تمحورت جلسة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الإسرائيلي، والتي انعقدت يوم الجمعة 8 آب 2014 في مدينة حيفا، في الحرب العدوانية التي شنتها حكومة نتنياهو على غزة.

افتتحت الجلسة ببيان سياسي قدمّه الأمين العام للحزب، محمد نفاّع، حول السياق المحلي والإقليمي للعدوان، والذي شكّل حلقة جديدة من سلسلة محاولات تصفية حقوق الشعب العربي الفلسطيني. وجري نقاش، لخّصه الأمين العام، واتخذت فيه ختامه جملة من القرارات.

عدوان على غزة وهجمة على الديمقراطية

اعتبرت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العدوان على غزة خطوة استراتيجية مخططة ومبيّتة قام بها رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، محاولاً تشويه ماهية النضال الفلسطيني كنضال عادل من أجل كنس الاحتلال وتحقيق الاستقلال الوطني، ومحاولاً تضليل الرأي العام المحلي والعالمي بادعاءات حول "وقف إطلاق الصواريخ" أو "هدم الأنفاق".

إنّ لهذا العدوان أهداف سياسية، منها تكريس الانقسام الفلسطيني وتكريس فضل قطاع غزة عن الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلة، وضرب حكومة التوافق الوطني الفلسطينية التي تدعمها حركتا "فتح" و"حماس"، والتعمية عن مسؤولية حكومة نتنياهو عن إفشال المفاوضات التي استمرّت تسعة شهور بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية. كما سعى نتنياهو من خلال العدوان على غزة والتصعيد الذي سبقه في الضفة، إلى حرف أنظار العالم عن إضراب الأسرى الفلسطينيين عن الطعام.

إنّ العدوانية الإسرائيلية الإجرامية المبيّتة على الشعب الفلسطيني في غزة، وقبلها في الضفة الغربية والقدس الشرقية، ليست معزولة عن الهجمة الإمبريالية والرجعية الشاملة على شعوب الشرق الأوسط، ومن محاولات تفتيت دول مركزية، لا سيما سوريا والعراق. إذ تلوّح حكومة إسرائيل منذ فترة بالتطوّرات الإقليمية لتبرير انعدام الجدوى من التقدّم في الحل السياسي للقضية الفلسطينية، وتسعى لاستغلال التطوّرات في علاقة النظام الجديد في مصر بجماعة "الإخوان المسلمون" وحركة "حماس" لتأجيج عدوانها على الشعب الفلسطيني. ومع ذلك، فقد شدّدت حكومة إسرائيل على عدم وجود نيّة لديها في إسقاط حكم "حماس" أو تصفيته.

خلافات تكتيكية وأدوات رجعية

إنّ الخلافات التكتيكية التي ظهرت بين إسرائيل والولايات المتحدة لا تغيّر من طابع التحالف الاستراتيجي بين القوة الإمبريالية العظمى ووكيلتها في المنطقة. فالولايات المتحدة لا تعارض حرب إسرائيل البلطجية على غزة، بل إنها تبرّر جرائم الحرب التي قامت وتقوم بها إسرائيل. إنه خلاف داخلي في معسكر مؤيّدي الحرب، حول هوية الرجعية التي يجب الاعتماد عليها في المنطقة، والتي بمستطاعها ابتزاز الشعب الفلسطيني أكثر.

إنّ العدوان الهمجي على غزة هو الثالث في غضون خمس سنوات، ولكنه الأكثر دموية. حيث قتل في غزة أكثر من 1800 إنسان، نصفهم من النساء والأطفال. هذا إضافة إلى آلاف الجرحى الراقدين في المستشفيات التي تعاني نقصًا في المواد الطبيّة، وإلى تهجير ربع سكّان القطاع من بيوتهم التي قُصفت، وإلى نقص حاد في توفير مياه صالحة للشرب وفي الكهرباء.

إنّ اللجنة المركزية للحزب الشيوعي تتهم حكومة إسرائيل بارتكاب جرائم حرب: بإطلاق النار المتعمّد على المواطنين؛ وقصف بنى تحتية مدنية بحت، كالمستشفيات ومحطة الكهرباء؛ وتهجير نحو 500 ألف فلسطيني، تحوّل جزء منهم إلى لاجئين للمرة الثانية أو الثالثة.

إنّ هذا العدوان لا يخدم المصالح الحقيقية للشعب في إسرائيل. فقد اضطر مئات آلاف المواطنين الإسرائيليين للعيش في واقع الملاجئ وصفارات الإنذار، وتحت خطر الصواريخ وقاذفات الهاون. إنّ الحزب الشيوعي عارض ويعارض المسّ بالمدنيين الأبرياء، ويحمّل حكومة نتنياهو المسؤولية الأساسية عن التدهور وعن معاناة السكّان المدنيين في غزة وفي إسرائيل.

