قراءة موضوعية في قرار شباب التغيير دعم جرايسي

* بقلم المستقيل من شباب التغيير – عبدالناصر أبو دبي

مرفق بهذا بيان يشرح ظروف استقالتي ويحلل مجريات الاحداث في انتخابات مدينة

1. مقدمة

على أسس مبدئية وقاعدة صلبة بعيدة عن المستنقعات السياسية الضحلة نشأت مجموعة شباب التغيير بمبادرة مجموعة من أنظف الأيادي وأبعدها عن مصافحة الأيدي المشبوهة والمال السياسي. عرفهم الناس من ساحات النضال والتصدي, من مخيمات العمل التطوعي التقدمي ومن سجون وزنانين الاحتلال. لا من منابر الخطابات الرنانة وصالات الاجتماعات المكيفة. عرفهم معظم أهل الناصرة من أعمالهم التطوعية والوطنية في السنوات الثلاث الأخيرة ومحاولتهم ملأ الفراغ السياسي والخدماتي الذي تركته ادارة البلدية بقيادة الجبهة. ثم عرفوهم أكثر عندما قرروا خوض المعركة الانتخابية.

2. ما أنصف البعض شباب التغيير فأنصفهم الناس

منذ نشأة المجموعة -وجلّها من المنشقين عن الجبهة- رماهم الناس بالشبهات وأولهم الجبهة التي خونت وتنكرت لماضيهم المشرق داخل هيئاتها واستهزأت بقدراتهم وتجاهلت نقاشاتهم الموضوعية حتى تلك التي تصب في مصلحة الجبهة واتهمتهم بالباحثين عن فرصة ومصلحة وكانوا بعيدين عن ذلك. تزايد البعد بين الجبهة وشباب التغيير حتى طلقوها طلاقاً لا رجعة فيه وقرروا أن يستمروا في مسيرتهم حتى أصبحوا من أشد المنافسين لها. في خضم الانتخابات شككت القوائم الأخرى وروجت زوراً وكذباً بأن ولاء شباب التغيير ما زال للجبهة وروجت الجبهة ذاتها بأنهم عقدوا صفقات مع منافسيها وأنهم قائمة "حرق أصوات" لترهب جماهيرها المستائين من التصويت لهم. فما أنصفهم خصومهم لكن الناس أنصفهتهم فأعطتهم الثقة ليدخلوا البلدية بعضو منتخب. بعد اعلان علي سلام رئيساً للبلدية تسارعت القوائم لتقاسم السلطة بدون مرجعية مبدئية فلم ينصفهم الرئيس وبقو خارج الائتلاف. فأنصفهم الناس واحترموهم على تصويتهم الى جانب الائتلاف في القضايا التي فيها مصلحة الناصرة وامتناعهم او معارضتهم الموضوعية ونقدهم لرئيس البلدية في قضية التجنيد.

3. الأزمة

آثرت الجبهة خوض غمار جر المدينة الى متاهات مظلمة على التسليم بتقلص قاعدتها الشعبية وذهبت الى المحاكم متذرعة بأقذر المحرمات (أصوات الجنود) الأمر الذي أدانه شباب التغيير في حينه حتى لو كان الهدف "اظهار الحق" في ملف الرئااسة. ومن المؤسف أن حيلة الجبهة بكسب وقت بدل ضائع لتشويه سمعة الائتلاف البلدي وجمهوره قد نجحت! وفي ظل هذا الجو المتوتر سقطوا مكرهين في شركها وارتكبوا أخطاءاً ما كانوا ليرتكبوها في جو صحي وهاديء فاشمئز شباب التغيير من ردة فعل الائتلاف على ممارسات الجبهة واصبحوا يرون به قطباً لا يقل سوءاً عن الجبهة متناسين أنها جذر الويلات والعذابات التي حلت بمدينتنا مع اعترافي بأن على الائتلاف البلدي جزء من المسؤولية في ابعاد شباب التغيير عنه.

