قال وزير المالية اليوناني يانيس فاروفاكيس السبت إنه سيعرض على نظرائه في الاتحاد الأوروبي الأسبوع المقبل خطة كاملة لتنفيذ برنامج للإصلاحات الاقتصادية ومعالجة ديون البلاد المتضخمة، وذلك خلال لقاء حاسم لوزراء مالية منطقة اليورو سيعقد الأربعاء المقبل في العاصمة البلجيكية بروكسل.

وجاء تصريح فاروفاكيس عقب اجتماع للحكومة اليونانية الجديدة برئاسة ألكسيس تسيبراس، وهو الثالث في غضون يومين، وخصص لإعداد سياستها العامة، ولا سيما معالجة ديون اليونان التي تفوق قيمتها حجم اقتصاد البلاد بأكثر من مرة ونصف.

وذكر مسؤولون أوروبيون أمس أن وزراء مالية دول منطقة اليورو سيناقشون في 11 من الشهر الجاري طريقة تقديم الدعم المالي لأثينا في ظل التوجهات الجديدة لحكومة تسيبراس، والتي ترفض سياسات التقشف الأوروبية، وتريد إعادة التفاوض على حزمة إنقاذها التي أبرمتها مع دائنيها الدوليين قبل سنوات للخروج من أزمة ديونها، وتناهز قيمة الحزمة 270 مليار دولار.

خلفية:

بدأت أزمة اليونان في تشرين الأول (أكتوبر) لعام 2009م، عندما اعترفت الحكومة اليونانية الجديدة بأن الحكومة السابقة قد زيفت الحسابات القومية. وأن الحكومة الحالية تعاني من عجز في الميزانية بنسبة 13.6 في المائة، وديون تبلغ 115 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

إن جذور المشكلة تعود إلى سنوات سابقة حيث كان الأداء الاقتصادي لليونان سيء قبل انضمامها إلى منطقة اليورو فكانت دائماً تعاني من مشكلة المحافظة على معدلات النمو الاقتصادي والرفاهية لمواطنيها، وأيضاً السيطرة على النفقات العامة والسيطرة على زيادة الديون وبعضويتها في منطقة اليورو شجع هذا الأمر اليونان على المزيد من الاقتراض خاصة من الدول الأوروبية الأخرى وبالتالي أصبح على اليونان ديون عالية جدا بحيث أصبح من الصعب عليها أن تسددها .

وقد أثرت الأزمة الاقتصادية الرأسمالية العالمية على اليونان حكومة وشعباً، فوجد نفسه في طاحونة الأزمة بعد أن ربط مصير اقتصاده الوطني بعجلة الاقتصاد الرأسمالي الأوروبي والعالمي، وقبوله لجميع شروط الاتحاد الأوروبي .

وقد استغل المضاربون هذه الأزمة شر استغلال إذ عمدوا إلى بيع سنداتها بأبخس الأثمان وبأسعار فائدة فاحشة، كما دفع اليورو ثمنا باهظا إذ هوى بأكثر من 20% مقارنة بأعلى مستوى له على الإطلاق وصار هناك من يتحدث عن احتمال انهياره ربما خلال عقد من الزمن، بل ووصل الأمر إلى حد مطالبة اليونان بأن تبيع سيادتها على بعض جزرها.

وهكذا نجد أن اقتصاداً صغيراً، وجانبياً، مثل الاقتصاد اليوناني، يمكنه أن يهدد أكبر منطقة اقتصادية في العالم. وعلى الرغم من أن الناتج المحلي اليوناني يشكل 2.6 في المائة فقط من الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو.

أسباب الأزمة:

اعتاد الشعب اليوناني على العيش فوق طاقاتهم ومدخولاتهم .
وصل مقدار عجز الموازنة في اليونان إلى أكثر من 14%
يعاني اقتصاد اليونان من تضخم يصل إلى 40% من الناتج المحلي
ارتفاع معدل البطالة في اليونان حيث بلغ 21,8%
تراكم ديون الحكومية اليونانية حتى وصلت إلى نحو 120 في المائة
عدم قدرة البنوك اليونانية فيما بعد على الاقتراض بسبب هبوط تصنيف سنداتها
صعوبة اقتراض الحكومة من الأسواق بسبب ارتفاع أسعار الفائدة التي يجب أن تدفعها للمقرضين

أثر الأزمة على العالم:

لقد أثرت الأزمة على جميع دول العالم لأن المنطقة تمثل سوقاً ضخمة للواردات وبالطبع أكثر من تأثر بهذه الأزمة دول الاتحاد الأوروبي وذلك بسبب أن ديون اليونان فاقت 210 مليار يورو لدى البنوك، أهمها البنوك الفرنسية والألمانية التي ستتضرر إذا انسحبت اليونان أو أعلنت إفلاسها، أو تأكد عدم قدرتها على السداد، حيث أن قيمة هذه الديون على شكل سندات ستنخفض أو تنهار. كما تبلغ ديون اليونان إجمالا 350 مليار يورو، وهي غير قادرة على تسديدها.بالإضافة إلى ان بعض هذه الدول شرعت على إلغاء نسبة 50 بالمائة من الديون اليونانية، أي حوالي 100 مليار يورو، لكن هذه الموارد المالية تعتبر خسارة لهذه الدول وبالتالي فهي مطالبة بدعم وإعادة رسملة البنوك لتعويض ما تم إلغاءه من مبالغ.

