يقول غاندي: " "لا" التي تخرج عن قناعة أفضل بكثير من "نعم" التي تخرج من أجل الإرضاء، أو الأسوأ من ذلك من أجل التهرب".

بعض الناس يتحرج أو يستصعب أن يقول "لا" للآخرين، فإما أن يحاول أن يتهرب أو أنه يقول "نعم" مع أنه يقصد بها "لا"، إن عدم القدرة على قول "لا" في مكانها الصحيح و "نعم" في مكانها الصحيح لهو أكبر عدو من أعداء تنظيم الوقت وبالتالي فهو يؤدي الى كثرة الاتزامات، وكثرة الالتزامات تقتل الإبداع، تعلم ان تقول "لا" وإلا فانك ستكون نسخة أخرى مثل ملايين النسخ الأخرى.

عندما نتحرج من قول "لا" وبعد ذلك نكتشف أن أنه ليس باستطاعتنا الوفاء بوعودنا فإن هذا سيسبب لنا احراجا اشد، وايضا يؤدي الى عدم رضى من الآخرين أكبر بكثير من عدم الرضى لو قلنا لهم منذ البداية "لا". السؤال هو كيف نستطيع أن نقول "نعم" في مكانها الصحيح و "لا" في مكانها الصحيح مع أقل قدر الحرج والضرر لنا وللآخرين؟

أولا، عندما تكون لك رسالة واضحة ورؤية ومحددة وغايات واقعية واهداف قابلة للقياس.. عندها فقط تستطيع أن تقول "لا" لكل شيء لا يصب في تحقيق أهدافك ويتعارض مع رسالتك في الحياة.. عندها فقط تستطيع أن تعطي تبريرا مقنعا للآخرين لماذا "لا"، عندها فقط تستطيع أن لا تحزن على الفرص التي قلت لها "لا" لأنها لا تصب في تحقيق اهدافك.. فعلى سبيل المثال أن يتوجه لك شخص بالشراكة في مشروع واضح انه مربح لك، اذا لم تكن اهدافك واضحة لك منذ البداية فإنك لا تعرف ان تقول له "لا" أم "نعم" وأيضا لن تجد تبريرا مقنعا لماذا "لا" اذا اردت أن تقول "لا"، أما ان كانت أهدافك واضحة لك فأنت ستقول "لا" مع تبيان السبب بأن عندك أهداف كذا وكذا في هذه الفترة ولا وقت لديك للدخول في هذا المشروع، وأيضا ستكون أنت مرتاح مع نفسك بانك لم تخسر "فرصة".

ثانيا، أحيانا بالفعل نريد أن نقول نعم لكن ظروفنا في الوقت الحالي لا تسمح لنا، في هذه الحالة يجب الاعتذار بشكل صريح أنه ليس بمقدورنا أن نقول "نعم" الآن لكن لا مانع في المستقبل القريب أن نقول "نعم"، عندها نقول "لا" ونعد أن نعود في المستقبل في حين تسمح الظروف لنقول "نعم"، اتباع هذا الأسلوب قد يسبب بعض الإحراج في البداية لكن عندما يعتاد الآخرون على أنك صادق وبالفعل ترجع اليهم في حين تسمح الظروف مستقبلا فإنهم لن يشعروا بالإحراج مستقبلا حين تقول لهم "لا"، وأيضا لن يلحوا عليك لتقول "نعم" لأنه يعلمون أنك صادق وسترجع اليهم. فعلى سبيل المثال أن يتصل بك أحدهم يريد منك خدمة لكنك في هذه الفترة مشغول جدا جدا، فإذا كان بمقدورك مساعدته وتنوي بالفعل مساعدته وقلت له: "لا مانع لدي من مساعدتك لكني ظروفي لا تسمح لي بأن أفعل ذلك الآن، لكني سأعود اليك خلال أسبوع" فإن عدت له بعد أسبوع عندها تكون قد أدرت حياتك وعلاقتك بشكل ناجع وناجح.

ثالثا، في كل مرة نريد أن نقول "لا" يجب علينا أن نستعمل ذكاءنا العاطفي، ليس بمعنى أن نقول "نعم" ونحن نقصد فعلا "لا" أو أن نتهرب من أن نقول "لا"، لكن بمعنى أن نحاول أن نقلل من أثر "لا"، وذلك من خلال استعمال عبارات الترحيب والاستقبال الحسن والتقدير، ومن ثم شرح الأسباب التي تدعوك الى قول "لا"، ومن خلال الإيحاء الصادق بانك كنت تود أن تقول "نعم"، فمثلا في حال لا يمكنك مساعدة شخص حاول أن تشرح له السبب وحاول توجيهه الى من باستطاعته مساعدته وهذه بحد ذاتها مساعدة سيشعر ببعض التعويض والتخفيف لعدم قدرتك على مساعدته.

إن الإنسان الذي لا يستطيع أن يقول "لا" في مكانها الصحيح يقال له رجل اليسمان Yes man)) ، هذا الإنسان يتميز بانه لا يدير وقته بنجاعة ويضطر الى الكذب والى اخلاف الوعود والى نتائج غير مرضية في عمله نتيجة للتشتت وايضا الى حالة نفسية غير مريحة. ان افضل شيء تعلمته في حياتي فيما يتعلق بإدارة الوقت والتعامل مع الآخرين هو متى أقول "لا" ومتى أقول "نعم"، وأيضا كيف أقولها بشكل لا يؤثر سلبا على مشاعر الآخرين.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com