"الإرهاب" الحدث الأبرز الذي تصدر عناوين الأخبار في العام 2014. حل مصطلح الإرهاب ومكافحته بعد تمدد تنظيم "داعش" في سوريا والعراق، في أولى اهتمامات الدول والشعوب خاصةً الإقليمية منها.

هذا العام يمضي على وقع مشاهد المجازر والدماء التي ضربت منطقتنا، ليأتي عام آخر قد لا يختلف عن العام المنصرم يكتنفه الخوف والقلق والترقب في ظل نفق مظلم ممتد حتى اكتشاف ضوء أبيض يؤدي إلى تبديل المشهد.

عام يمضي ويأتي عام جديد، تتمنى به شعوب منطقتنا خاصةً في سوريا والعراق أن يكون أفضل من سابقاته، دون أن يختلط فيه دوي الرصاص وأصوات المدافع بدماء الأبرياء.

يسجل العام 2014 فشلاً للمجتمع الدولي في مكافحة الإرهاب. ما زاد الوضع خطورةً، أنه حتى الآن لم تجد الأمم المتحدة سبيلاً إلى حل هذه المعضلة.
على مدى العام 2014، زادت جرائم الجماعات الإرهابية التابعة بشكل أو باخر لتنظيم "القاعدة" على مختلف مسمياتها وتنظيماتها، في سوريا، العراق، مصر واليمن كما في مناطق أخرى حول العالم مثل نيجيريا وغيرها. وتحول تنظيم "داعش" إلى أخطر منظمة إرهابية مرت في التاريخ المعاصر.

قرارات مجلس الأمن والتحالف الأميركي

استشهد الاف الأشخاص بإرهاب "جبهة النصرة" و"داعش" في سوريا والعراق طوال سنة 2014، وأتى تحرك مجلس الأمن بشكل لا يفي بما تقتضيه مواجهة الإرهاب، فأصدر مجلس الأمن الدولي القرار 2170 في 15 آب/اغسطس، أكد فيه أن الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره يشكل واحداً من أخطر التهديدات للسلم والأمن الدوليين.

وشجع مجلس الأمن الدول الأعضاء على الحد من السفر إلى سوريا والعراق لأغراض دعم أو القتال مع "داعش" و"النصرة، وأن تتعاون جميع الدول في منع ووقف تمويل الأعمال الإرهابية والامتناع عن تقديم أي شكل من أشكال الدعم، الصريح أو الضمني، إلى الكيانات أو الأشخاص الضالعين في الأعمال الإرهابية.

كما أصدر مجلس الأمن القرار 2178، في 24 ايلول/سبتمبر تحت الفصل السابع، حيث دان التطرف العنيف الذي قد يهيئ المناخ للإرهاب والعنف الطائفي وارتكاب الأعمال الإرهابية من قبل المقاتلين الإرهابيين الأجانب.

ودعا مجلس الأمن في قراره جميع الدول الأعضاء إلى التعاون في جهود التصدي لتهديدات المقاتلين الإرهابيين الأجانب بما في ذلك منع إنتشار الفكر المتشدد وتجنيد المقاتلين، مشدداً على أن مكافحة التطرف العنيف الذي يمكن أن يفضي إلى الإرهاب، بما في ذلك منع نشر الفكر المتطرف، تشكل عاملا أساسيا في التصدي لتهديد المقاتلين الإرهابيين الأجانب.

هذه القرارات لم توصل إلى نتيجة حقيقية في مكافحة الإرهاب والقضاء على "داعش"، بل فتحت الباب أمام الولايات المتحدة الأميركية لتتفرد بالقرار الدولي، فكان التعامل يحصل وفق معايير مزدوجة وبقصر النظر على مصالح واشنطن فقط.

بعد انتشار "داعش" في الموصل شمال العراق، ودخوله إلى دير الزور والرقة التي اتخذها عاصمة له في سوريا بعد عملية ما يسمى "كسر الحدود" أسست الولايات المتحدة الأميركية، ما يسمى التحالف الدولي، وقد شن عدة غارات جوية على معاقل التنظيم، لكن هذه الغارات لم تصل إلى نتائج ملموسة حتى الان، لا في سوريا ولا في العراق، حتى ان هذه الدول لم تستطع المواجهة في دولها وكانت حادثة المقهى في استراليا خير دليل على ذلك.

إنجازات الجيش السوري والجيش العراقي

الحرب مع الإرهاب متواصلة منذ سنوات ولم تتوقف، فلا مكان للتنبؤ كما لا مكان للأمل في القضاء على الإرهاب دون السعي لذلك، وهذا ما يقوم به الجيشان السوري والعراقي. شهد عام 2014 انجازات عديدة للجيش السوري في ساحات المواجهة ضد التكفيريين، من دمشق الى حمص فحلب وحماه.

تمكن الجيش السوري من تحرير منطقة القلمون كاملةً من يبرود إلى معلولا ورنكوس، حيث أمن مناطق القلمون التي كانت تعتبر خاصرة رخوة لدمشق. هذا الانجاز انسحب على الغوطة الشرقية، بعد سيطرة الجيش على منطقة المليحة، حيث فتح أمامه طريقاً للسيطرة على ما تبقى من منطقة الغوطة الشرقية.

لم تتوقف انجازات الجيش السوري هنا بل انسحبت ايضاً على حلب، حيث سيطر الجيش على العديد من المناطق، كان من أهمها قرية خناصر، وفك الحصار عن سجن حلب المركزي. كما تمكن الجيش من تعزيز حماية مطار حماة العسكري ثم قرى بطيش وخطاب في ريف حماه.

كما الجيش السوري، حقق الجيش العراقي إنجازات عديدة، منذ اعلان تمدد "داعش" بشكل مفاجئ في شمال العراق واحتلال الموصل، هذه الانجازات ساعدت على وقف تقدم التنظيم وانتشاره في كل المحافظات العراقية. تمكن الجيش العراقي من تحرير منطقة آمرلي في طوز خورماتو التابع لمحافظة صلاح الدين، كما حرر الجيش منطقة جرف الصخر في المحافظة ذاتها.

كذلك تمكن الجيش العراقي من تحرير بيجي ومصفاة بيجي وجامعة تكريت في صلاح الدين، بالإضافة إلى يثرب وعزيز بلد والضلوعية بمؤازرة قوات الحشد الشعبي. كما تمكن الجيش بمعاونة قوات البيشمركة من تحرير سد الموصل وجبل سنجر، وتحرير العديد من القرى في محافظة الانبار.

تحركات عديدة حصلت عام 2014 من خلال عقد مؤتمرات واجتماعات دولية ومناقشات لمواجهة الإرهاب، لكن يمكن القول إن مجلس الأمن لم يتحرك ضد ظاهرة "داعش" والجماعات الإرهابية الخطرة إلا بعدما شعرت واشنطن بالخطر على أمنها. وحتى الان لم تنجح التحركات الأميركية، في حين تمكن أبناء سوريا والعراق من صد التنظيم الارهابي ووقف تقدمه، فهل يكون عام 2015 عام النجاحات في مكافحة الإرهاب، أو يستمر هذا التمدد نحو بقية الدول العربية والغربية؟

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com