بالمر لوكي، ملك صبية الواقع الافتراضي، لفت الانتباه من بين جميع المهووسين بتقديمه إجابات عن أسئلة مطوري اللعبة حول ما إذا كانت سماعة الرأس الرائدة "أوكيولس ريفت" التي صنعها في مرآب والديه يمكن أن تعمل مع ما يعرف بـ "التحفيز الدهليزي الجلفاني". يفسر لوكي بابتهاج، التحفيز الدهليزي الجلفاني بأنه "يتناول في الأساس الأقطاب الكهربائية العالية الجهد ويعمل على تمريرها من خلال رأسك للترفيه".

وما تقوم به تكنولوجيا أوكيولس في الواقع الافتراضي للعيون، يقوم به التحفيز الدهليزي الجلفاني لتحقيق التوازن. وعند وضعها على الأذنين، يخدع نظام التحفيز الجسم ليشعر الشخص كما لو أنه يتحرك في طرق لا يتحرك فيها حقيقة. ومن الناحية النظرية، كما يقول، يمكن لنظام التحفيز المذكور جعل تلك الحركات الدورانية المتعددة في أوكيولس محاكاة يشعر الجميع بأنها أكثر واقعية تماماً.

ثم يُطلِع المهووسين على سر صغير. ففي حين إنه يمكنهم شراء نظام التحفيز الدهليزي بمبلغ يقارب ثمن سيارة صغيرة، ينبغي لهم في الواقع محاولة بناء نظام بأنفسهم. وقال لمعجبيه في مؤتمر للألعاب العام الماضي "إذا قمت باستعمال محرك البحث جوجل لمعرفة مخططات التحفيز الدهليزي يمكنك في الواقع القيام بذلك مقابل عشرة دولارات على مراحل". لقد نجح بالتأكيد نهج "اصنعه بنفسك" مع لوكي. وباستخدام الأموال التي اكتسبها من إصلاح أجهزة الآيفون والتداول في البتكوين، استطاع لوكي في فترة المراهقة أن يتغلب على سوني بلاي ستيشن ومايكروسوفت إكس بوكس وإنشاء نظام VR الذي يعتبر أكثر إثارة للإعجاب، الذي يجعل الشخص يستغرق في التجربة.

وهذا الأسبوع، باع لوكي البالغ من العمر 21 عاما، "أوكيولس" إلى "فيسبوك" مقابل ملياري دولار. وقال مارك زوكربيرج، مؤسس "فيسبوك"، إن VR هو "المنصة الحوسبية الرئيسة المقبلة"، التي يمكن أن تسمح للمستخدمين بتبادل "ليس فقط لحظات مع أصدقائك عبر الإنترنت، لكن التجارب والمغامرات بأكملها".

واستحواذ زوكربيرج على نظام VR فاجأ وادي السليكون على حين غرة، الذي اعتقد أن VR مفهوم متخصص للاعبي الألعاب وأن "فيسبوك" كانت مجرد مكان لنشر الصور. ويشعر الشخص بأن هذه التكنولوجيا تجعل أجهزة محاكاة الطيران أكثر واقعية، إلا أن زوكربيرج يعتقد أنه يمكننا قريباً أن نقوم بزيارة الأطباء، أو الذهاب للتسوق من خلال سماعة VR. وأضاف "إننا نقوم برهان على المدى الطويل في أن تجربة الواقع الافتراضي الغامرة والمطوَّرة ستصبح جزءاً من حياة الناس اليومية".

لقد أقدم زوكربيرج على بعض الرهانات الكبيرة وغير المتوقعة في الآونة الأخيرة. فبعد 48 ساعة فقط من الإعلان عن صفقة أوكيولس، نشر مشاركة له تناول من خلالها برنامج فيسبوك "لتوجيه الإنترنت للناس من السماء".

ويعمل مختبر الاتصال الجديد التابع لـ "فيسبوك" على بناء "طائرات بدون طيار وأقمار صناعية وأشعة ليزر" لتوفير خدمة الاتصال عبر الإنترنت في مناطق نائية من الكرة الأرضية. وبعد أن استقطبت عدداً من المهندسين والرواد من مختبر الدفع النفاث في ناسا، المختصين في "تكنولوجيا الاتصال عبر بصريات المساحة الحرة" - ربط الأقمار الصناعية مع بعضها بعضا من خلال أشعة الليزر، بدلاً من ترديد الإشارات خارج الأرض – تقول "فيسبوك" الآن "إنها تتطلع لتوظيف مختصين في الديناميكا الهوائية والفيزياء ونظم الاتصالات".

