في الوقت الذي شق فيه فيلم " عُمر" للمخرج النصراوي العالمي هاني أبو أسعد، طريقه، بجدارة، إلى أعتاب الترشيح لنيل جائزة الأوسكار المرموقة – كتب الناقد السينمائي الإسرائيلي يهودا ستاف، مقاله النقدي في صحيفة " يديعوت أحرونوت" واصفًا الفيلم بأنه " ميلودراما بسيطة ذات مغزى سياسي سطحي" مضيفًا أن النزاع الفلسطيني الإسرائيلي معروض في الفيلم " بأسلوب طافح بالكليشيهات"!


أقل شأنًا من " الجنة الآن"!

كتب " ستاف" يقول: من الصعب فهم كيف أن هذه الميلودراما المتوسطة التي أخرجها هاني أبو أسعد قد نجحت في شق طريقها إلى قائمة الأفلام التسعة المرشحة للأوسكار. إن فيلم " عُمر"، أقل شأنًا وقيمة من الفيلم السابق لهاني- " الجنة الآن"، وهو فيلم مثير ومشوق، أنتج عام 2005.
" أبو أسعد" ينقصه الإحكام والبراعة والسخرية والتعبيرات السينمائية المميزة التي جعلت منه في السنوات العشر الماضية مبدعًا ذا باع وتداخُل، مثيرًا ولافتًا وصانعًا للتحديات. ومهما يكن قد جرى لهذا المخرج المولود في الناصرة، والذي يتماثل ويتضامن كليًا مع أشقائه الفلسطينيين، فإن فيلم " عُمر" هو " جرو قط" مذعن ومطيع بالمقارنة مع أفلامه السابقة!


آدم بكري- ناديا وطارق...

إن " عُمر" ( آدم بكري)، بطل الفيلم، هو فتى فلسطيني وسيم وجذاب، وهو أيضًا خباز طيب القلب واقع في حب " ناديا" الجملية، وهي طالبة ثانوية على وشك إنهاء دراستها، ومحظور عليهما التلاقي بسبب التقاليد، ولذا فإن لقاءاتهما خاطفة وسريعة جدًا، وتارة يتبادلان قصّاصات الحب والغرام، وتارة أخرى يمسكان بأيدي بعضهما البعض.

شقيق ناديا، طارق، يقود خلية مخربين صغيرة، مكوّنة من صديقي الطفولة، أمجد، وبطل الفيلم " عُمر"، وعندما يلقي جهاز الشاباك الإسرائيلي القبض على عُمر، فإنه لا يعذبه بشراسة المحتل لضحاياه فحسب، بل يرغمه على التعاون مع الاحتلال، وإلاّ فإنه سيلحق الأذى بناديا، حبيبة روحه، لكن عُمر المخلص ذا الضمير، لا ينوي خيانة رفاقه- ولو للحظة.

النملة والحشرة..

ومن هنا تتوالى إحداثيات الميلودراما الرومانسية، السطحية والمتوقعة سلفًا.وأسلوب هاني أبو أسعد في الإخراج هُنا عادي وخالٍ من التميّز، مع شاكوش للمخلوقات الصغيرة المعبرة مثل القط الذي يدور في دوائر لا نهاية لها، ونملة منهمكة بالعمل في زنزانة إسرائيلية، لا تكل ولا تملّ للحظة واحدة، وحشرة تدوس عليها ناديا بقدميها بدلالة رمزية فظة وظاهرة، مدللة على ما سيأتي ويكون.


وبواسطة كليشيهات الدراما والشخصيات غير المطوّرة، ينجح أبو أسعد في وصف أجواء الإرهاب الذي يفرضه المحتل الإسرائيلي على الشارع الفلسطيني، و ليس فقط بواسطة الأساليب والممارسات المذلة المهينة التي يلجأ إليها الجنود للتنكيل والتجبّر بحق مواطنين أبرياء – بقدر ما هو حاصل من إشاعة أجواء الشك وبث مشاعر البارانويا ( عقد الملاحقة- غ.ب) ومن استخدام مهين للمتعاونين. وبمنظور أبو أسعد فإن الشاباك الإسرائيلي هو عبارة عن سرطان يمدّ خلاياه ويدبّ في كل أسرة فلسطينية، وبسببه يتمادى الإنسان على شقيقه وأخيه. وهذا الطرح بعيد قيْد أنملة عن ( كونه) قصة أصغر مما يمكن أن وعن ( كونه) أسلوب إخراج عادي ممجوج، وممثلين يبدون جميلي الصورة، لكنهم لايفعلون أكثر ذلك!

 

أحببت الخبر ؟ شارك اصحابك
استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com