"العمل في مناطق الحرب والنزاع يتضمن رؤية الكثير من الامور التي لا يريد المرء ان يراها عادة، كالاطفال القتلى، والاشلاء التي لا يمكن تعريفها، واولياء الامور وهم في حالات من الاسى والضياع. حزن عميق، وبيوت مدمرة.

العدد الاكبر من الصور التي تصلنا الان تظهر هذه المأساة التي لا حدود لها، وتظهر اجسادا تغطيها الدماء.

وبعد يوم طويل من العمل مدينة غزة كنت قد تشبعت فيه بهذه الصور، عدت الى غرفتي في الفندق الواقع في منطقة يقطنها عدد كبير من الصحفيين الاجانب.

وفجأة قفز امامي، صبي يلبس كيس نفايات اسود ربطه حول بطنه وصدره ليكون بمثابة سترة واقية من الرصاص.

-انظر. انا صحفي وسوف اعد تقريراً عن الاحداث هنا، وهذه سترتي الواقية!

خلعت الخوذة عن رأسي ووضعتها على رأس الصبي، واستطعت لبرهة ان اراه يشع فخراً! اصدقاؤه بدأوا بالرقص حوله فرحين لدرجة جعلته يشعر بقليل من الخجل. والتقطت الصورة.

هذه ليست الصورة الاولى التي قمت بالتقطاتها ونشرها من مناطق الحروب والنزاع، ولكنني ابداً لم القى ردود فعل كتلك التي حصلت عليها هذه المرة. صندوق البريد الالكتروني فاض بالرسائل التي عبرت عن احاسيس مختلفة

"لقد تحركت مشاعري كما لم تتحرك من قبل." ، "انهم اطفال مثله الذين يُقتلون." و "انه يبحث عن القليل من الامان."

ولكن بالنسبة لي فان هذه الصورة مثال قوي على ارادة صلبة للبقاء يحملها هذا الطفل. لقد رأى كيف نقوم نحن الصحفيون بالدخول والخروج من والى الفندق ورأى كيف أننا لا نزال على قيد الحياة. اعتقد ان هذا هو الدور الذي كان يلعبه، دور الانسان القادر على البقاء."

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com