لا تقتصر مبررات رفضنا لطرح التبادل السكاني بين منطقة المثلث والمستوطنات المتداول في المفاوضات الاسرائيلية – الفلسطينية بوساطة امريكية فيما تم نشره على القنوات العبرية من لقاءات مع بسطاء المثلث ومع سياسي الداخل .

فنعم صدق البسطاء في تخوفاتهم من هذا المشروع الذي يعيدهم الى نقطة الصفر او ما تحته على المستوى الاقتصادي للفرد والعائلة كوننا اصبحنا مرتبطين ارتباطا تاما مع المؤسسة الاسرائيلية فيما يتعلق بوضعنا الاقتصادي بحكم الوضع الواقعي للامور ولا يمكن ان نعيب انفسنا في هذا , فهي لقمة العيش وقد فرض علينا الحصول عليها في هذا النحو.

ونعم صدق السياسيون في تعبيرهم عن رفض تبادل اراض فلسطينية باراض فلسطينية مغتصبة من المستوطنين في عملية مراوغة سياسية تعبر عن نكبة جديدة .

ولكن وبين هذا وذاك هناك العديد من الامور التي يجب تداولها ووضعها على طاولة مبررات الرفض , والتي من شأنها ان تعبر عن العديد من الشرائح التي لا يتغير وضعها الاقتصادي بمجرد تغيير جنسيتها , انما ترفض التبادل لاعتبارات كثيرة اخرى لن تسعها هذه المقالة التي من خلالها سأتطرق لعناوين تجول في ذهني.

نحن اصلا في فلسطين

يجب اولا ان اوضح ان مشروع التبادل السكاني لا يصح التعبير عنه بعبارة " ضم المثلث لفلسطين " وذلك لاننا اهل المثلث نعيش على ارض فلسطين كلها ولا ننضم لفلسطين من خلال مشروع التبادل السكاني , انما يتم اخضاعنا فقط لحكم السلطة الفلسطينية والتي نختلف معها في تعاطيها مع القضية الفلسطينية بشكل ملحوظ وسيكون من الصعب على اهل المثلث تقبل السلطة الفلسطينية بهيئتها القائمة , كما ان السلطة ستجد صعوبة في تقبل اهل المثلث بعقليتهم التاريخية والحاضرة , مما سينتج صراعا حتميا نحن جميعا بغنى عنه .

تفكيك العائلات وقطع الاواصر

اما على النحو الاجتماعي فالقضية ليست بهذه البساطة , اذ ان حجبنا عن مدن الشمال والساحل هو بمثابة قطع الاواصر وهدم النسيج الاجتماعي العائلي بين عائلات تكونت في المثلث لها روابط عميقة مع مناطق عربية فلسطينية ستبقى خارج منظومة التبادل , فسيتم حجب الزوجة بنت الشمال عن اهلها بجدار فاصل ونقاط تفتيش وجوازات دخول , وستقطع الاواصر وستفتت العائلات .

مصادرة مزيد من الاراضي

اما الاراضي المسجلة على اسماء اهل المثلث والتي وان كانت تعتبر حاليا اراض زراعية لمنع الانتشار السكاني فيها , وبحسب المخطط فستكون اراض امنية تفصل اراضي المثلث عن اراضي الداخل , وهي بمثابة مصادرة واحتلال جديد لمزيد من الاراضي المسجلة على ملكية اهل المثلث والمنتشرة على الاف الدونومات على خط شارع رقم 6 .

اما الجانب النفسي فله حيزه ايضا بحيث اننا سنمنع من التحرك في الاراضي الفلسطينية التاريخية , اذ ستضع الحواجز والعوائق امامنا عند زيارة بحر حيفا وعكا , وزيارة الناصرة ويافا وباقي الاراضي الفلسطينية .

المثلث واهميته في الداخل

ولا يمكن لاحد ان ينسى دور اهل المثلث في النضال من اجل القضية الفلسطينية والحفاظ على الاراضي والمقدسات , ويعلم الجميع الدور المهم الذي لعبته مدينة كمدينة ام الفحم من خلال تواجدها داخل الخط الاخطر , وكيف ان هذا التواجد له تأثيرات مهمة وطنيا على جميع مدن وقرى البلاد الفلسطينية داخل الخط الاخضر وخارج نطاقه , وان اخراجها عن وضعها القائم سيلغي هذا التأثير وسيجد اهل الشمال انفسهم يواجهون التحديات في صد المخططات الاسرائيلية الصهيونية وحدهم .

مدن الشمال داخل المعادلة

ولا يظنن اهل شمالي البلاد انهم سيبقون خارج المعادلة في مشروع التبادل السكاني , وحتى ان كارثتهم ستكون ربما اعظم من كارثة اهل المثلث في حال تم تحقيق هذا المشروع الذي يهدف اولا للحصول على الاعتراف بيهودية الدولة بعد اتمام زج اهل المثلث خلف الجدار الفاصل , ويهودية الدولة ستعني بالضرورة فرض واجبات " وطنية صهيونية " على فلسطينيي الداخل من خلال فرض التجنيد الاجباري عليهم وعلى ابنائهم من بعدهم , فهل سيقبل اهل الشمال التجنيد لصالح الجيش الاسرائيلي ؟ وهل سيقبلون باتخاذنا نحن اهل المثلث واخواننا بالضفة الغربية وغزة اعداءا لهم ؟

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com