على غير عادتهم، وقبيل حلول شهر رمضان المبارك، ما زالت أسواق مدن الضفة الغربية فارغة من متسوقيها، فحرارة الجو التي تتزامن مع غلاء معيشة قد أنهكت جيوب المواطنين وحالت دون مظاهر استقبال الشهر الفضيل.

ظهر السبت، بدت الأسواق خالية والمحال التجارية فارغة، يجلس "أبو عمر" أمام محل الخضار في رام الله محاولا لفت أنظار المارة بترتيبه للفاكهة وتزيينه لبسطة الخضار أمام محله. ويقول :"ما في حركة كثير كما هو الحال دائما قبيل رمضان، فالناس بسبب الظروف بات استقبال الشهر كما بقية الشهور لديهم، وهموم الناس لم تعد تتيح للمواطن الفرح باستقبال رمضان كما السابق، الناس بحاجة لهداة بال ومن غير هداة البال ما عمر الناس بتفرح وتبسط من قلبها".

أوضاع اقتصادية

أما "أم شريف الحلو" من مدينة رام الله تشير إلى أن وضعهم الاقتصادي لا يسمح بمصروف رمضان المعتاد عليه، فزوجها عامل وقد انقطع عن عمله بعد منع الاحتلال من دخول العمال الفلسطينيين إلى أراضي 48 بالداخل، وهو ما حال دون تحضيرات الشهر الفضيل، إضافة إلى الخشية من تبعات العملية العسكرية بعد اختطاف ثلاثة إسرائيليين قبل اسبوعين.

وتضيف أم شريف "اقتصر بشرائي للحاجات الضرورية، وقررت أن أقوم بصنع حلويات المنزل لأطفالي حتى نستطيع التوفير، واحضر لهم من اليوم ملابس العيد قبل غلاء الأسعار ، فمدينة رام الله أسعارها مرتفعة والتسوق فيها يثقل كاهل المواطنين بشكل كبير".

أما قيس محفوظ، موظف في مدينة رام الله، القادم من قلقيلية يبين أن "الظروف التي تعيشها مدينته بسبب الجدار العازل وتضييق الخناق على سكانها فاقم من وضعها الصعب، فأهلها لم يعودوا يعتمدون على الزراعة كما السابق بسبب ضم آلاف الأراضي خلف الجدار، وباتوا يعتمدون على العمل بالمدن الأخرى وهو ما فاقم من صعوبة العيش".

ويقول قيس " رمضان يأتي مع بداية الشهر وراتبي معظمه إن لم يكن كله صرف على تسديد الديون ورمضان ومصاريف وتحضيرات العيد لم تأتي بعد، ومثلي ملايين، موظفين يعتمدون على راتبهم للعيش، ولا يوجد مصدر دخل آخر لنا".

التراحم والتآخي

بدورها دعت هيئة العلماء والدعاة في القدس المحتلة لمواطنين بأن يصونوا حرمة شهر رمضان الفضيل، نهاره مع ليله، وبسبب الظروف المعيشية الصعبة دعت التجار إلى مراعاة أحوال الناس المعيشية، وأن يكتفوا بالربح القليل؛ حتى يتضاعف لهم الأجر.

وحثت إلى الصلاة وشد الرحال للمسجد الأقصى يوميا بالشهر الفضيل، وان يتذكر الأغنياء الموسرون إخوانهم الفقراء المعسرين، وأن يتنافس الجميع في الصدقات بأنواعها، والزكاة بأشكالها من كفالات للأيتام، والأرامل، والمسنين، وأصحاب الاحتياجات الخاصة، والعاطلين عن العمل، وعوائل الشهداء والأسرى، والموقوفين، وأولئك الذين هدمت بيوتهم، ودُمّرت متاجرهم، وخربت مصانعهم ومزارعهم، وباتت غالبيتهم تعيش في العراء.

دعوات للتكافل خلال الشهر الكريم

أما في مدينة خليل الرحمن، حيث تستمر انتهاكات الاحتلال مستمرة من ممارسة العبادات الدينية، حيث يحجب صوت الآذان عشرات المرات في الشهر، كما يشير مدير أوقاف الخليل زيد الجعبري حيث يتراوح المنع 50-70 مرة شهريا، إضافة إلى منع مواطني الخليل من الخروج منها ومواصلة الحصار المفروض عليها.

ويذكر الجعبري، إن إجراءات الاحتلال تتزايد بشهر رمضان المبارك، حيث يحاولون التضييق أكثر على المصلين المتوجهين للصلاة بالحرم الإبراهيمي الشريف، من خلال الحواجز الالكترونية المنتشرة على مداخل الحرم، كما ويتعرض المواطنون لاعتداءات المستوطنين المتكررة، فالخليل برمضان تبقى حزينة على مسجدا ما دام المحتل قابع فيه وبمحيطه.

وفي مدينة القدس الشريف، أعلنت قوات الاحتلال الإسرائيلي عن إجراءات مشددة ستتخذها بمدينة القدس بالشهر الفضيل، وأعلنت أنها لن تقدم تسهيلات للفلسطينيين كما كان عليه الوضع في العام الماضي.

حيث أعلنت أنها ستدفع بالآلاف من عناصرها وحرس حدودها للمدينة، وخاصة وسطها وفي البلدة القديمة ومحيطها، وتشديد الإجراءات على المعابر والحواجز العسكرية الثابتة على المداخل الرئيسية للمدينة المقدسة.

كما ستضع المتاريس والحواجز للتفتيش والتدقيق ببطاقات المواطنين-كما أعلنت سلطات الاحتلال- فيما ستغلق محيط البلدة القديمة من الشوارع الرئيسية والفرعية وأيام الجمع، وسمحت فقط لمن تزيد أعمارهم عن خمسين عاما من سكان الضفة الغربية لدخول القدس.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com