رويدا رويدا تحول النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي إلى لوحة يرسم فيها الجميع بالسكاكين والمعاول، تحول إلى ضحية الكل ينهال عليها بالطعنات، النجم الأكبر والأهم في تاريخ برشلونة بل والمنتخب الأرجنتيني أيضا، صار ملطشة الجميع، الكل يتصيد له والكل يطعن فيه.. ماذا يحدث؟!!

في الموسم قبل الماضي كان ميسي النجم الأول وربما الأوحد ويأتي بعده بمسافات رونالدو من حيث الإنجازات في الدوري الإسباني وحتى على صعيد المنتخب، ولكن منذ أن بداية الموسم الماضي بدأت السكاكين تطعن في ميسي وماكينات الإعلام في كل مكان تنهال على النجم المحبوب منذ أن ظهرت على السطح قضية التهرب الضريبي، والتي تورط فيها ليونيل بسبب والده خورخي ميسي وتصرفاته المالية.

وجاء تولي مارتينيو تاتا لتدريب برشلونة ليفتح طريقا جديدا للمتصيدين في ماء ميسي العكر، حيث تربط المدرب الأرجنتيني صداقة بوالد اللاعب، وراحت الأقلام تسير في سكة أن اللاعب هو السبب في الإتيان بالمدرب الأرجنتيني لتدريب الفريق الكتالوني خلفا للراحل تيتو فيلانوفا الذي ترك الفريق لظروفه الصحية ومرضه قبل وفاته.

بداية الضرب

وطوال النصف الأول من الموسم الماضي سارت الأمور على خير ما يرام ولم تتصاعد وتيرة الانتقادات الموجهة لميسي، ولكن جاءت إصابته وتكرارها في منتصف الموسم لتمهد الطريق أمام حملات ممنهجة للنيل من النجم الكتالوني الأول.

وساهم في ذلك عودة اللاعب المتذبذبة وتصاعد أزمة التهرب الضريبي، وتراجع مستوى برشلونة مع علو نجم المنافس الأور كريستيانو رونالدو، وفي الوقت نفسه حركة القيء التي كانت تظهر على الشاشات من ميسي والتي ساهمت في توجيه سهام النقد له واعتباره قد انتهى بسبب المرض، وما كانت إلا إرهاقا من تتابع الموسم والأحداث والأزمات فوق رأسه.

ولعبت ماكينات الإعلام دورا ممنهجا في تلميع رونالدو بشكل يتناسب مع جهده في الموسم وفي الوقت نفسه النيل من المنافس الأول الذي ساعدهم بتراجع مستواة نتيجة الإصابة ونتيجة الضغوط.

وكان للأب خورخي ميسي دورا بارزا في تشويه سمعة اللاعب بكونه متورطا في أزمة التهرب الضريبي وجلب المدرب ماريتينو تاتا الذي كاتن يثبت فشله كل يوم مع الفريق الأرجنتيني.

كل الطرق ضد ميسي

وصارت جميع الأمور في غير صالح النجم الأرجنتيني الذي صارت تتلاطمه أمواج الإعلام في ظل وقوف ماكينات الإعلام المؤيدة عن إنتاجاتها لتحسين صورة اللاعب، وتأخرها وكلائه الإعلاميين الدائم في إبراز الجوانب الإيجابية للاعب، وظهورهم دائما بصيغة رد الفعل ولم يكونوا فاعلين.

ففشلوا في الشرق الأوسط في الحيلولة دون انتشار شائعة تبرعه لإسرائيل، ثم فشلوا مجددا بالإيعاذ له بنشر تعاطف بصيغة ضعيفة مع أطفال غزة، مما أدخل اللاعب في أجواء السياسة الملتهبة التي لا داعي لها ولا عائد منها، بينما على جانب الدعاية العالمية لم يستطيعوا تلميع صورته عندما لم يصافح الطفل في كأس العالم سهوا ونتيجة صغر حجم الطفل وانشغال النجم الأرجنتيني وتركيزه في مباراة فريقه أمام بلجيكا.

واستغلت جميع الماكينات الإعلامية المدريدية عجز وكلاء ومتعاطفي ميسي وبرشلونة الإعلاميين في النيل من اللاعب وتلميع رونالدو بشكل كبير لاستغلاله دعائيا بالشكل الأمثل ولضرب السلع المنافسة التي يروج لها ميسي، والذي لم يجد من يدافع عنه أو يحميه من طعنات الإعلام.

القشة التي قصمت ظهر ميسي

ورغم ظهور البرغوث بمستو جيد في الدور الأول لكأس العالم إلا أن الانطباعات الأخيرة تدوم، وفي الأدوار العليا وصولا للنهائي لم يظهر ميسي بالمستوى المأمول، بل وفي النهائي الذي خسرته الأرجنتين أمام ألمانيا بهدف ماريو غوتزة في الشوط الإضافي الثالث كان شبحا بعيدا تماما عن مهاراته ومستواه ربما بسبب الإرهاق الفكري قبل البدني، ولكن جاءت جائزة الفيفا غير المنطقية بتكريمه كأفضل لاعب في البطولا لتفتح أبوبا لرياح عاتية من الهجوم على النجم الأرجنتيني ومحاباة الفيفا له، وهي جائزة دعائية في الأساس تعتد على وجه إعلاني أكثر ما تعتمد على دقة المعايير، وربما هو نفسه لم يكن راضيا عن مستواه وعن نيله للجائزة، ولكنها كانت في غير صالحه إعلاميا.
قد يكون ميسي قد تراجع مستواه وهذا أمر وارد في كرة القدم، وليس مفروضا على كل لاعب أن يؤدي كل مواسمه وكل مبارياته بإجادة تامة ومع كل المدربين، فلكل جواد كبوة وربما كبوات البشر أكثر من الجياد، ولكن الأمر لا يبرر أبدا الحرب الشعواء على اللاعب وترصد كل خطوة من خطواته، مقابل تلميع كل حركة من حركات رونالدو، قد يقع اللوم في النهاية على ليونيل ميسي نفسه باعتباره مسؤولا عن اختياره لوكلائه وممثليه الإعلاميين، ولكن عودته للتألق في الموسم الجديد ربما تكون مانعا طبيعيا للإعلام للتوقف عن النيل من اللاعب.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com