في تاريخ كرة القدم علامات لا تنسى حفرها نجوم فوق العادة ساهموا في كتابة تاريخ الساحرة المستديرة بفنهم الحقيقي الذي ألهم الجماهير وضاعف عشقهم لهذه اللعبة المجنونة التي حيرت الجميع .

من بين هؤلاء النجوم يبرز إسم الأسطورة الايطالي روبيرتو باجيو .. صاحب ذيل الحصان الأشهر في التاريخ البشري بأكمله، اللاعب الذي امتع عشاق كرة القدم بسحره وإبداعه منقطع النظير، وصاحب اللمسة المميزة التي لم ولن تتكرر في الملاعب الايطالية بشكل خاص .

عيد ميلاده الثامن والاربعين 

ويحتفل النجم الايطالي بيوم ميلاده الثامن والاربعين وهو الحدث الذي يتذكره عشاق الكرة الايطالية وفاءاً منهم لنجمهم المفضل الذي يستحوذ على قلوبهم بإختلاف الوان أنديتهم، فاللاعب يعتبر رمزاً لايطاليا بأكملها ولا يقتصر الولع به وبفنونه على عشاق أحد الأندية فقط كما هو حال بعض اللاعبين في عصرنا الحالي .

ولا تخلو مسيرة اللاعب من الأحداث الدرامية التي ضاعفت من عشق الجماهير له، حيث عانى كثيراً لكي يصل إلى عالم الأضواء والنجومية، وحتى بعد أن أصبح واحداً من أبرز نجوم كرة القدم في العالم بأسره عاندته الإصابة التي كانت تعصف بركبته اليمنى من حين إلى آخر، كما أنه كان صاحب اللقطة الأشهر في تاريخ كأس العالم عندما أهدر ركلة الجزاء الحاسمة أمام البرازيل في نهائي مونديال 1994 في الولايات المتحدة الأمريكية .

ربما تحير عشاقه في تصنيفه داخل سجلات كرة القدم .. هل هو الهداف الأسطوري صاحب اللمسة الحاسمة امام المرمى؟ أم أنه صانع الالعاب الخرافي الذي يضع المهاجم بلمسة واحدة وجهاً لوجه مع الحراس؟ أم أنه المراوغ الموهوب القادر على التحكم في الكرة تحت اقدامه متجاوزاً فريقاً بأكمله دون أن يفقدها ؟

لاعب من طراز فريد قل ما تجود الملاعب بمثله، ولو كان عصره في يومنا هذا لما استطاعت ملايين الدولارات التي تنهال على انصاف اللاعبين حالياً أن تفي بقدره وقيمته، لم يغادر الملاعب الايطالية طوال مسيرته حباً وعشقاً لجماهير بلاده .

وفي هذا التقرير نستعرض لكم  مسيرة صاحب ذيل الحصان الأشهر في التاريخ الكروي ..

1- علاقته بتراباتوني


يعتبر البعض الفترة التي قضاها باجيو في صفوف يوفنتوس تحت قيادة جيوفاني تراباتوني هي الأفضل في تاريخه، ثمة تفاهم كبير جمع بين الثنائي وهو ما ساهم بقوة في سطوع نجم باجيو في سماء الكرة الايطالية .

ولكن كما كان لتراباتوني دوراً في صناعة اللاعب كان له أيضاً قراراً مؤثرة أنهى أحلامه عندما قرر استبعاده من تشكيلة الأدزروي المشاركة في مونديال كوريا واليابان عام 2002 رغم تألقه خلال الموسم وتسجيله العديد من الاهداف مع فريقه بريشيا، قرار تراباتوني انهى حلم باجيو في المشاركة خلال أربعة مونديالات متتالية كما أضر بالمنتخب الايطالي الذي خرج من الدور ثمن النهائي في البطولة بعد مردود هجومي متواضع للغاية طالته انتقادات عديدة .