كل هذا يتجاوز بمسافة بعيدة الوخزات وتحديثات الحالة الموجودة على "فيسبوك". وتعتبر تحركاتها هذه طلقاتها الافتتاحية في معركة من أجل الجيل التالي من التكنولوجيا. وبشكل مشابه لسيارات "جوجل" الذاتية القيادة، ومراكب الشحن الغامضة، والسماعات الزجاجية، تهدف عملية دفع "فيسبوك" باتجاه تكنولوجيا VR و"تكنولوجيا الاتصال عبر بصريات المساحة الحرة" إلى تحديد الشيء الكبير المقبل قبل أن يستهدفه أي شخص آخر. والمشكلة هي أن ما من اتفاق في صناعة التكنولوجيا حول ماهية هذا الشيء.

في العام الماضي أطلقت جوجل "مشروع لون" Project Loon، وهو خطة لتقديم الإنترنت إلى المناطق النائية باستخدام شبكة من البالونات تحلق على ارتفاع منخفض. وفي الوقت نفسه، كانت تقوم خلسة بشراء شركات لتصنيع الروبوتات، مثل بوسطن ديناميكس، الشركة التي تقف وراء "بيج دوج" Big Dog، وهو روبوت شبيه بالحيوانات يمكنه تثبيت نفسه عندما ينزلق على الجليد وأن يثب عبر الغابات الصخرية. وفي كانون الثاني (يناير) دفعت 3.2 مليار دولار لشراء مختبرات نيست، صانعة الأجهزة الكهربائية الأنيقة "للمنزل الذكي" التي تسمح للمستخدمين برفع درجة حرارة التدفئة، أو إيقاف جهاز إنذار الحريق من أي مكان باستخدام التطبيق الذكي. وتأمل "جوجل" أن يساعدها ذلك على امتلاك "إنترنت الأشياء" التي يرى كثيرون أنها وريث شبكة الإنترنت.

وقال لاري بيج، الرئيس التنفيذي لـ "جوجل"، الأسبوع الماضي "إنه يعتقد أن الشركات فشلت لأن المستقبل غاب عن ذهنها". وخطته أن تبني "جوجل" مستقبلها الخاص. وقال في مؤتمر TED: "في مجال التكنولوجيا على وجه الخصوص، نحن بحاجة إلى تغيير ثوري وليس نوعاً من التغيير التدريجي البطيء".

وحتى هذا الأسبوع كانت الاستحواذات التي نفذتها "فيسبوك" تبدو أقرب إلى كونها مجموعة من التغيرات التدريجية البطيئة. وقبل شهر واحد فقط، أنفق زوكربيرج 19 مليار دولار لشراء تطبيق واتس ـ آب WhatsApp لتبادل الرسائل، وهو تطبيق الدردشة الذي يشترك فيه أكثر من 500 مليون مستخدم. وفي عام 2012 دفعت الشركة مليار دولار تقريباً لشراء تطبيق الصور، إينستاجرام. وساعدت هذه على تحرك "فيسبوك" من سطح المكتب إلى الهاتف الجوال.

لكن أوكيولس وبرنامج الطائرات بدون طيار يعكسان مساعي "فيسبوك" لإنشاء منصة جديدة بالكامل – وبشكل مكمل للهاتف الذكي، أو الكمبيوتر الشخصي المقبل، أو حتى الإنترنت الجديد. وقال زوكربيرج "يشير التاريخ إلى أنه سيكون هناك مزيد من منصات الحوسبة المقبلة، وأن أي شخص يقوم ببنائها، أو تعريفها لن يعمل فقط على تشكيل كل التجارب التي تبني صناعاتنا، ولكن أيضا الاستفادة من الناحية الاستراتيجية والمالية". والأمر ليس فقط مجرد محاولة من "فيسبوك" و"جوجل" لغزو مناطق جديدة. وإنما قيامهما بمعظم ذلك بشكل علني.

 

أحببت الخبر ؟ شارك اصحابك
استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com