إنّ الوجه الآخر لهذا العدوان، هو تعاظم العنصرية والفاشية في المجتمع الإسرائيلي، والذي انعكس في ازدياد حوادث الاعتداء على العرب في الشوارع وفي المواصلات العامة؛ فصل عاملين عرب من عملهم؛ الدعوات لمقاطعة المحال التجارية؛ محاولات الترهيب والإخراس ونزع الشرعية عن صحافيين وأكاديميين ومثقفين يعبّرون عن مواقف ناقدة؛ تحويل وسائل الإعلام ومحطات التلفزة إلى بوق أحاديّ اللون يجترّ مقولات الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي ويدعم الحكومة بلا تحفّظ؛ تجنّد أحزاب المعارضة الصهيونية للدفاع عن العدوان والامتناع عن الاحتجاج الجماهيري ضدّه؛ واعتداءات النشطاء الكهانيين وغيرهم من نشطاء اليمين المتطرّف على المظاهرات ضد الحرب، أمام أعْيُن الشرطة في أحيان كثيرة. إنّ هذا يؤذن بتغيير تعميق في المجتمع الإسرائيلي نحو تقليص كبير وخطير في الحيّز الديمقراطي وتعاظم خطر الفاشية.

لا للاعتقالات الانتقامية

تحذر اللجنة المركزية للحزب الشيوعي من موجة الاعتقالات التي قامت بها الشرطة خلال المظاهرات ضد الحرب، وترى فيها تعبيرًا عن التهديد المتزايد للحيّز الديمقراطي في البلاد. لقد تمّ اعتقال مئات المتظاهرين، معظمهم شباب عرب، وبعضهم اعتُقل لفترات طويلة. إنّ الحزب الشيوعي إذ يشدّ على أيدي المعتقلين، لا سيما رفاق الحزب والشبيبة الشيوعية، ويدعو إلى الإفراج فورًا عن جميع من ظلوا رهن الحبس.
إنّ الحزب الشيوعي يرفض بشدّة مطلب النيابة بحبس المعتقلين حتى انتهاء الإجراءات، وتحذّر من انجرار جهاز القضاء وراء الأجواء الانتقامية ضد معارضي الحرب على غزة.

للدفاع عن العمال من الفصل السياسي

خلال الحرب على غزة، وكجزء من تعاظم الموجة المكارثية والمعادية للديمقراطية في المجتمع الإسرائيلي، فُصِل العديد من العاملين، معظمهم من العرب، بسبب تعبيرهم عن رأيهم على مواقع التواصل الاجتماعي ضد جرائم الحرب وضد الحكومة.

تثمّن اللجنة المركزية للحزب الشيوعي قرار كتلة الجبهة في الهستدروت بفتح مركز طوارئ لمساعدة هؤلاء العاملين، ويحيّي نجاحات الكتلة في منع فصل وطرد عاملين على خلفية عنصرية.

رافضو الاحتلال هم ضمير المجتمع

يحيّي الحزب الشيوعي رافضي الضمير الشباب، الذين يرفضون التجنّد في صفوف جيش الاحتلال، ويدعو للإفراج الفوري عن الرافضيْن المسجونيْن أوريئيل فوريرا وأودي سيجال. لقد شارك رفاق الحزب والشبيبة والجبهة في تظاهرات الرافضين، أمام مكتب التجنيد في حيفا وأمام سجن 6 العسكري في عتليت.

كما يطالب الحزب الشيوعي بإلغاء لوائح الاتهام بحق الطبيبين العرببين اللذان رفضا المشاركة في العدوان على غزة.

العاملون يدفعون ثمن الحرب

مع مباشرة المداولات في ميزانية الدولة للعام 2015ن يتضح أنّ الحكومة تسعى لجباية فاتورة العدوان من المواطنين في البلاد، من العاملين الأجيرين والعاطلين عن العمل والمتقاعدين والنساء والشباب.

يدعو الحزب الشيوعي إلى تقليص حاد في الموارد العسكرية، وتحويل مليارات الشواكل الإضافية إلى وزارات الرفاع والصحية والتربية والتعليم والإسكان، وليس إلى وزارة "الأمن".

نحو المؤتمر الاستثنائي

في إطار التحضيرات للمؤتمر الاستثنائي للحزب الشيوعي، وفي إزاء الأوضاع في البلاد والمنطقة، تقرّر تنظيم دورة دراسية حول الخطر الفاشي والتعاطي معه، ستكون ملخصاته جزءًا من مواد المؤتمر.

كما قرّرت اللجنة المركزية تنظيم اجتماع قطري لأعضاء الحزب في أواخر آب الجاري، يخصّص لمناقشة التطوّرات السياسية.
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com