تصادف هذه الايام الذكرى الرابعة لمقتل المخرج والممثل جوليانو مير خميس، على يد مجهولين في جنين، غير أن نتائج التحقيقات التي بدأت قبل أربعة أعوام من قبل الشرطة الفلسطينية وجيش الاحتلال، لم تُعلن بعد.

وتحولت جريمة مقتل مير خميس في حينها، إلى قضية رأي عام، إذ أصدر رئيس الوزراء السابق سلام فياض أمرًا للأجهزة الأمنية بالقبض على المجرمين وتقديمهم للمحاكمة.

وكان خميس، أسس "مسرح الحرية" في مخيم جنين وعمل مديرًا له، وهو من مواليد الناصرة لأم يهودية (الناشطة الحقوقية الراحلة آرنا مير) وأب فلسطيني (الصحافي والكاتب صليبا خميس)، حيث طالما كرر قوله "أنا فلسطيني مئة بالمئة ويهودي مئة بالمئة".

من جانبها قالت لوبا السمري المتحدثة بلسان الشرطة، لموقع "بكرا"، إن التحقيقات لا تزال جارية في هذا الملف، وهي تحقيقات مشتركة ما بين الشرطة وباقي الجهات الأمنية ذات العلاقة، ولغاية المرحلة لا نية لدينا للتطرق لأي من تفاصيل أو مجرياتها.

المواطنون في جنين لا يعرفون أين وصلت التحقيقات

وقال المخرج في "مسرح الحرية" فيصل أبو الهيجا في فعالية لإحياء الذكرى، إنه "لا يعلم في ما إذا كانت التحقيقات في مقتل مير خميس لا تزال مستمرة أم لا، إذ مضت أربعة أعوام على الحادثة دون نشر أي نتائج".

وأضاف أن "قوات الاحتلال اقتحمت المسرح عقب عملية القتل، واعتقلت العاملين فيه، وصادرت ممتلكات مير خميس، من بينها هاتفه وجهاز الحاسوب الخاص به وسيارته، وزعمت أنها شرعت بالتحقيق، لكنها لم تصدر نتائج حتى الآن".

ويرى أبو الهيجا أن "عملية اغتيال مير خميس، تؤكد أنه كان شخصًا مؤثرًا ورسالته في صالح القضية الفلسطينية من خلال الفن هامة جدًا".

بكر: نطالب بتحقيق جدي في الموضوع

من جانبها، قالت المحامية عبير بكر، محامية عائلة المغدور لــ"بكرا"، إنه "مر اربع سنوات على الحادث، ومرارًا طالبنا الجهات الفلسطينية والإسرائيلية بالتحقيق. الجهات الفلسطينية لم تفصح عن أية إجراءات قامت بها أمامنا والخطوات التي اتخذتها للعثور على الجناة أو الجاني، وكل ما قيل لنا إن التحقيق جاري على قدم وساق!".

وأضافت بكر "من ناحية أخرى، ووفقًا لمعلومات من أسرى من الضفة الغربية - تمثلهم بكر- أستخلصنا النتيجة أن السلطة غير معنية بالكشف عن الجناة، لأنه لو كانت معنية لكشفت عن الموضوع منذ مدة، ولتم الكشف عن هوية القاتل".

وأضافت أن "الجانب الإسرائيلي يتعامل مع القضية بنفاق، وعلى مر اربع سنوات، إن لم نكن نحن اللذين توجهنا إليهم لمعرفة مجريات التحقيق وما يجري في هذه القضية، لما اهتموا بعائلة جوليانو، مع العلم أن الجانب الإسرائيلي في كل قضية يُعتدى فيها على مواطن لإسرائيل - يهودي بالطبع- إسرائيل كدولة والشرطة تتخذ تدابير معينة وتمنح إهتمام خاص للعائلة، وكأن الموضوع من الدرجة الأولى، وجوليانو لم يحظى بهذه المعاملة بل تم التعامل معه على أنه فلسطيني قتل في فلسطين.

استهداف غير مفهوم للمسرح

وأوضحت أن "الانكى من ذلك، جهاز الشابك والشرطة الإسرائيلية منغلقين على فكرة واحدة خاطئة، وهي أن القاتل موجود، وهو من أصحاب جوليانو من أعضاء مسرح الحرية، وبدأنا نشعر أن هنالك محاولات حثيثة وبالقوة لأثبات أن القاتل هو من المسرح، وهذا يعكس استهداف غير مفهوم لمسرح الحرية، وهو جريمة أخرى، لم يكتفوا بقتل جوليانو إنما يستهدفون مشروعه ايضًا .

وأضافت أن "كل الاعتقالات التي جرت حتى الآن، والتي علمنا بها من الإعلام ومن المحامين، تم الإفراج عن هؤلاء المعتقلين، ما عدى معتقل أخير الذي نستوضح ما يجري معه، لذلك نحن مستاءون من عدم التوصل لأي نتيجة فعلية بهذا الملف ومستاءون من استهدف المسرح ومن تجاهل العائلة كضحية لهذه الجريمة النكراء، وكأنه لا يوجد مطالبة بمعرفة الحقيقة".

سخط من العائلة على المجتمع وأصدقاء جوليانو

وأضافت أنه "يوجد بعد آخر لغضب العائلة، وهو غياب أي حراك من قبل أصدقاء جوليانو، وأكبر مثال أن اليوم الذكرى الثالثة لإغتياله ولا أحد يهتم في تخليد ذلك، وربما أن هنالك قلة تذكر أن اليوم هو الذكرى الـ 3 للإغتيال، من المؤسف أنه لا يوجد حراك شعبي فني يطالب السلطة الفلسطينية والشرطة بالتحرك، ويجبرها على ذلك، ومن المؤسف ايضًا أن قضية جوليانو أصبحت قضية شخصية وليست محاولة لقتل تضامن وتعايش حقيقي بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

لمن لا يعرف مير جوليانو خميس

وفق المُتعارف العربي والفلسطيني، بل والعالمي، عموماً، هو عربي فلسطيني.. ووفق المتعارف اليهودي، فقط.. هو يهودي.. وفي الحالتين هو إنسان مبدع.

من ناحية الأب، ينتمي إلى فلسطينيي العام 1948، إذ أن والده هو (صليبا خميس)، العربي الفلسطيني.. وبالتالي فجوليانو لا يختلف، من هذه الناحية، بانتمائه وبوضعيته القانونية، عن وضع مليون وربع المليون من العرب الفلسطينيين الباقين في وطنهم، في حيفا وعكا ويافا، في الجليل والمثلث والنقب، كما في مدينة الناصرة، البلدة الأصلية لـ (صليبا خميس) التي عاش ومات فيها.

من جهة أخرى، هو يهودي، أيضاً، إذ أن والدته هي (آرنا مير)، اليهودية التي ولدت في مستوطنة روشبينا (بالقرب من قرية الجاعونة، في قضاء صفد)، قبل أن تولد دولة إسرائيل، ذاتها.. وكان أن انضمت آرنا في شبابها إلى قوات (البالماخ) لتشارك في صناعة نكبة الفلسطينيين عام 1948، قبل أن تنتبه إلى أنها تقف في الموقع الخاطئ.

بعد مرور اربع سنوات على اغتيال جوليانو مير خميس على مدخل مسرح الحرية في مخيم جنين بتاريخ 4 نيسان عام 2011، لا زال القاتل مجهولاً، ولغز الجريمة لم تفكك ملابساته بعد.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com