"هنالك احتمال كبير في أن تفضي المفاوضات الجارية في القاهرة إلى تسوية إقليمية،تتعدى الصراع الفلسطيني الإسرائيلي،لتشمل الصراع العربي الإسرائيلي،وفتح كافة الملفات،بما في ذلك إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة".

هذا ما قاله في مقابلة مسهبة مع "بكرا" الإعلامي نظير مجلي،الباحث في الشؤون الإسرائيلية في معهد الإعلام الحر للأبحاث الإستراتيجية في أبو ظبي.

واستعرض الباحث خلال المقابلة آفاق العدوان على غزة وأداور الأطراف الضالعة في الأزمة والمفاوضات.ونفى في هذا السياق أن تكون حركة حماس قد خاضت المواجهة انطلاقاً من كونها لا تخسر شيئاً " فهي قبل العدوان دخلت في مسار المصالحة الوطنية مع السلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس (حكومة التوافق) بدوافع موضوعية،أهمها تراجع القضية الفلسطينية إلى أسفل سلم الأولويات على خلفية "الربيع العربي"،والأضرار الناجمة عن الشقاق والانقسام الفلسطيني،وكذلك تردي علاقات حماس مع بيئتها الطبيعية،مثل مصر وسوريا وإيران ودول الخليج وحزب الله" – على حد تقييمه،مضيفاً أن حماس قبلت بالمصالحة على أساس البرنامج السياسي لمحمود عباس،القائل بإقامة الدولة الفلسطينية في حدود عام 67،وعاصمتها القدس.

الرابحون الثلاثة من الحرب

وفيما يتعلق بالموقف الإسرائيلي،قال الباحث مجلي،إن نتنياهو وحكومته رفضا وناهضا التوافق الفلسطيني وراحا يبحثان عن وسيلة لعرقلتها "لكن ليس بواسطة حرب بهذا الحجم"-حسب تقديره،مضيفاً أن ذريعة العدوان جاءت على شكل "هدية" تمثلت باختطاف وقتل الإسرائيليين الثلاثة قرب الخليل "بمباركة من خالد مشعل".

وعدد الباحث نظير مجلي ثلاثة رابحين رئيسيين من هذه الحرب: نتنياهو الذي عزز شعبيته ومكانته إسرائيلياً ودولياً،كزعيم "معتدل ومتزن" (مقارنة بليبرمان وبينيت)،ثم حماس التي اكتسبت مزيداً من الشرعية والشعبية،مخترقة طوق العزلة "وها هي إسرائيل تفاوضها" (ونوه الباحث بالمقابل إلى أن نتنياهو وحماس يواجهان "أسئلة ثاقبة" من شعبيهما حول جدوى الحرب وحساب العواقب).

أما الرابح الثالث ("الحقيقي") برأي الباحث فهو الجيش الإسرائيلي الذي جرب ميدانياً أنواعاً جديدة من الأسلحة الفتاكة التي ستسوقها إسرائيل إلى العالم بالمليارات،بالإضافة إلى "بيع الخبرات والاستشارات".

ليس صحيحاً أن الموقف المصري منسجم مع الإسرائيلي!

وتناول الضيف بالتحليل،الموقف المصري في المفاوضات والعلاقة المشوبة بالتوتر بين مصر وحماس،فقال إن هنالك تقديراً أو فهماً خاطئاً للموقف المصري من جهة حماس"فليس صحيحاً أن الموقف المصري منسجم مع الطرف الإسرائيلي،فهذا تشويه ناجم عن خلل في العلاقات بين مصر وحماس على خلفية المساس بالأمن القومي المصري في وقائع وإحداثيات عديدة،وعلى خلفية وجود (800) مطلوب للعدالة المصرية بحماية حماس في غزة".

وشدد الباحث على أن الموقف المصري الصريح والمعلن يرى أن الريادة والمرجعية في الوفد الفلسطيني المفاوض في القاهرة هي للسلطة الفلسطينية بقيادة "أبو مازن" (وممثله في المفاوضات،رئيس الوفد،عزام الأحمد) باعتباره وفداً متوافقاً.

وفي هذا السياق قال الباحث إنه كان لزاماً على حماس أن تقبل بالمبادرة المصرية التي طرحت بعد أسبوع من العدوان،حقناً للدماء والدمار،ولأن المبادرة رأت في الظرف الناشئ فرصة مواتية لتسوية شاملة "لكن حماس فضلت اللجوء إلى المحور التركي القطري المناهض للمبادرة المصرية".

الدور الأمريكي غير مثابر وفاشل

وفي معرض تقييمه للدور الأمريكي،يرى الباحث نظير مجلي أن أمريكا تنتهج سياسة فاشلة،غير مثابرة وغير ناجعة،فبدت عاملاً رئيسياً في الأزمة الحاصلة.وقال في هذا السياق:لو اتبع الأمريكيون الأسس والمبادئ التي تضمنها خطاب الرئيس اوباما في جامعة القاهرة عام 2009،لكان الوضع الآن أفضل وأكثر انفراجاً،انطلاقاً من النظر إلى الحركات الإسلامية المعتدلة (بما فيها الإخوان المسلمون،وحماس) كجزء من المنظومة السياسية الفاعلة في المنطقة" وهذا ما أراه أنا أيضاً"- كما قال الباحث،مستعرضاً رؤيته لظهور ودور "داعش" وما يكتنفها من خلفيات وتداعيات،واصفاً إياها بأنها "صنيعة وأداة أمريكية وسعودية،وستزول حتماً".

وخلص الباحث إلى القول أنه "يبدو أن هنالك مخططاً يهدف إلى خلق حالة لا تقوم فيها قائمة للعالم العربي،تمنع نشوء تيار أو اتجاه ذي وزن يعزز مكانة الشعوب والدول العربية("الفوضى الخلاقة")،وأبلغ دليل على ذلك هو "سرقة الثورات والانتفاضات العربية الصادقة التي (كانت) تسعى حقاً للتغيير".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com