقل وقلبها وعقلها مع أطفالها فتعتبر عبلة أن هذا الموقف من أصعب المواقف. ومن المؤسف أكثر عندما جلبت المربية ابنتها صمود لتراها أمها عبلة لم تقبل صمود أمها وهي مكبلة لم تعرفها حينها أجهشت عبلة بالبكاء لهذا الموقف الصعب فطلبت من السجان أن يتركها لأجل أطفالها لكن شيطنة إسرائيل رفضت ذلك.

وتعمل عبلة سعدات، أم غسان، كموظفة، وكناشطة نسوية في اتحاد لجان المرأة، وهي ترى في نشاطاتها وعملها رسالة إنسانية عامة، خاصة أنها استطاعت أن تخرج من الحالة الفردية إلى القضية العامة، ومن أجل الصالح العام يصبح الخاص من الصغائر.

سنوات الاعتقال الطويلة

وحول كيفية مرور الأعوام الطويلة على اعتقال أحمد سعدات وعدم التواصل معه بشكل دائم قالت أم غسان: "كانت المرحلة طويلة كثيرا بأحداثها ومجرياتها، 13 عاما، 4 لدى السلطة و 8 لدى الاحتلال.

وزادت: "خلال اعتقاله لدى السلطة كان بيننا اتصالات مستمرة، وكان يرى الأولاد ويتواصل معهم بشكل مستمر ويتابع نموهم، ولكن في الثمانية سنوات الأخيرة كانت صعبة للغاية، فمنها ثلاث سنوات في العزل الانفرادي".

وأوضحت سعدات أن تلك الفترة كانت من أقسى فترات اعتقاله، ولكن بعد انتهاء العزل وبعد الإضراب وفك عزل الأسرى كانت هي الوحيدة التي تزوره بسبب حملها للهوية المقدسية إضافة إلى نجلهم غسان، وهو الوحيد من بين إخوته المسموح له بزيارته، حيث لم يزره أيّ أحد منهم منذ وقت طويل.

وتسرد أم غسان قصص الحياة الصعبة خلال فترة غياب زوجها قائلة: "كانت الحياة صعبة جدا بعدم وجود أبو غسان حيث حدثت الكثير من الأحداث التي كنا فعلا بحاجة له فيها، فمثلا كان أبنائي في الجامعة وتخرجوا من الجامعة ولم يكن والدهم متواجدا معهم، ونجلي "يسار" كان في المدرسة وأنهى دراسته، وكما تعلم في مثل هذه الفعاليات يحتاج الأبناء والأهل لوالدهم لكي يكون معهم".

وكانت أهم الحوادث التي مرّت على العائلة خلال زواج غسان وشقيقته إباء، حيث لم يحضر والدهم الأعراس، وقالت الأم إن أقسى هذه التجارب كانت ابنها البكر غسان، إذ إنه الابن الأكبر، فكانت التجربة صعبة جدا.

وأكملت "كنت وحدي خلال تلك الفترة، وأما عائلة زوجي فكانت صغيرة وجميعها موجودة في الأردن، فشقيقه قد استشهد على يد الاحتلال، ووالده ووالدته توفيا أيضا، ولا يوجد أي شخص من عائلته في فلسطين".

لكن أم غسان تقول إنها تُسلي نفسها، وتقول: "أؤمن أننا وجميع عائلات الأسرى الفلسطينيين نعيش في نفس الظروف، وهذا مما قد يخفف الألم قليلا، أننا لسنا الوحيدين الذين يعانون ويعايشون هذه التجربة".

المحامون يحملون رسائل منه واليه!

وتتحدث غسان عن لغة التواصل بين أحمد سعدات وعائلته، فتقول: يتم تواصلنا عن طريق المحامي، فهناك أكثر من محامٍ يزوره، محامي وزارة الأسرى ومحامي نادي الأسير، ومهمة المحامي أن يطمئننا على صحته وبالمقابل نطمئنه على أحوالنا، وحتى المحامي الموكَل بلقاء زوجي، لا يمكنه أن يوصل جميع الاحتياجات لأحمد، اللهم إلا حساب الكانتينا "بقالة السجن".

"بالنسبة لنا كلمة "صمود" تعني الكثير، فصمود هي ابنتنا العزيزة، التي تعلمت من والدها معنى الصمود والصبر... هكذا تعلم أبنائي من والدهم الصمود والقدرة على التحمل".

وتضيف سعدات: نعرف انّ لدينا عدوًا مشتركًا غاصبًا، لا يعرف الإنسانية ولا الحقوق الشرعية، أحمد ظرفه صعب وقد عانى الكثير ولا يزال، لكنّ كما هو كذلك، لدينا قناعاتنا بعدالة قضيتنا وبإرادة شعبنا، وبالإيمان لانتزاع الحق.... زوجي اعتقل منذ العام 2001، وهناك زوجات حُرمن من رؤية أزواجهن منذ عشرين وثلاثين عامًا، تظل الحياة صعبة لكنها مستمرة، ولا بُدَ لليلِ الظلم أن يزول، هذه هي مبادئنا التي تعطينا القدرة على التحمل والتواصل، وأنا أسير في نفس الدرب الذي سار به زوجي على أمل بزوغ فجر الحرية.

