نعلم جميعنا أن الأشهر الأولى بعد ولادة طفل جديد هي الأكثر صعوبة بالنسبة للأهل. الحديث عن فترة والتي بها لا يزال الطفل الرضيع يبحث عن الطرق للتأقلم مع العالم الخارجي.

إن سألتم غالبية الأهالي فسيخبرونكم أن هنالك مركزين في اليوم يعتبران الأصعب، وهما عادة ساعات ما بعد الظهر حيث يعاني بها الطفل من الغازات وساعات الليل، حيث يستصعب بها الطفل النوم. إلى كل هذه الأمور ينضم تعبكم انتم كأهل – ليس من السهل البقاء مستيقظين ليلا مع الطفل بعد أن اعتنينا به يوما بأكمله، أو عندما يتوجب النهوض في صبيحة الغد إلى العمل، خاصة إذا كان طفلكم يبكي وغير قادر على فعل شيء.

كيف يمكننا إذا تسهيل الأمور ومساعدة طفلنا في مواجهة هذه الظواهر؟

لنبدأ بالغازات , الأوقات التي تحدث بها الغازات ليست أوقات سهلة. يمكن أن يحدث هذا فجأة في وسط الطريق، ويرافقه البكاء الشديد ومن الصعب إسكات الطفل. باللغة المهنية هذا يسمى كوليك- ويتطرق الكوليك إلى ظاهرة نوبات أوجاع البطن، التي تظهر عادة فجأة، ويرافقها البكاء الشديد والمتواصل.

الكوليك هي ظاهرة شائعة في الأشهر الأولى من عمر الأطفال، حيث يوجد أطفال حساسين جدا. تبدأ هذه الظاهرة عادة في الأسابيع الـ 3-6 الأولى من عمر الطفل، وتزول بعد سن 3 أشهر. إن كان الطفل يبكي بشكل مبالغ به بعد هذا الجيل، فيجب أن نفحص ما إذا كان الحديث عن مشكلة صحية أخرى.

يظهر الكوليك عادة فجأة في ساعات ما بعد الظهر أو المساء، يرافقه البكاء الشديد والمتواصل وحتى انه يمكنه الاستمرار لعدة ساعات، إلى أن يصبح الطفل مرهقا. وكما يبدو فان إخراج البراز أو الغازات يساعد في التخفيف من حدة الأمر.

كيف نميّز الكوليك؟

التعريف المهني هي عندما يبكي الطفل المعافى لأكثر من 3 ساعات يوميا، أكثر من 3 أيام في الأسبوع، لمدة أسبوع واحد على الأقل. علامات خارجية أخرى يمكنها أن ترافق الظاهرة وتشمل وجه محمرّ، بطن منفوخ، أرجل مشدودة باتجاه البطن وكفات اليدين مضمومة.
سبب الظاهرة غير معروف، إلا أن لدى بعض الأطفال يبدو أنها قد تتعلق بـ: الجوع، ابتلاع هواء إلى المعدة والأمعاء، الإطعام المفرط والحساسية للطعام.

كيف يمكن التخفيف من ظاهرة الكوليك؟

لا يوجد للكوليك علاج معرّف وناجع، يمكن محاولة التخفيف من الظاهرة بواسطة:
جعل الطفل ينام بحيث يكون بطنه على فخذ الشخص المعالج، تدليك الظهر السفلي للطفل، حمام دافئ أو وسادة دافئة أو قنينة ماء دافئة ملفوفة بمنشفة، تغيير روتين الإطعام، والحرص على إخراج الهواء من حين لآخر أثناء الإطعام، يجب تجنب الإطعام المفرط أو إنقاص الطعام، الهز الخفيف بواسطة الجلوس مع الطفل على كرسي هزاز، السفر بالسيارة مع إجلاس الطفل في كرسي الأمان وإسماعه الموسيقى الهادئة .
الظاهرة الثانية هي البقاء مستيقظين خلال الليل، والنابعة من عدم هدوء الطفل وأحيانا بسبب بكائه أيضا... من المهم أن ندرك أن في هذه فترة لا يزال الجهاز الهضمي لدى الطفل حساس جدا ويتطور ببطء، وطفلنا لا يتقن الكلام بعد وليس من الواضح بعد ما يحصل له. لذا نجد أنفسنا نخمّن... أحيانا يبدو لنا انه جائع، إلا انه عمليا يشعر بالشبع، وعندها نقوم بالإثقال على معدته بالطعام الأمر الذي يسبب له عدم الراحة، ومن جهة أخرى يكون أحيانا جائعا ونعتقد انه قد "أكل كفاية" – ولا شك أن هذا مربك. من المهم أن ندرك انه يتطلب الطفل الوقت ليفهم متى هو النهار ومتى الليل.

تعالوا نرتّب الأمور إذا:

ينام الطفل في الأيام الأولى لساعات كثيرة، وطالما أن وزن الطفل جيد فلا حاجة إلى إيقاظه. إن كان وزنه منخفضا سيطلبون منكم إيقاظ الطفل لإطعامه كل 3-4 ساعات. بعد عدة أسابيع يمكننا البدء بعمل جدول يومي، وهذا يعني انه في الصباح وخلال النهار سيكون في غرفة بها إضاءة وغير مظلمة، ولا مشكلة أن تكون حوله ضجة ، وبالطبع الخروج إلى نزهات في الخارج. إن كان لديه سرير صغير، يفضل نقله من غرفة النوم إلى غرفة الجلوس. عشية المساء ووقت النوم، يمكن التخفيف من الإضاءة، عمل حمّام للطفل ، تشغيل الموسيقى الهادئة – خلق جو لطيف وهادئ للنوم للطفل ليمييز مع الوقت أننا ننتقل إلى "وقت الليل".

بالنسبة للجوع أو الشبع، حاولوا أن تعرفوا وتميزوا متى يشعر الطفل بالشبع ويدير رأسه عن الحلمة أو القنينة وبالمقابل متى يقوم بفتح فمه مرارا وتكرارا كمن يبحث عن الطعام أو يدخل يديه إلى فمه.

بالنسبة للبكاء ليلا وعدم الراحة، خذوا بالحسبان أن عليكم أن تكونوا صبورين وفي الأشهر الأولى ستحملون الطفل كثيرا. في هذه الفترة يمكن التخفيف عن الطفل بواسطة حمله وعدم الخوف من تعويده على عادات غير جيدة. عبر اللمس يهدأ جسم الطفل، يقوم الدماغ بإفراز هرمونات تساعد على الهدوء والاتصال بين الطفل وأهله.

مع مرور الوقت ستكتشفون إن الأمور ستصبح عادية بالنسبة لطفلكم وأيضا لكم. نعم، هنالك ما يستحق الانتظار!

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com