تحولت شبكة التواصل الاجتماعي الأشهر والأكبر في العالم «فيسبوك» إلى مصيدة يقع في شباكها الضحايا من مختلف المستويات، بمن فيهم المؤهلون والمتعلمون وأصحاب الخبرة الواسعة في عالم الانترنت والتكنولوجيا، نتيجة سهولة الدخول والخروج منها وإليها، وسهولة التسجيل فيها بما في ذلك سهولة فتح الحسابات المزورة.

وينشط عشرات الآلاف وربما مئات الآلاف من المحتالين على شبكة «فيسبوك» الذين يبحثون على مدار الساعة عن ضحاياهم، فيما يبتكر المحتالون وسائل جديدة يومياً للايقاع بالضحايا، فيما لا يبدو أن إدارة شركة «فيسبوك» قادرة على مواجهة جيش من المحتالين وصائدي الضحايا ينتشر عبر الشبكة.
وتتنوع أشكال الاحتيال على «فيسبوك» بدءاً من سهولة استخدام الشبكة لاختراق حسابات وأجهزة الضحايا وسرقة معلوماتهم وصورهم، ووصولاً إلى ارتكاب عمليات احتيال مالية كبيرة، وانتحال للشخصيات، وإصدار تصريحات باسم هذه الشخصيات عبر صفحات وهمية ومزورة.

850 ألف حيلة

وأمضت شركة انترنت متخصصة في الحماية الأمنية أكثر من عامين في إجراء دراسة متخصصة على شبكة «فيسبوك» لتنتهي إلى تحديد أكثر من 850 ألف حيلة يتم استخدامها عبر الشبكة في مختلف أنحاء العالم وبمختلف اللغات من أجل ارتكاب انتهاكات ضد الضحايا وبشكل يومي.
وخلصت شركة «بايت ديفيندر» العالمية المتخصصة إلى أن أكثر من نصف المستخدمين على شبكة «فيسبوك» وقعوا ضحايا لعمليات احتيال بوسائل مختلفة بما في ذلك عدد من المتعلمين والمؤهلين والأيدي الماهرة، وصولاً إلى خبراء الكمبيوتر والانترنت الذين سقطوا هم أيضاً ضحايا.
وتوصلت الشركة إلى نتائج من بينها أن المحتالين استخدموا ملايين الحيل ضد الضحايا الذين أفلت عدد قليل منهم من المصيدة، ليصبح بذلك موقع «فيسبوك» هو الأخطر في العالم، ومستخدموه الأكثر عرضة لعمليات الاحتيال، أو عمليات غير مشروعة.

أشهر الحيل

أما أشهر الحيل التي يقع فيها المستخدمون كضحايا فهي التطبيقات التي تزعم بأنها تكشف للمستخدمين من هم الذين قاموا بزيارة صفحاتهم الشخصية، أو تلك التي تحدد لهم من من الأصدقاء الحاليين أو السابقين يتردد على صفحاتهم ويلاحقهم الكترونياً.
وتثير هذه التطبيقات أو الروابط أو الكودات البرمجية فضولاً كبيراً لدى المستخدمين تدفعهم إلى التجاوب معها، ومن ثم يكتشفون لاحقاً أنهم كانوا ضحية عملية خدعة أدت إلى فقدانهم بياناتهم أو صورهم، وأحياناً تكون هذه الروابط والتطبيقات ليست سوى عملية قرصنة تؤدي إلى سرقة كلمات المرور أو البيانات المحفوظة على جهاز الكمبيوتر.
ومن بين الحيل التي تنتشر على «فيسبوك» الكودات التي تتيح لك الدخول على صفحة أي من أصدقائك، بحيث تضع كودات معينة تقودك إلى كلمة المرور الخاصة به، ليتبين لك لاحقاً أنك لم تتمكن من اختراق صفحة صديقك وأن كل قائمة الأصدقاء لديك تلقت رسائل معينة لا ترغب أنت بارسالها.
وبحسب شركة «بايت ديفيندر» والدراسة المثيرة التي قامت بها فإن حيلة واحدة تقريباً من كل ثلاث حيل تجذب المستخدمين على «فيسبوك» ليست موجودة أصلاً على الموقع، ولا هي متاحة على شبكة التواصل الاجتماعي، مثل العثور على (Dislike) للموضوعات التي ينشرها الأصدقاء، أو وجود تطبيق يتيح تغيير ألوان الصفحة الشخصية على الموقع.
وتبين أن 16.5٪ من عمليات الاحتيال عبر «فيسبوك» تتم بواسطة إغراء المستخدمين بالهدايا والجوائز المجانية، ومن بينها إعلانات وبوستات تزعم تقديم تذاكر مجانية لمدينة الألعاب العالمية «ديزني لاند» حيث يتهافت المستخدمون على تنصيب الكودات اللازمة، أو الضغط على الروابط، أو تحميل التطبيقات، ليكتشفوا لاحقاً أنهم وقعوا ضحية عملية احتيال، وأن الأمر ليس سوى خدعة، وأن صاحب الاعلان لا علاقة له بشركة «فيسبوك» ولا بمدينة ألعاب «ديزني لاند».
وبحسب الدراسة فإن 7.5٪ من الحيل وعمليات الخداع على «فيسبوك» تمت خلال العامين الماضيين من خلال الأفلام الإباحية حيث يتم ايهام الضحايا بوجود فلم إباحي أو صور فاضحة لشخصية مشهورة، ومن ثم يتبين بأن المستخدم وقع ضحية لعملية خداع، وأن الرابط الذي ضغطه لا يحتوي على أي مادة فلمية أصلاً، وإنما هو عملية قرصنة انترنتية خالصة.
لكن الشركة تشير إلى انخفاض مستمر في أسلوب استخدام الصور الإباحية والفيديوهات المزورة في اجتذاب الضحايا، بسبب كونها لا تجذب النساء ولا الأطفال وهم الأهداف الأكثر إغراءً للمحتالين والقراصنة حيث يسهل اختراقهم ولا يستطيعون في أغلب الأحيان مواجهة عملية القرصنة التي يتعرضون لها.

