تمتاز أسواق القدس العريقة في البلدة القديمة بالقدس المحتلة بروعة جمالها وتنوع محلاتها التجارية؛ إلا أنها تمرّ في الوقت ذاته بمرحلة عصيبة في ظل استهدافها من قبل سلطات الاحتلال، والتضييق على السكان فيها وحصار مداخلها.

ويقوم المركز الإعلامي "كيوبرس" بإعداد سلسلة تقارير حول أسواق القدس المركزية ونشرها في أربع حلقات، بهدف التعريف بها من جوانب متعددة وعرض التحديات التي تواجهها في أكثر من إطار.

على بُعد أمتار قليلة من المسجد الأقصى المبارك يقع سوق أثري معماري المبنى، يمتاز بجمال فريد يُعرف بسوق القطانين، وينتهي بدرجات تصل الى البقعة التي بارك الله حولها.

سوق القطانين هو أحد أسواق البلدة القديمة في القدس المحتلة الملاصق للمسجد الأقصى المبارك من جهة الغرب، فيما تمتد حوانيته من الشرق إلى الغرب. وهو سوق مسقوف ينتهي عند أحد أبواب المسجد الأقصى وهو "باب القطانين".

يحتوي السوق في أيامنا على العديد من الحوانيت أبرزها محلات تجارية متنوعة ومحل للعطورات ومحل للألعاب، بالإضافة الى مكتبة علمية ومحلات لتناول القهوة والشاي والعصائر الطبيعية كالجزر والبرتقال، في حين تُطل في آخره القبة الذهبية. ويقع في وسطه حمام يسمى "حمام الشفا"، وعند منتهاه الغربي حمام آخر يعرف بـ "حمام العين"- وكلاهما مغلق حالياً. أما من الناحية الغربية فهناك شارع يوصل إلى دار الأيتام الإسلامية .

زياد أبو سنينة: مبنى في غاية الإتقان وأهل الداخل ينعشون السوق بزيارتهم :

في حديث لـ " كيوبرس " قال زياد أبو سنينة صاحب أحد المحلات التجارية في سوق القطانين: "بنى سوق القطانين الأمير سيف الدين تنكز الناصري في سنة 737هـ/1336م، أي في السنة التي بُني فيها باب القطانين. وهو في غاية الارتفاع والإتقان. ويمتد هذا السوق من الغرب إلى الشرق، وله مدخلان، الأول من طريق الواد جهة الغرب، والثاني يؤدي إلى المسجد الأقصى جهة الشرق".

وبيّن أبو سنينة أن السوق يتكون من عدد كبير من "الحوانيت"، وهي دكاكين متشابهة البناء والحجم تقع في صفين وتحصر بينها ممراً ضيقاً، وتتخلله فتحات لإدخال الضوء والهواء، باستثناء الجزء الملاصق للباب الذي يؤدي إلى المسجد الأقصى مباشرة، وهو مسقوف بطريقة الأقبية المتقاطعة.

"أهلنا في الداخل الفلسطيني ينعشون المحلات التجارية على مدار الاسبوع، وفي يومي السبت والجمعة على وجه الخصوص، وأتمنى أن تبقى زياراتهم دائمة للمسجد الأقصى" أضاف التاجر زياد ابو سنينة.

كما أوضح أبو سنينة أن هذا السوق يعتبر من أبرز الأنماط المعمارية التي تم إنشاؤها في العصر المملوكي في القدس المحتلة، فيما كانت هناك ساحة كان يتم استخدامها في نقل القطن، وكانت فيه غرف استخدمها التجار في عقد صفقاتهم للترويج لأعمالهم التجارية.

فرض إغلاق المحلات لأداء طقوس تلمودية:

التاجر أبو حسين صاحب المكتبة الملاصقة لباب القطانين يقول: "قوات الاحتلال تغلق السوق من الجهة الغربية والشرقية بذريعة تأمين الحماية الكافية للمستوطنين أثناء تأديتهم لشعائرهم التلمودية"، وأضاف أن حافلات البيارق من أهل الداخل الفلسطيني تعتبر الداعم الأول لهذا السوق، حيث تؤثر حركة الزوار بشكل كبير على دعم السوق تجارياً وعلى كافة الأسواق".

أصحاب المحلات في سوق القطانين أجمعوا أن سلطات الاحتلال تجبرهم على إغلاق محال السوق التجارية أكثر من ثلاث مرّات شهريًا بذريعة تأمين الطقوس التلمودية للمستوطنين، أثناء مرورهم من باب القطانين. مضيفين أن الإغلاق يبدأ قبل أربع ساعات من موعد طقوس المستوطنين التي لا تستمر لأكثر من 10 دقائق.

وأصبح 57 محلًا تجاريًا يغلق أبوابه بشكل شبه اعتيادي بحجة الطقوس التلمودية التي يؤديها المستوطنون، ناهيك عن الضرائب ومخالفات البلدية التي تلاحقهم بشكل شبه يومي؛ الأمر الذي أوقف الحركة التجارية نهائيًا وقطع أرزاق التجار كما أفادوا.

ممارسات التضييق التي ينتهجها الاحتلال في الأسواق المقدسية عامة وسوق القطانين خاصة، ومحاولاته المتكررة للاستيلاء على بعض المحال الموجودة فيه، أدت إلى تقييد الحركة التجارية ودفع بعض التجار لإغلاق محالّهم خوفاً من ملاحقة الضريبة لهم.

ويبقى الأمل في تزايد الدعم والتواجد المكثف لتنشيط الحركة التجارية في السوق، وتثبيت أهل القدس في أرضهم الذي لا شك سيساهم في حماية وحفظ المسجد الأقصى المبارك.

تقرير وتصوير صابرين عبيدات/"كيوبرس"

 

أحببت الخبر ؟ شارك اصحابك
استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com