دخلت الثورة الإسلامية الإيرانية عامها السادس والثلاثين. حققت إيران خلال هذه الأعوام الكثير من الإنجازات على الصعد الاستراتيجية، السياسية، العسكرية، الاقتصادية والاجتماعية، فتدرّجت في المجال العسكري إلى أن امتلكت قدرة عسكرية فائقة القوة، نقلتها من مجال الدفاع عن النفس الى الدفاع عن المجال الحيوي الجيو سياسي في المنطقة، ودخول نادي الدول النووية، ما بات يثير خوف وقلق إسرائيل، ودول الخليج.

وبعد 35 عاماً لا تزال الثورة الإيرانية بالزخم بنفسه. قدمت نموذجاً يُحتذى. حققت قفزات نوعية على الرغم من التحديات التي واجهتها.
لقد تحوّلت ايران وهي على أبواب العقد الرابع من ثورتها، إلى دولة ذات بعد دولي بعدما استطاعت اجتياز أعالي البحار في تثبيت قدرتها النووية وإرسال أساطيلها الى المحيط الأطلسي، ما خوّلها احتلال موقعاً استراتيجياً في الخريطة الدولية.

لم تستجْدِ إيران الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية رفع العقوبات عنها جراء ملفها النووي السلمي، لم تطلب أي لقاء مع المسؤولين الأميركيين أو سواهم، فالاجتماعات التي حصلت جاءت بناء على طلبٍ من الجانب الأميركي. ومن دون أي تراجع عن حقوقها السلمية ومن دون أي تنازل، وقعت الجمهورية الإسلامية الاتفاق النووي الذي بات يُعرف بالاتفاق التاريخي، الذي أثمر إلغاءً للعقوبات المفروضة عليها منذ تسعينات القرن الماضي والإفراج عن بعض أرصدتها المجمدة.

لقد رفضت الجمهورية الإسلامية فتح أيّ ملف قبل الانتهاء من البحث في النووي الايراني. وعليه فإن المرونة الايرانية في المفاوضات مع الولايات المتحدة الشيطان الاكبر ، بشأن البرنامج النووي، لم ولن تنعكس على مسائل وقضايا أخرى كالقضية الفلسطينية، التي هي خارج أي مفاوضات أو تسويات، وكذلك الوضع في سورية، فاتخذت ايران بقيادتها وشعبها موقفاً واضحاً من الأزمة السورية التي بدأت منذ نحو ثلاثة أعوام. فإلى نجاح تحالف الجيش والشعب والحكومة المتواصل في التصدي للمجموعات الإرهابية والمتطرفة المسلحة، والوقوف في وجه التآمر الاقليمي والدولي لإسقاط سورية، فإن ايران لعبت دوراً في صمود الدولة السورية وعدم السماح بإسقاطها، وهي لا تزال عند موقفها. وأكدت دعمها لجنيف ـ 2، واستعدادها للمشاركة في المؤتمر من دون أي شروط، والمشاركة في أيّ حلّ سياسي للأزمة، فمصير الشعب السوري وفق المسؤولين الإيرانيين، يقرّره الشعب السوري.

تسعى إيران الى توطيد العلاقات مع الدول المجاورة، والى تفعيل التعاون مع جميع هذه الدول في المجالات كافة ما عدا «إسرائيل». ففلسطين هي البوصلة، وسياسة ايران من الدول المجاورة تنطلق من منظور موقفها من فلسطين، التي لن تحيد عن دعمها ومناصرة شعبها، وستبقى في الخط الأمامي في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي.

وعليه، أكد السفير الإيراني غضنفر ركن آبادي في لقاء مع عدد من الإعلاميين أمس، انّ بلاده تدعو الى تعزيز العلاقات مع دول المنطقة، وتمدّ اليد الى المملكة العربية السعودية، لا سيما انّ أيّ تفاهم إيراني ـ سعودي من شأنه أن ينعكس إيجاباً على الملفات العالقة في المنطقة.

أما في العراق فبعد مساهمتها في طرد الاحتلال الأميركي، تلعب الجمهورية الاسلامية دوراً هاماً في الوضع السياسي، وفي دعم رئيس الحكومة نوري المالكي في حربه ضدّ الإرهاب الذي يتهدّد المنطقة برمّتها.

وبغضّ النظرعن الموقف التركي الرسمي من الأزمة السورية، ومساهمة حكومة رجب طيب أردوغان في تأجيج الصراع المذهبي، فإنّ ايران حافظت على علاقتها مع الدولة التركية ولم تسمح للعلاقات الايرانية - التركية بالوصول إلى حدّ القطيعة. فمحادثات اردوغان الشهر الفائت مع المسؤولين الايرانيين، والتي لم يغب عنها الوضع السوري، استحوذ عليها الاقتصاد، وكان تجديد للتأكيد من قبل الإيرانيين للوفد التركي أنّ النظام السوري الذي لم يسقط منذ ثلاث سنوات كما اعتقدت تركيا، لن يسقط اليوم.

لا تغفل الجمهورية الإيرانية اهتمامها بلبنان. تؤكد دعمها له. تبدي استعداداً لمساعدته في التنقيب عن النفط، والكهرباء، وتسليح الجيش، إلا انها لم تتلقّ أي جواب من الجانب اللبناني.

وعليه، تبدو إيران أنها لن تتراجع قيد أنملة عن مبادئها. وستبقى الثوابت التي قامت عليها الثورة الإسلامية التي قادها الإمام الخميني راسخة.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com