كتب الأستاذ ناصر اللحام مقالة هامة يوم 19/12/2013 تحت عنوان ( وإذا الوحوش حشرت... )، نشرها على الصفحة الرئيسية لموقع وكالة معا التي يرأس تحريرها .. وانا هنا اعترف أنني متابع جيد لمقالات اللحام ولبرامجه على فضائية معا، لأنني أجد فيها أحيانا تحليل للواقع واستشفاف للمستقبل وكذلك جرأة لافتة في النقد، ولأنني اعتقد انه قريب من صناع القرار في بلادنا ..

كانت تلك المقالة ناجحة في مقدمتها حين تحدث عن قدرة الفلسطينيين على تحمل الصعاب، أثناء المنخفض الجوي الاستثنائي الذي ضرب مناطقنا الفلسطينية وعموم منطقة الشرق الأوسط، تلك القدرة على التحمل والصمود التي تحدث رغم شح الإمكانيات والخبرات وكذلك حين تحدث عن العمل التطوعي وعن أخلاق القرية والمؤازرة والتعاضد والتكافل التي سادت معظم المناطق الفلسطينية .
ولكن ما لم افهمه أو أستسيغه كان أمران :

أولهما - لم حشر الوحوش أي المسئولين وأصحاب التيارات وكارتيلات المال والسلاح وكومبرادور السلطة ( كما حددهم هو ) وفلتان تلك الوحوش أو تفلتها من القانون، دون أن تجد من يفرض عليها هيبة القانون كما يحدث دوما مع المواطن البسيط .. كان يمكن للمقالة أن تكون منسجمة أكثر لو ركزت على تداعيات المنخفض وتعاملنا مع أضراره على أن يخصص الأستاذ لتلك الوحوش مقالة أخرى.

وثانيهما أن الأستاذ اللحام أصر على حشر كل مؤسسات العمل الأهلي مع تلك الوحوش، وعلى شيطنة كل تلك المؤسسات، وكأنه يريد أن يقول أن الكل فاسد والكل عاجز والكل مقصر والكل يجب أن يرجم .. وهو ينسى أن أسلوب شيطنة الجميع يستفيد منه الشياطين الحقيقيين الذين يعرفهم الناس جيدا وكان المنخفض فرصة إضافية ليتلمس الجمهور قصورهم وعجزهم، وان هذا الأسلوب يزيد الجمهور إحباطا حين يسمع أن لا احد يقوم بواجبه وان المواطن متروكا لوحده ليصارع كل التحديات.

إنني أرى أن الأستاذ اللحام يتجنى وبالتحديد هنا على مؤسسات العمل الأهلي حين يضعها جميعا في سلة واحدة، ويطعن بمصداقيتها حين يتهمها جميعها بانحسار دورها في ندوات فنادق الخمس نجوم وسفريات العواصم العربية والأجنبية .. وينسى أن بعض تلك المؤسسات لم يغادر أبدا مربع العمل التطوعي والإسهام بتعزيز صمود المواطن، وهو ما يشهد عليه جمهور واسع من المزارعين وجمعياتهم، ذلك الجمهور الذي مازال يرى ذلك البعض من المؤسسات واقفا معهم في الشدائد وفي أحلك الظروف ..

وهنا أريد فقط أن أوصل للأستاذ اللحام بعضا مما قامت به مؤسسة الإغاثة الزراعية خلال المنخفض، حين شكلت طواقم طوارئ في كل المحافظات، وقدمت كل ما تملكه من إمكانيات تتلاءم والظروف رغم شحتها، لتضعها تحت تصرف بعض المجالس القروية في العديد من المحافظات مثل مضخات المياه، وكيف قام متطوعو الإغاثة الزراعية بجولات على العديد من المناطق الأكثر تضررا من المنخفض وحتى أثناء العاصفة، وقام مهندسوها بإرشاد المزارعين على كيفية تقليل الأضرار.. وهنا لا ادعي أن الإغاثة الزراعية قدمت إمكانيات جبارة، لكنها قدمت كل ما لديها، ويكفي أنها كانت على تواصل حثيث مع الجمهور في كل المحافظات.

أما بخصوص العمل التطوعي فأنني أعجب كيف لم يسمع الأستاذ اللحام عن حملة إحنا معكم التي تنظمها الإغاثة الزراعية للسنة الثالثة على التوالي لمساعدة المزارعين في قطف ثمار زيتونهم تلك الحملة التي تضمنت هذا العام 30 يوما تطوعيا في 30 موقعا فلسطينيا وخصوصا المناطق المجاورة للجدار والمستوطنات والتي تعتبر ساخنة لتعرضها الدائم لاعتداءات المستوطنين..

وكيف لم يسمع بحملات زراعة الأشجار التي تقوم بها الإغاثة الزراعية كل عام، تزرع خلالها عشرات آلاف الأشجار تحت شعار ( إن قلعوا شجرة سنزرع عشرة ).. وكيف لم يسمع عن حملات مقاطعة البضائع الإسرائيلية وحماية المنتج الوطني.

قد يكون لدى الأستاذ اللحام انشغالاته في مواضيع شتى بحيث لا يجد الوقت لمتابعة عمل مؤسسة كبيرة ورائدة كالإغاثة الزراعية، التي ولدت كما يعرف الأستاذ من رحم المعاناة زمن الاحتلال، وتحتفل هذا العام بالذكرى الثلاثين لتأسيسها .. ولذلك ومن اجل اغناء معلومات الأستاذ اللحام فإنني ادعوه ليفرغ نفسه ليوم واحد، ليكون بضيافة الإغاثة الزراعية، كي يرى بأم عينه بصمات الإغاثة الزراعية الموجودة في كل بقعة من أرضنا الفلسطينية، وكي يسمع من المزارعين الفلسطينيين قصص نجاحهم وكيف وقفت الإغاثة الزراعية معهم، وكيف أسهمت بتعزيز صمودهم وتحسين سبل عيشهم.
مخيم الفارعة

 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com