أنهت القذيفة الصاروخية المنطلقة من طائرة اف ١٦ الاسرائيلية ، حلم الشاب عدي عبد الله علي في حياة طبيعية لطالما تمناها، بعد أن أضافت إلى عجزه عن السمع والكلام ، عجزا عن الحركة..

عدي عبد الله علي هو أول جرحى غزة الواصلين إلى مستشفى المقاصد الخيرية في القدس، يبلغ من العمر عشرين عاماً، لأسرة مكونة من أب وأم وأربعة أبناء، أصيب والده واثنين من اخوته بعد إطلاق الطائرات الحربية الإسرائيلية ثلاثة صواريخ متتالية، استهدفت الأسرة أثناء عملها في مزرعة للأبقار والأغنام خاصة بالعائلة، والمزرعة مجاورة لمنزل سكناهم في مدينة جباليا شمال القطاع، أما الإصابة الأخطر فكانت من نصيب عدي؛ حيث تسببت الغارة الجوية بقذفه في الهواء على ارتفاع عشرات الأمتار، وارتطامه بالجدار،ثم عاد إلى الأرض فاقدا للوعي لمدة ست ساعات.

تشخيص حالة عدي

بعد نقله إلى مستشفى الشفاء في مدينة غزة، تم تشخيص حالة عدي على أنها كسور في فقرات القفص الصدري وفقرات العمود الفقري التاسعة والعاشرة والحادية عشر، أدت إلى تعطل عمل النخاع الشوكي بالكامل، ثم تم نقله إلى مستشفى المقاصد في القدس برفقة عمه، بناء على رغبة الأسرة التي رفضت تلقيه العلاج في مصر.

يصف العم يوسف علي حالة عدي قائلا: “ لقد أصبح عدي شديد العصبية بعد الحادثة، فالإصابة أضافت إلى حرمانه من حاستي السمع والبصر، شللا نصفيا في جسده سيحرمه الحركة والتنقل كما كان”، ويضيف: “ أحالت قلة إمكانيات مستشفى الشفاء دون إجراء عملية سريعة لعدي في الساعات الستة الأولى، فالمستشفى يعاني من نقص في كل شيء حتى الضمادات والقطن".

صعوبات

ويتحدث العم عن الصعوبات التي تعرضوا لها أثناء عملية نقل عدي إلى المستشفى، فقوات الاحتلال قامت بتعطيل خدمة الاتصال السريع والمجاني لاستدعاء سيارات الإسعاف والطوارئ (١٠١)، إضافة إلى ضرب مقر الإسعاف في مدينة جباليا، وبعد تمكن الأسرة من استدعاء سيارات الإسعاف بمساعدة الجيران، لم تخل الطريق إلى المستشفى من المعيقات بسبب تتابع الضربات الجوية الاسرائيلية، وعمل الجرافات الفلسطينية التي تزيل ركام البيوت المدمرة. في حين استغرقت الرحلة من مدينة غزة إلى القدس ثلاث ساعات، قطعوا خلالها حاجز بيت حانون (إيرز)، مستقلين سيارات إسعاف جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني.

الوضع في غزة ماساوي

ويصف يوسف الوضع في قطاع غزة ب”المأساوي”، مستنكرا همجية الاحتلال الذي لا تميز هجماته بشرا ولا حجرا ولا شجرا، مضيفا أن الصهاينة بدوا وكأنهم قد استنفذوا بنك أهدافهم، أو فشلوا في تحقيقه، فيكثقون الضربات الجوية والبرية على منازل المدنيين المكتظة بالنساء والأطفال والشيوخ.

تردي الوضع الصحي في غزة

ويتحدث عن تردي وضع القطاع الصحي في قطاع غزة، وافتقار المستشفيات فيه لأبسط المعدات والأدوية والأجهزة الطبية، حيث تعاني من نقص الإمكانيات والكادر الطبي، إضافة إلى افتقاد عدد من المستشفيات لمولدات الكهرباء.

من جهته أكد أخصائي جراحة الأعصاب الدكتور هادي دبابسة، صعوبة حالة المصاب عدي علي، وتحدث عن وجود كسر في فقرات العمود الفقري والفقرات الصدرية نتيجة ارتداده من قوة الانفجار، وحدوث حالة شلل نصفي لديه. ويضيف دبابسة، وهو الطبيب الذي قام بإجراء العملية، أن عدي لم تعد لديه مقدرة على إعانة نفسه والقيام بوظائفه كالسابق، كما أنه لم يعد لديه تحكم وظيفي بمهام التبول والاخراج، ولا يوجد لديه اي احساس عصبي أو قوة عضلية في القسم السفلي من الجسم، إضافة إلى عدم قدرة النخاع الشوكي لديه على القيام بوظائفه بعد الآن.

ويضيف دبابسة أن عدي وصل الى المستشفى متاخرا، لذلك لم يكن بوسع الأطباء سوى إجراء عملية جراحية لتثبيت العمود الفقري المكسور من الفقرة السابعة وحتى الحادية عشر، بحيث يتمكن عدي من إعادة تأهيل نفسه للحركة عبر الكرسي المدولب أو أي جهاز مساعد للمشي، مؤكدا أن هذه الاعاقة اضافت صعوبة جديدة إلى حياة عدي، فبعد أن كان أصما قادرا على قضاء حوائجه بنفسه، أصبح اليوم بحاجة إلى مساعدة الآخرين.

وبحسب دبابسة فعدي الآن بحاجة الى اجراء عملية اخرى، لمساعدته على التبول والاخراج، واجراء فتحة من الأمعاء الغليظة مباشرة.

تأثير الإصابة على الوضع النفسي والعصبي لعدي

ومن جهة أخرى يتحدث الطبيب عن تأثير الإصابة على الوضع النفسي والعصبي لعدي، حيث أن الإصابة تسببت في حدوث ارتجاج دماغي مؤقت، ناهيك عن تعرضه لصدمة عصبية ونفسية قوية،بسبب تطور حالة الإعاقة لديه، وتنامي المأساة في حياته وجسده، فالأمراض الجسدية ستبدأ بملاحقته كالالتهابات المختلفة والتقرحات واحتمالية التعرض لجلطات في منطقة الرجلين، نتيجه تحوله إلى شخص مقعد.

وكان الدكتور رفيق الحسيني، مدير عام مستشفى المقاصد الخيرية، قد أعلن عن فتح أبواب المستشفى، ومنذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، لاستقبال جرحى العدوان الإسرائيلي للحصول على العلاج المجاني، وخاصة فئة الأطفال التي تشكل ما يربو عن 4٠٪ من ضحايا العدوان، والذين بلغ عددهم أكثر من ٢٢٣ شهيدا و ١٦٠٠ جريح منذ بداية الحرب في الثامن من الشهر الجاري.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com