أخذ مفهوم يهودية الدولة ـ اسرائيل دولة يهودية، يُطرح سياسياً، وكأنه قضية من قضايا الحل الدائم.نجحت اسرائيل في عهد رئيس الوزراء نتنياهو، في الخلط ما بين يهودية اسرائيل بمعناها الميثيولوجي - الاسطوري، وما بين السياسة، والتسوية الدائمة ما بينها وبين الفلسطينيين.

لماذا هذا الطرح وبهذه الحدية والصرامة من قبل اسرائيل، هل يأتي ذلك في سياق عرقلة المفاوضات ونسفها أم لغايات اخرى.

لعل قراءة متأنية لمواقف الحكومة الاسرائيلية الراهنة، وبرامج الاحزاب اليمينية الاسرائيلية، الليكود وشاس واسرائيل بيتنا، تبين لنا، ولو بشكل عام، عن المبتغى الصهوني، الكامن وراء هذا الطرح.

الصهيونية حركة سياسية، لكنها بالوقت ذاته، تستمد فكرها من مصادر عدة، أهمها وأبرزها المثولوجيا التوراتية، القائمة على رواية تاريخية تعود في القدم لأيام النبي موسى، واقامة الهيكل الثالث.

اسرائيل لا تكتفي بالاعتراف بها كدولة ذات سيادة، فوق أرض مغتصبة بالأساس، بل تطالب الضحية - الشعب الفلسطيني ، الاعتراف بيهوديتها، بمعنى أدق، الاعتراف بالرواية الصهيونية، والاقرار علانية وصراحة بعدم صحة الرواية الفلسطينية، واعتبار الشعب الفلسطيني شعباً مقتلعاً عن أرضه ووطنه، أرض الآباء والاجداد، والموافقة على الرواية الصهيونية القائلة بأن الفلسطينيين عابرون .. بدو عرب استخدموا الأرض اليهودية، وهي ليست لهم.

يهودية الدولة، تعني ايضاً نفي الارتباط الوطني الفلسطيني بفلسطين، واعتبار الكفاح الوطني الفلسطيني، في مقاومة الصهيونية والانتداب البريطاني، ومن ثم انطلاق الثورة الفلسطينية منذ العام ١٩٦٥، عملاً تخريبياً لا علاقة له بالتحرر الوطني.

ما تطرحه اسرائيل، وتصر عليه، هو أمر خطير للغاية، هو نفي للوطنية الفلسطينية، ولمشروعية الكفاح الوطني، بأشكاله كافة، وهو اعتذار عما قامت به الاجيال الفلسطينية، منذ نشأة الوطنية الفلسطينية، وبالتالي هو تسليم بالميثيولوجيا الصهيونية، وروايتها وبالتالي الاعتراف سيعني الغاء حق العودة تماماً ونهائياً، وعدم مشروعية اي كفاح وطني فلسطيني مستقبلاً.

الفلسطينيون، اعلنوا موقفهم الصريح والواضح، ازاء هذه القضية، وفي مباحثات البيت الابيض، اوضح الرئيس محمود عباس ذلك، وعلى مسمع الرئيس الاميركي اوباما، هل يكفي ذلك؟!! بالطبع لا.

القضية تحتاج الى شروح فلسطينية معمقة وواسعة، تطال الجوانب كافة، التاريخية والقانونية والانسانية وخلافها، لتوضيح الموقف الفلسطيني، والكشف عن مخاطر شعار يهودية الدولة - اسرائيل، وهذا ما يحتاج بالطبع، لحملات دعائية مركزية، والى جهود اعلامية ودبلوماسية وقانونية وعلى المستويات كافة.

ستعمل اسرائيل بالطبع، في المرحلة القادمة، ما بعد لقاء واشنطن على توظيف الرفض الفلسطيني، لمفهوم يهودية اسرائيل، للتحريض ضد السياسة الفلسطينية، وتصويرها على انها ارهاب، الهدف من ورائه تدمير الدولة الاسرائيلية!.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com