الحلول المقترحة

وتنصح شركة «بايت ديفيندر» مستخدمي شبكة «فيسبوك» على وجه الخصوص ومستخدمي الانترنت عموماً باستعمال أنظمة تشغيل أصلية وتتمتع بالحماية والخدمات الجيدة، إضافة إلى تنصيب برامج مكافحة الفيروسات على أجهزة الكمبيوتر من أجل تجنب عمليات الاختراق والقرصنة أو التقليل من احتمالات نجاحها.
وتلفت الشركة إلى أهمية التحديث المستمر لأنظمة التشغيل ولبرامج مكافحة الفيروسات، حيث توفر التحديثات عادة حماية أكبر، وتعمل شركات التكنولوجيا على اكتشاف الحيل الجديدة وأية ثغرات أمنية في النظام من أجل تجنبها عند كل تحديث.
وتنصح الشركة بتجنب الاستجابة للاستبيانات التي يتم نشرها بين الحين والآخر على «فيسبوك» وتزدحم بها الصفحات، إضافة إلى تجنب مشاركة مواقع الكترونية وروابط وفيديوهات مشكوك في مصدرها، إضافة إلى ضرورة تجنب تنزيل أي تحديثات أو تطبيقات من خلال فيديوهات فيروسية، أو كودات غير معروفة المصدر.

انتهاكات الخصوصية

وكانت شركة «فيسبوك» العالمية قد اعترفت مؤخراً بأنها تقوم بعمليات مسح للمنشور على الشبكة ورسائل المحادثة الخاصة للبحث عن أي أنشطة إرهابية محتملة، وقالت إنها ستقوم بمجرد الاشتباه في منشور ما بتمييزه بعلامة خاصة ليطلع عليه جهاز الأمن الخاص في ”فيسبوك” قبل أن يقرر ما إذا كان يستدعي اتخاذ إجراء أمني بشأنه يتمثل غالبا في إبلاغ جهات الأمن أم لا.
وأكد رئيس جهاز الأمن في «فيسبوك» جو سوليفان في مقابلة صحافية إن الموقع لا يضع موظفيه في حال تواصل مباشر مع البيانات والمراسلات الخاصة، لكنه يقتصر على استخدام التقنية في رصدها.
لكن سوليفان اعترف بأن هذه السياسة يمكن أن تزيد المخاوف المتعلقة بخصوصية المستخدمين الذين يمثلون أكبر مجتمع على الانترنت بقاعدة بيانات تضم 900 مليون مستخدم، فهم يريدون نظاماً من شأنه أن يجمع بين الخصوصية وأمن المستخدمين، مؤكداً أن مستخدمي «فيسبوك» يجب أن لا يقعوا فريسة للخديعة عبر الشبكة الاجتماعية، مؤكداً أن الشبكة لا تريد أن تكون رقيباً على المحادثات الخاصة التي يجريها المستخدمون.
وتأتي هذه المعلومات في الوقت الذي تمارس العديد من الحكومات الغربية وأجهزتها الأمنية ضغوطاً على إدارات شركات التكنولوجيا الكبرى في العالم، ومن بينها «فيسبوك» لكي تقوم بمراقبة الأنشطة التي يمكن أن تروج للارهاب وأن تقوم بمكافحتها والابلاغ عنها، فيما تقول هذه الشركات حتى الآن أنها ترفض هذا الدور الذي يمكن أن يمثل انتهاكاً للحريات التي تكفلها القوانين في مختلف الدول المتقدمة في العالم.

محمد عايش

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com