رسائل سعدات إلى العالم وشعبه

وعن الرسائل التي ينقلها سعدات للعالم عبر المحامين وعبر زوجته أم غسان، تقول إن سعدات يطالب دائما بضرورة إحداث ضغط شعبي فاعل على طرفي الانقسام من أجل تنفيذ استحقاقات المصالحة الوطنية الداخلية، وتحويل منظمة التحرير الفلسطينية إلى جبهة وطنية ديمقراطية عريضة تشمل كل ألوان الطيف السياسي الفلسطيني، بالإضافة إلى ضرورة فك الارتباط مع الاحتلال، وبشكل خاص التنسيق الأمني.

وتقول عبلة إن سعدات في رسالة زوجها تقول على دعوته لإطلاق طاقات شعبنا الكفاحية وفق خطة وطنية شاملة لإدارة الاشتباك الميداني ضد الاحتلال، وتركيز الجهد السياسي الدبلوماسي في إطار إدارة الاشتباك السياسي مع الاحتلال في المحافل الدولية، بالدفع نحو تطبيق قرارات الشرعية الدولية وإدانة السياسات الكولونيالية الاستيطانية الاستعمارية العنصرية للاحتلال، وتفعيل برنامج المقاطعة الاقتصادية عبر تفعيل لجان المقاطعة الوطنية في الداخل، ومتابعة ملف محكمة الجنايات الدولية لمساءلة ومحاكمة قادة الاحتلال السياسيين والعسكريين على جرائمهم بحق شعبنا،ووضعهم تحت طائلة القانون الدولي والإنساني.

قالت إن زوجها يرفض فكرة الإفراج عنه في صفقة للأسرى ناتجة عن مفاوضات مشروطة مع ، وأنَّ زوجها قال لها في آخر زيارة له في سجن "جلبوع": "لا يمكن أن أخرج بمفاوضات مشروطة"".

وأضافت "لا أقبل أن يكون ثمن حريتي عدة أمتار من أرض فلسطين التي ناضلنا من أجلها واعتقلنا من أجلها، أو لأجل تمديد عمليات الاستيطان، أنا أرفض أن أكون حرّاً مقابل بناء عدة كيلومترات من المستوطنات أو حتى بناء بيت واحد للمستوطنين".".

ولا تخفي سعدات تفاؤلها الكبير خصوصا في ظل الحديث عن وجود أسرى لدى المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، ويمكن أن تحدث عملية تبادل مع إسرائيل وتقود إلى إطلاق سراح أسرى ممن يقبعون في سجون الاحتلال الإسرائيلي وبينهم زوجها.

لمن لا يعرف أحمد سعدات

- ولد أحمد سعدات عبد الرسول في مدينة البيرة عام 1953، لأسرة مناضلة هُجرت من قريتها الأصلية دير طريف عام 1948 إثر الاحتلال الإسرائيلي.

- تخرّج من معهد المعلمين في مدينة رام الله عام 1975 - تخصص رياضيات.

- التحق سعدات بصفوف العمل الوطني في إطار العمل الطلابي منذ نعومة أظفاره، بعد هزيمة حزيران عام 1967 وفي عام 1969 انضم لصفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

- اعتقل لأول مرة في شباط عام 1969 لمدة ثلاثة شهور، ولم تمض شهور قليلة حتى أعادت إسرائيل اعتقاله للمرة الثانية في نيسان من العام 1970 وأمضى 28 شهراً في السجون.

- في آذار عام 1973 اعتقل وأمضى 10 أشهر، وأعيد اعتقاله للمرة الرابعة في أيار 1975 لمدة 45 يوماً، وفي أيار عام 1976 أعتقل للمرة الخامسة وسجُن 4 سنوات.

- اعتقل مرة أخرى في تشرين الثاني 1985 لمدة عامين ونصف، وبعد اندلاع الانتفاضة الأولى اعتقل في آب عام 1989 أعيد اعتقاله للمرة السابعة فأمضى في الاعتقال الإداري 9 أشهر. وفي المرة الثامنة أعتقل عام 1992 لمدة 13شهراً أمضاها في الاعتقال الإداري أيضاً.

- سجنته السلطة الفلسطينية ثلاث مرات ، في كانون أول 1995 ، وفي كانون الثاني 1996 وفي آذار 1996.

- تقلد سعدات مسؤوليات متعددة داخل السجون وخارجها ، وانتخب عضواً في اللجنة المركزية العامة للجبهة في المؤتمر الرابع عام 1981، وفي المؤتمر الخامس عام 1993 أعيد انتخابه لعضوية اللجنة المركزية العامة والمكتب السياسي أثناء وجوده في المعتقل الإداري، وأعيد انتخابه لعضوية اللجنة المركزية العامة، والمكتب السياسي في المؤتمر الوطني السادس العام 2000.

- بعد اغتيال أبو علي مصطفى، تم انتخاب سعدات في تشرين الأول عام 2001، كأمين عام للجبهة الشعبية.

- في الخامس عشر من كانون ثاني عام 2001 تم اعتقاله هو ورفاقه في سجن أريحا تحت وصاية أمريكية بريطانية، ليُنقل عام 2002 إلى السجون الإسرائيلية

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com