4. الانتخابات الثانية وحملة الترهيب

بعد كسبها للوقت بدل الضائع انقضت دعاية الجبهة على أخطاء الائتلاف البلدي في الأربع أشهر الأخيرة واستعملت اسلوب جوبلز الذي ذكره جرايسي في خطاب سابق متهماً فيه منافسيه وهو "كرر الكذبة لا بد أن يعلق منها شيء في أذهان الناس". بنت الجبهة دعايتها على أساس واحد ووحيد: ترويع الناس من "الويلات" القادمة عليهم من استبدالها. ومارست الارهاب الفكري على ابناء الناصرة الكرام من المسيحيين بذريعة أن جزء من الائتلاف هو الحركة الاسلامية وتشبيهها بتنظيم القاعدة وبهذا تجاوزت احدى المحرمات بالهمس الطائفي. بالغت الجبهة بتصوير "الكارثة" القادمة ودفعت بالناس ليبنوا مواقفهم على تخمينات من علم الغيب بدل الرجوع الى الذاكرة ومحاسبة الجبهة على أدائها. فهي ان نجحت بتحويل تخمين الغيب الى واقع بفضل عملية التكرار سينتخبها الناس من منطلق "اللي بيشوف مصيبة غيره بتهون عليه مصيبته".

5. ناقوس الخطر

يبدو أن أساليب الجبهة قد بدأت تؤتي أُكلها فنجحت في اقناع حركة "أبناء البلد" في دعمها. هذا الدعم الذي لا ألوم فيه "أبناء البلد" انما اعتبرهم ضحية للهاجس الوطني الصادق لديهم في ظل استغلال الجبهة للاشارات "الغير وطنية" التي اصطادتها الجبهة من مياه المنافسين العكرة بفضلهم أصلاً. في هذه الأثناء بدأ هاجس الحسم يتسلل الى شباب التغيير لم يبق لاعبٌ في الساحة النصراوية الاّ وحسم موقفه حتى اصغر التنظيمات (أبناء البلد). خاض شباب التغيير بشجاعة قرار الحسم وبذلوا طاقات جبارة لاستوفاء النقاش الداخلي لئلا يقعوا في الخطأ. كان الانقسام في شباب التغيير واضح بأن النصف من مؤيدي جرايسي والنصف الآخر من مؤيدي سلاّم. أبدى مؤيدي سلاّم في شباب التغيير مسؤولية منقطعة النظير في تفهمهم لموقف رفاقهم من مؤيدي جرايسي ولم يرغبوا بفرض دعم سلاّم عليهم. فتطور موقفهم لموقف الحياد واعطاء حرية التصويت خاصة وأن كل الاستطلاعات والحسابات تشير الى فرصة أكبر لسلاّم. لكن من المؤسف جداً أن مؤيدي جرايسي آثروا الفوز على رفاقهم في معركة داخلية على وحدة شباب التغيير فوقعت المفاجئة. 25 صوت لصالح الحياد مقابل 26 لصالح جرايسي. أغلبية النصف + صوت هذه هي أغلبية شرعية ولكن كشفت أنانية واستعلائية غير مبررة من قبل مؤيدي جرايسي وكأنهم وحدهم يملكون الحق! ... ومع ذلك لا أستغرب, فما من مؤيد لجرايسي الاّ ومسه شيءٌ من صفاته.

6. ادرينالين البقاء وعزيمة التغيير

قد أخطأ شباب التغيير في زج أنفسهم في معركة ليست معركتهم. كان الأجدر بهم الحياد وتجاهل الشهوة الحالية بتجريب أدرعهم ورماحهم. لقد اهدر شباب التغيير انجازهم الثمين بإجبار جرايسي على الاعتذار عن التذرع بأصوات الجنود في حينه. وسارعوا لمكافئته بطوق النجاة. كان الأجدر بشباب التغيير اشتراط حسم مصيري مثل هذا بأغلبية الثلثين أو أي أغلبية "غير عادية" أخرى. لأن جرايسي -والذي يعتنق ايديولوجيا يسارية علمانية كشباب التغيير- ان استطاع ان يحصل فقط على النصف + صوت في شباب التغيير فانه لن يستطيع أن يحصل على 40% من أصوات الفئات الشعبية في المدينة. وعليه فان طوق النجاة لن يطفوا ويذهب باتجاه شباب التغيير انما سيغرق ويسحبهم معه!. لذلك يمكننا الاستنتاج وبشكل واضح من نتيجة التصويت في شباب التغيير رغم ترجيح كفة جرايسي هناك بأن عزيمة التغيير لدى جماهير الناصرة ما زالت تزخر بزخم شعبي هادر وسيكتب لها النجاح باذن الله رغم ماكينة الاعلام الجبّارة التي حشدتها الجبهة من جميع كوادرها قطريًا. هذا الحلم بامكانه التحقق اذا تمتع شعبنا بالوعي والمناعة والصمود في وجه الرياح العاتية المتمثلة بحملة التحريض الغير مسبوقة من قبل معسكر الجمود والترهل.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com