توجه محمد وشقيقه إبراهيم نحو شاطئ البحر لمشاهدة مباراة "المونديال" للهرب من واقع العدوان على غزة وللترويح عن أنفسهم قليلًا، فيما طائرات الاحتلال "الإسرائيلي" وزوارقه تتربص أيّ هدف على الأرض بعد إفلاسها عسكريًا.

وقبل أن يعلن حكم مباراة الأرجنتين وهولندا صافرة نهاية اللقاء، وفي ذات اللحظة حتى سجلت إسرائيل هدفًا من تسلل واضح في مرمى غزة، على مرأى حكام العالم، لكن القصف "الإسرائيلي" كتم صوت المشجعين التسعة الذين تابعوا المباراة.

لم يكن يعلم إبراهيم وشقيقه أنهم ارتكبوا جريمة في عُرف قوات الاحتلال بأن عاشوا أجواء الحياة الطبيعية في ظل العدوان الإسرائيلي.

دفنوا المونديال

وكان مجموعة من المواطنين يتابعون مباراة هولندا والأرجنتين في نصف نهائي المونديال باستراحة على شاطئ بحر خانيونس جنوب القطاع, قبل أن تباغتهم الطائرات الإسرائيلية بصاروخ حوّل المكان إلى "بركة" من الدماء.

فالطائرات الحربية "دفنت" حلم المونديال بين رمال شاطئ البحر، وأعلنت انتهاء اللقاء بين الفريقين باستشهاد 9مواطنين, إثر قصف الطائرات لشاطئ بحر خانيونس فجر الخميس الماضي.

"الجيش الإسرائيلي" – الذي حدد أهدافه في غزة – غير أنها كُشفت للعيان بفشلها واستهداف المدنيين، وعدم وصولهم لأيّ مقاوم عسكري في القطاع، يحاول البحث عن أهداف من شأنها أن تؤلم الفلسطينيين.

والد الشهيدين "إبراهيم ومحمد" قنن لم يستطع الوقوف على قدميه بعدما رأى أبناءه مدرجين بدمائهم فوق أسرة مستشفى ناصر الطبي غرب المدينة، ولم يردد سوى كلمات "حسبنا الله ونعم الوكيل".

مات إبراهيم

"إلحق يابا إبراهيم ومحمد استشهدوا(..)، ما الهم دخل بحدا، ليش قصفوهم؟!|"، لم تسعف صرخات شقيقهم خالد أو احتضانه لهم في عودة نبض قلوبهم للحياة من جديد – فإصاباتهم كانت خطيرة جدًا – ولم تستطع أطقم الإسعاف إنعاشهم.

ومع موعد الإفطار اتفق الأشقاء على الذهاب لشاطئ البحر لحضور المباراة غير أن الشقيق الثالث "خالد" تأخر في ذهابه مع إخوانه، ليكمل عمله في "سوبر ماركت" تجاري، ليرتقي إبراهيم ومحمد مع باقي الشهداء في تلك الليلة.

ويتحدث خالد لـ"الرسالة نت" عن الواقعة، استمر انقطاع التيار الكهربائي عن أجزاء كبيرة من خانيونس، فذهب أشقائي إلى شاطئ البحر علهم يجدون مكانًا يشاهدون فيه أحداث المباراة الساخنة كما سخونة الوضع الميداني في القطاع.

خالد تمتَم في حزنٍ بدا واضحًا على ملامحه على أشقاءه الذين عاش معهم سنوات عمره قائلًا إنهم "ذهبوا حيث قدرهم(..)، ورفضوا البقاء في المنزل أو الذهاب لبيت أقاربنا لحضور المباراة".

وفي زمن لا يفوق الساعتين ارتكبت قوات الاحتلال "الإسرائيلي" مجزرتين متتاليتين بخانيونس خلفتا 17 شهيدًا في استهداف استراحة "وقت المرح"، ومجزرة عائلة الحاج بدون سابق إنذار.

وفي نفس الاستهداف ارتقى شقيقين آخرين من عائلة صوالي "حمدي وإبراهيم"، والذين كانا هما الآخران متواجدان في نفس الاستراحة التي قُصفت، ليخرج حلم المونديال عن كل التوقعات كما خرجت نتيجة المباراة ذلك اليوم.

عائلات الشهداء الذين ارتقوا في ذاك اليوم قالوا إن المقاومة قادرة بكل قوة على الثأر من الاحتلال وإسقاط طائراته "التي أذاقت الغزيين ويلات الحرب والدمار"، مؤكدين صبرهم على مصابهم رغم قسوته.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com