أرى القتٓلةٓ، كلَّ ساعةٍ، يكسرونٓ اللغةٓ وقواعدَها؛

تارةً يكسرونٓ أضلاعَٓ المفعولِ بهم أو يرفعونٓهم على أسِنَّة البنادق،

تارةً يرفعونَ المجرورين خلفَ السياراتِ على رؤوسِ الأشهاد،

بعد أن يُكبِّروا ويُبٓسمِلوا ويُحوقِلوا ويُرٓسمِلوا ويُشرِكوا ويشترِكوا، ويشاركوا بأخذِ الكلِّ لأنفسهم وتوزيعِ الباقي على سوادِ الأمة.(1)

تارةً يفتحونَ الجباهٓ المرفوعةٓ، فتحاً مبيناً،

وتارةً يُسكِتونَ الحركاتِ في الشوارعِ العريقةِ المرصوفةِ بالدمارِ.

وفي أماكن أخرى يبني آخرونَ بُرجاً للعرب، لحجزِ مقاعدٓ من الدرجةِ الأولى في الجنة.

فأينٓ كان المبتدأُ واسمُ كان حينٓ انكسرٓ اسمُ الذي كان وما زال وسوف يكون؟

ولماذا يصرُّ غيبِلز، مرةً بلحيةٍ شعثاء ومرةً بنظارةٍ سوداءٓ، على احتكارِ الخٓبٓر؟ (2)


وهذا الخريفُ ما زالٓ في يومِه الأول. ( 3)

سنراهم، بعدُ، يجمعونٓ الذكورٓ السالمين جمعٓ تكسيرٍ،(4)
ويجمعون الإناثٓ السالمات جِماعاً في استراحات المحاربين(5).

سنراهم في بنك الفتاوى يصرِفون دماءٓ الأطفال الممنوعةٓ من الصرف،

سنراهم يضيفونٓ الفعلٓ إلى ما يشاؤون من الأسماء،

سنراهُم يستسقونٓ من سماءٍ تمطرُ براميلٓ من البارود، لتبريدِ الشفاهِ والوجوهِ المشققةِ بالعطش.

وما زالَ الخريفُ يفكُّ الأوراقَ الأولى عن عُرى الشجر.(6)

سنراهم، بعدُ، يُلغونٓ المجازٓ ويحظرون المُجازٓ في بلادٍ فاضٓ فيها الواقعُ على خيالات إبليس.

ففي أماكنٓ أخرى، يقومُ آخرون بتزويج الجملِ من موتورات فيراري ورولز رويس ولمبرغيني.

وما زلنا في أول الخريف، فلم ينضج الورقُ الأصفرُ ولا الوجوهُ الشاحبةُ إلى كاملِ لون الذهب. (7)

لكن تذكروا: حين تكثرُ الزوابعُ في قعرِ الفنجان، فاعلموا أن هنالك خلافاً متفقاً عليه في أروقةِ السرايا(8).

وحين يتواصلُ الكرُّ والفرُّ بين الديَكة، في القنّ الواقعِ بين محيطٍ وخليج، فاعلموا أن النسورٓ تديرُ الصراع على نارٍ هادئة. أما من يداهُ في الماء فليسٓ كمن يداهُ في النار.

وحين يواصلُ القتلةُ مراسيمٓ تقديس القرابين بآياتٍ من التكبيرِ والتكفير، فلا تتفاجأوا إن هربَ الناسُ كلّٓ يوم من أماكن العبادة لكي يعودوا إلى الله.(9)


إضاءات:

1. التكبير: ترديد "اللهُ أكبر".
البسملة: ترديد "بسم الله الرحمن الرحيم".
الحوقلة: ترديد "لا حول ولا قوة إلا بالله".
يُرسمل: إشارة إلى رأس المال والرأسمالية.
يُشرك: يعبد إلهاً أو آلهةً متعددة، غيرٓ الله الواحد.
يشترك ويشارك: إشارة إلى"الاشتراكية" ومدعي الاشتراكية.

2. جوزيف غيبلز: أحد كبار النازيين الذي ينسبُ إليه قوله ما معناه "اكذب ثم اكذب إلى أن تتحولٓ الكذبةُ في أذهان الناس إلى حقيقة".

3. هنالك من سارع إلى تسمية الثورات العربية "ربيع العرب".

4. النزاهةُ تحتمُ علي أن أوضحٓ أن هنالك عرضاً موسيقياً يسميه أصحابه "جمع تكسير". دعيتُ إليه، لكن لم تسنحْ لي الفرصة لحضوره.

5. الإشارةُ إلى ما أشيعٓ عن سلفيين محاربين يمارسون في سوريا ما يسمى "جهاد النكاح".

6. العرى (جمع عُروة) هي الفتحات التي تُجعٓلُ في الثوب لربطه بالأزرار، وهي أيضاً الشجرُ الملتف والذي لا تتساقطُ أوراقُهُ في الخريف والشتاء.

7. إشارة إلى أغنية فيروز "ذهب أيلول"، التي جاء في مطلعها: ورقُه الأصفر شهر أيلول تحت الشبابيك".

8. السرايا هي الدوائر الحكومية، أو أروقة الحكام، وبخلافه القرايا، التي تعني عامة الناس.

9. تحوير طفيف لمقولةٍ للكوميدي الأميركي (ليوناردو ألفرد شنايدر)، في خمسينيات القرن الماضي.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com