في ظل استمرار إسرائيل ببنائها الاستيطاني المتزايد، ومطالب أوساط عديدة في الشارع الفلسطيني بالتوجه لمؤسسات الأمم المتحدة والانضمام لميثاق روما، خرجت القيادة الفلسطينية في ثلاثة أمور أطلقت عليها خطة الرئيس محمود عباس لإنهاء الاحتلال.

طرح الرئيس عباس على الجانب الأمريكي خطته التي تتضمن اعتراف أمريكي بحدود الدولة الفلسطينية على أساس عام 1967، ضمن فترة زمنية محددة، وتحديد حدود الدولة الفلسطينية، أو الذهاب لمجلس الأمن لإنهاء الاحتلال، وفي حال فشل الخطوتين ستتوجه القيادة الفلسطينية للتوقيع على الاتفاقيات الدولية.

انقسم الشارع الفلسطيني حول رأيه بخطة الرئيس الثلاثية، منهم من انتقدها وبشدة، ومنهم من قرر الانتظار لرؤية ما سيدور من فشل لها، وآخرون نظروا لها من زاوية الأمل بنجاحها وإنهاء الاحتلال.

 اقتراب اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة

من جانبه، قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير جميل شحادة لــ"بكرا" إن القيادة الفلسطينية تبحث المشروع السياسي والخطوات المقبلة والموقف العربي منها، في ضوء اقتراب اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وذكر أن الرئيس عباس طرح خلال اجتماعه الأخير مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري ما حمله الوفد الفلسطيني إلى واشنطن مؤخراً، بشأن خطة إنهاء الاحتلال.

ولفت إلى مضمون الخطة هو إجراء مفاوضات خلال تسعة أشهر، على أن يتم بحث ترسيم الحدود في الثلاثة الأولى منها، فيما يتم الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي المحتلة ضمن سقف زمني لا يتجاوز الثلاث سنوات".

وأفاد أن هذا المشروع تم طرحه أمام وزراء الخارجية العرب وحصل على الموافقة، فيما كان الجانب الفلسطيني يريد الموافقة الأميركية والإسرائيلية عليها.

كما قال شحادة إنه لا مجال الآن العودة إلى المفاوضات وفق الصيغ السابقة، التي لم تسفر عن نتائج ملموسة لإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس.

وسائل اخرى

وأكد أن لدى الجانب الفلسطيني وسائل أخرى في حال تعثر المشروع في مجلس الأمن ومنها اللجوء إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، لافتاً إلى خطوة الانضمام لبقية المؤسسات والمنظمات الدولية، بما فيها ميثاق روما.

وذكر أن القيادة الفلسطينية ما تزال بانتظار الرد الأميركي ورد الحكومة الإسرائيلية على هذه الخطة وبناء على طبيعة هذا الرد سيتم تحديد سقف زمني لإجراء مفاوضات لا تتجاوز الثلاثة أشهر.

تحمل مسؤولياته تجاه إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية، وفق سقف زمني محدد

المتحدث باسم حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) أحمد عساف يقول لــ"بكرا": "إن هدف خطة الرئيس محمود عباس هو الطلب من المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته تجاه إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية، وفق سقف زمني محدد".

ويضيف عساف أن الرئيس عباس يحرص على إنهاء الاحتلال، من خلال السعي لاستعادة زمام المبادرة، وإعادة الأمور لنصابها، من خلال وضع القضية الفلسطينية برمتها على الطاولة الدولية وأمام منظمات ومؤسسات حقوق الإنسان.

ويشير إلى أن التحرك وفق الخطة التي أعدها الرئيس خطة متكاملة وفقا لآليات محددة، وضمن تواريخ معينة، غير أنها تواجه صعوبات كبيرة تتمثل في مواقف إسرائيل المتزمتة في ظل الدعم الأمريكي الذي تحظى به، لذلك هي بحاجة لجهود عربية وإسلامية حقيقية من أجل إنجاحها، وتجاوز العقبات التي تضعها إسرائيل.

ويقول عساف إن الخطة بدأ العمل بها في اجتماع وزراء الخارجية العرب، واللقاء الذي عقد مع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري.

وحظيت الخطة التي قدمها الرئيس عباس بإجماع من قبل فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، بعد أن عرضت عليهم إضافة إلى حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أثناء اللقاءات التي تمت في الدوحة بين الرئيس عباس ورئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل.