وبهذا تبرز أزمة اليونان كإشكال حقيقي أمام مخاوف توسع نطاق الأزمة إلى بلدان مثل البرتغال واسبانيا وايرلندا وسلوفاكيا وايطاليا، وتفاقم الاحتجاجات الاجتماعية، وهو ما دفع بعض الخبراء والساسة إلى الدعوة إلى التفكير في حل جديد يقضي بانسحاب اليونان مؤقتا من منطقة اليورو، الا ان هذه الازمه ان لم تحل بشكل جذري ستقود تلقائيا إلى سقوط الأعضاء الضعفاء من الوحدة النقدية.

و تشكل أزمة اليونان هاجساً للولايات المتحدة لأنها قد تزيد نسبة عدم استقرارها السياسي والاقتصادي فهي تحاول حل هذه الأزمة المالية عن طريق تحفيز الطلب المحلي للحد من التدهور الاقتصادي وخصص الكونغرس الأموال للمساعدة في إعادة رسملة المؤسسات المالية. أما آسيا فقد سجلت حتى الآن أداءً اقتصادياً أقوى من أي منطقة أخرى منذ الأزمة المالية، ويعود ذلك جزئياً إلى عدم تأثر البنوك الآسيوية بالأزمة المالية مقارنة ببنوك المناطق الأخرى، كما أن الحاجة إلى برامج التحفيز كانت أقل. كذلك كان الأداء الاقتصادي فيها قوياً نتيجة لضخامة الطلب من قِبل الاقتصاد الصيني.

تداعيات الأزمة على الشعب اليوناني:

أثينا في 2012 م لم تعد رمزاً للحياة الرغيدة، فهي تئن تحت وطأة أزمة منطقة اليورو، و تشتكي من تقشف ميزانيتها ومن تراجع الأجور وارتفاع الضرائب، وتعاني أيضاً من ارتفاع البطالة والفقر، وحسب بيانات من مؤسسات ومراكز دراسات اجتماعية، فإن اليونان شهدت بين العامين 2009 و2010 نحو 1700 حالة انتحار أو محاولة انتحار بينما ارتفعت ما بين 17- 40 % بين العامين 2010 و 2011م، أما أدوية الاكتئاب التي تناولها اليونانيون فقد بلغت في العام 2010 نحو 8.5 ملايين علبة، بينما ارتفعت في عام 2011-2010 إلى 10 ملايين علبة.

خطة الأنقاذ:

حزمة الانقاذ الأولى (مايو 2010 – يونيو 2011):

تسلمت اليونان حزمة الانقاذ الاولى في مايو / ايار 2010، كانت الفكرة وراء حزمة الانقاذ الاولى هي منح اليونان مزيداً من الوقت لاصلاح اقتصادها وبالتالي تخفيض نسبة الفوائد التي يجب عليها دفعها لقاء الاقتراض من المصارف، النتيجة هي ان اليونان المثقلة بالديون الواجب الوفاء بها لم تتمكن من الاقتراض من المصارف التجارية ولم يتبق لديها ما يكفي من حزمة الانقاذ الاولى للوفاء بهذه الديون.

حزمة الانقاذ الثانية (يوليو 2011 – حتى الآن):

«حصلت اليونان على القسط الأول من حزمة الإنقاذ الثانية التي منحت من قبل الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي والتي يبلغ اجماليها 130 مليار يورو، وذلك لدعم اليونان علي تخطي أزمة المديونية ولمساعدتها في إعادة هيكلة ديونها، وتسلمت أثينا7.5 مليار يورو كقسط أول من إجمالي الحزمة, مع العلم أن تلك المساعدات تكون سارية حتي العام2014.

خطة التقشف:

الهدف الذي تسعى لتحقيقه اليونان الآن هو خفض عجز الميزانية ثمانية وعشرين ونصف مليار يورو بحلول عام ألفين وخمسة عشر، ولتحقيق ذلك عليها الاقتطاع من المساعدات الاجتماعية، ومن رواتب الموظفين ومن قطاع الصحة ، كما أن الدولة اليونانية عملت على رفع الضرائب على الممتلكات ، وأغلقت المؤسسات الحكومية والمدارس والمحاكم والمتاحف والمواقع الاثرية أبوابها في حين عملت المستشفيات بأطقم الطوارئ فقط.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com