2- مونديال ايطاليا 1990

شارك باجيو في مونديال 1990 والذي استضافته الملاعب الايطالية ويعتبر هو الميلاد الحقيقي للاعب ووثيقة التعارف بينه وبين الجماهير، اللاعب أحرز أجمل أهداف البطولة في شباك تشيكوسلوفاكيا وهو الهدف الأجمل في تاريخ الأدزوري في بطولات كأس العالم على حد قول العديد من المتابعين .
ورغم عدم إعتماد المدير الفني فيتشيني عليه بصفة أساسية إلا أن باجيو كان له لمساته المؤثرة في كل مشاركاته خلال البطولة تقريباً، الامر الذي دفع جماهير الكرة الايطالية إلى القول بأنه هو الأمل القادم للأدزروي في قادم البطولات وانه سيكون قائد الفريق خلال المونديال القادم وهو ما تحقق حرفياً .

3- الكرة الذهبية

في عام 1993 توج باجيو بجائزة الكرة الذهبية كأفضل لاعب في العالم إضافة إلى تتويجه بجائزة أفضل لاعب في أوربا أيضاً، وهو العام الذي شهد تألقه اللافت مع السيدة العجوز وتتويجه بلقب كأس الاتحاد الاوروبي، أداء باجيو في هذا العام تحديداً كان الافضل له طوال مسيرته رغم الفشل في الفوز بلقب الدوري الايطالي إلا أنه كان دائم الابداع مع فريقه في كل جولة تقريباً رغم تدهور حالة زملائه في العديد من المناسبات .

4- مونديال 1994

كان مونديال الولايات المتحدة الأمريكية عام 1994 أحد أفضل وأمتع بطولات كأس العالم طوال تاريخه، وشهدت البطولة تألق العديد من النجوم على الملاعب الامريكية التي احتضنت الحدث الكروي الاكبر لأول مرة في تاريخها .

هذا المونديال شهد ابداعات لا تنسى للمنتخب الايطالي الذي كان في طريقه للخروج من دور المجموعات ولكنه - كعادته الدائمة - نجح في العبور إلى ثمن النهائي بأعجوبة، طوال دور المجموعات لم ينجح باجيو في هز الشباك مطلقاً ولكنه انطلق بعد ذلك ليمزق شباك المنافسين في كل مباراة ويلعب دور المنقذ أمام نيجيريا بعد أن أدرك هدف التعادل لبلاده في الأنفاس الأخيرة وأضاف هدف الفوز في الأشوط الاضافية .

وتكرر الأمر أمام اسبانيا في ربع النهائي وسجل باجيو هدف الفوز بعد تلقيه تمريرة سحرية من سينيوري ليحسم بطاقة التأهل إلى نصف النهائي وتلاقي كتيبة المدرب اريغو ساكي منتخب بلغاريا مفاجأة البطولة، وكان باجيو خلال هذه المباراة هو عنصر الحسم أيضاً بتسجيله هدفين ليصعد ببلاده إلى المباراة النهائية التي فشل في بلوغها على أرضه وبين جماهيره في مونديال 90 .

5- ركلة ترجيح تتحول إلى كابوس مؤرق !

في المباراة النهائية كان على باجيو أن يواجه أفضل منتخبات البطولة المنتخب البرازيلي الذي عزف أجمل الالحان منذ إنطلاقها، ولكن فرض المدرب القدير ساكي أسلوب لعبه على راقصي السامبا ووصل بالمباراة إلى ركلات الترجيح بعد أن سيطر تماماً على مفاتيح خطورة البرازيل .
وأثناء تنفيذ ركلات الترجيح كان على باجيو أن يتصدى للركلة الحاسمة للأدزوري والتي كان ضياعها كفيلاً بتبخر الحلم كلياً وإهداء اللقب إلى راقصي السامبا، ولكن تصدي باجيو لتنفيذ هذه الركلة كان باعث الأمان في نفوس الجماهير الايطالية بسبب مهارته الفائقة في التعامل مع ركلات الترجيح، ولكن يبدو أن التاريخ الكروي أراد أن يدون إسم باجيو بحروف من الألم والمرارة وأطاح اللاعب بالكرة في سماء الملعب في لقطة لم ولن ينساها عشاق المستديرة .

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com