يقول المحلل السياسي جهاد حرب:

ويقول المحلل السياسي جهاد حرب لــ"بكرا" إن القيادة الفلسطينية اتجهت لوضع هذه الخطة، بعد أن اقتنعت أن المفاوضات وحدها لم تعد كافية لإنهاء الاحتلال، ولا بد من إيجاد وسيلة جديدة للضغط على الحكومة الإسرائيلية لإنهاء الاحتلال.

ويضيف حرب أن القيادة الفلسطينية أرادت مخاطبة المجتمع الدولي، رغم إدراكها بعدم قبول الإدارة الأمريكية بهذه الخطة، والعمل على عرقلتها بمجلس الأمن.

ويرى في هذه الحالة أن القيادة الفلسطينية تكون قد اتخذت الإجراءات والخطوات القانونية بعد رفض الإدارة الأمريكية للخطة، وإيجاد مبرر فلسطيني للتوجه والانضمام للمؤسسات الدولية.

من جهة أخرى، يقول لحرب إن وضع الخطة كان يجب أن يكون بشكل عكسي، أي خطوة الانضمام للمؤسسات الدولية تأتي اولا، خاصة فيما يتعلق بمحكمة الجنايات الدولية، من أجل خلق أمر واقع بالتوقيع على الاتفاقيات الدولية والانضمام لمؤسسات هيئة الأمم المتحدة، من ثم وضع المجتمع الدولي أمام التحديات التي يفرضها المجتمع الدولي، من خلال التوجه لمجلس الأمن لتحديد مدة زمنية لإنهاء الاحتلال.

 استخدام أوراق الضغط الدولي

ويؤكد حرب أنه لا بد من استخدام أوراق الضغط الدولي، وتعرية الموقف الدولي والرفض الأمريكي بالتعامل مع القضية الفلسطينية، وبالتالي إشعار المجتمع الدولي بأنه لا بد من التعامل مع الأمر من خلال انضمام فلسطين للمؤسسات الدولية.

خطة عرجاء محكوم عليها بالفشل

من جهته، يرى المحلل السياسي هاني المصري لــ"بكرا" أن هذه الخطة عرجاء، والرهان على الإدارة الأمريكية من جديد مضيعة للوقت، خاصة في تحديدها للخطوات الفلسطينية، ومحكوم عليه بالفشل، ودليل على عدم استيعاب الفلسطينيين لحقيقة العلاقة بين إسرائيل وأمريكا.

ويضيف أن مجلس الأمن لا يستطيع إصدار أي قرار دون موافقة أمريكية، لأنها تملك حق النقض "الفيتو" وتستطيع تعطيل أي قرار.

ويرى المصري أن القيادة الفلسطينية لجأت إلى هذه الخطة لتتجنب اللجوء لخيارات أخرى مثل التوجه والانضمام للمؤسسات الدولية وعلى رأسها محكمة الجنايات الدولية.

ويشير إلى أنه من الأجد بالقيادة الفلسطينية تفعيل القرارات السابقة التي انتصرت فيها الحد الأدنى للحقوق الفلسطينية وللقضية الفلسطينية واللجوء للمقاومة والمقاطعة، لأن هذه الخطة التفاف لأولوية الوحدة الفلسطينية وضرورتها.

رفض أمريكي بذريعة الخطوات أحادية الجانب

من ناحيته، يقول عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عباس زكي لــ"بكرا": "إن تحديد الفترة الزمنية لتطبيق القرارات الشرعية وانسحاب إسرائيل من الضفة والقطاع جاء بعد أن جمدت المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.

ويضيف زكي أنه آن الأوان للأمم المتحدة أن تتحمل مسؤوليتها بتنفيذ القرارات 242، 338، بموجب ما صدر لصالح الفلسطينيين، وأن تكون ضمن فترة زمنية محددة تقوم خلالها أمريكا باعتبارها راعية لعملية السلام التي أفشلتها إسرائيل بضمانها.

ويقول زكي إن هذه الخطة عرضت على الأمريكان من قبل وفد فلسطيني متمثل في كل من " د. صائب عريقات وماجد فرج" قدماها لوزير الخارجية الأمريكي، ولاقت الرفض بذريعة الخطوات أحادية الجانب.
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com