تلقيت نبأ استشهاد زياد أبو عين وأنا متواجد في قلقيلية خلال إطلاق مبادرة "إني اخترتك يا وطني (صنع في فلسطين)" كنشاط من نشاطات جمعية حماية المستهلك الفلسطيني في محافظة قلقيلية، على الفور أصبت بحالة النكران ورفض الخبر، وبيني وبين نفسي قلت: لم يكن زياد يوما الا مشروع شهادة في حركات جسده وفي توجهاته في ملف الاسرى وملف الاستيطان والجدار وملف العمل الشعبي، وتفاوتت الآراء ولكنها تقاطعت "طوبى له بالشهادة"، "لقد رفع زياد سقف المقاومة الشعبية"، "مع الأمنيات الا تصاب المقاومة الشعبية بأذى".

واللافت ان لحظة مباشرتنا للنشاط في قلقيلية كان محافظ قلقيلية اللواء رافع رواجبة يوضح مأساة قلقيلية مع الجدار والاستيطان وعزل الأراضي وراء الجدار والتحكم بالتصاريح لحركة المزارع، الأمر الذي يؤثر سلبياً على حركة الزراعة الا أن اصرار قلقيلية ضاعف عدد الأشجار المثمرة التي تم زراعتها من الجوافة والافوكادو، وفي نهاية النشاط جاء خبر استشهاد زياد ابو عين وهو يزرع زيتونا في ترمسعيا.

لم تكن ترمسعيا المحطة الاولى في مسيرة زياد ابو عين النضالية الطويلة، فمنذ توليه موقع مواجهة الاستيطان والجدار لم يهدأ ولم يكل وأوجد سقفاً عاليا لهذا الملف باتجاه تارة الدعوة "لثورة زراعية تحرم ضمان الأراضي المصادرة من الاستيطان من قبل مزارعين فلسطينيين واستثمارها لحساب المستوطنة"، "كان يخطط واستمر لحملة "دقت ساعة استقلال فلسطين" مقتبسا مقولة الرئيس محمود عابس ليحولها إلى مجموعة فعاليات ويزرعها في وجدان كل فلسطيني"، "ظل يعتبر أن مقاطعة المنتجات الإسرائيلية مهمة نضالية يجب ان تتضافر فيها جهود البعد الرسمي والشعبي".

لم يكن في ذهن زياد ابو عين أن يحول هذا الملف إلى ظاهرة صخب إعلامي بل إلى فعل على الأرض مستفيدا من اهمية مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية والإعلام ليعكس حجم الأداء على الارض، فتفاعل مع القطاعات كافة، واستطاع ان يتوافق مع الكفاءات الأكاديمية في سبل الاستفادة من نظم المعلومات الجغرافية والاستفادة من تقنية المعلومات وبرامج تخضير فلسطين.

كان ذهن زياد متيقظاً، ما أن ينهي فعالية حتى يفكر بالتالي، تلقاه في ذاك المقهى الشعبي فتلقي عليه السلام فيبادرك: عدت اليوم من بيت دجن ولكن يجب ان نكون غداً في موقع آخر ويجب ان نستنهض طاقة الشعب الفلسطيني باتجاه ديمومة المقاومة الشعبية حتى زوال الاحتلال، وحتى لو جلست على طاولة تفصل بينه وبينك مسافة تسمع صوته يصف ويعبر عن وجع المزارع والمواطن في هذه القرية وتلك الخربة.

وقضى زياد ابو عين وكانت مراسم تشييعه استفتاء حقيقيا على استمرارية المقاومة الشعبية وعهد الوفاء للشهداء والوفاء لشعار "لقد دقت ساعة استقلال فلسطين" وكان البعض يتبادل أطراف الحديث في تشييع الجثمان: لقد عاد زمن الشهادة والشهداء وبات الوزير شهيداً وبات المسؤول ميدانياً، لقد غير ابو عين النمط التقليدي للمسؤول وقال للناس في الخليل وترمسعيا وبيت أكسا وبيت دجن وجنين: أنا معكم وبكم ماضون.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com