قالوا إن أعرابياً قد حلَّ ضيفاً على رجلٍ كثير المالِ ميسورِ الحالْ، وكان للرجل امرأة وابنانِ وابنَتانْ غير هداةِ البالْ، وبعد الترحيب والتهليل والراحة بعد طول التجوالْ، طلب الرجل من زوجته أن تُعِدَّ دجاجة واحدة وتقدمها لهم في الحالْ.

ولما جلس الرجل وابنتاهْ، وزوجته وولداهْ، مع الضيف لتناول الغداء، قدم الرجل الدجاجة لضيفه، وطلب منه أن يقسمها على الحاضرين، في محاولةٍ منه لاختبار الأعرابي والسخرية منه، يعني قال الزَّلمِه بِدُّو يِنكُش راسْ. فاعتذر له الأعرابي قائلاٍ : يا عمي أنا ما بعرف أقسم، لكن إذا إنتوا راضيين وهاي رغبتكم، فأنا ما عندي مشكلة وْمِرْحَبابْكوا.

فبدأ بالقسمة، حيث أخذ الدجاجة وبدأ بتقسيمها قائلاً: الرأس للرئيس وناوله رأس الدجاجَه، والجناحين للابنين يا مِوفِي الدِّيْنْ، والساقان للابنتينْ الجميلتينْ، والمؤخرة للزوجة المُوَقَّرَهْ، والزور للزائر آخذاً كل ما تبقى من الدجاجة بأكملها( طبعاً الجميع شِربوا المقلَب مستأنسين بالخازوق الذي نَجَّره لهم الضيف، يعني زي حالاتنا اللي أوله شرط آخرُه رِضا، بيجوز إحنا أكثر شعْب مْعَنْكَش بالشروط والاتفاقيات والقِسْمَة الضيزى، اللي كاتمة على أنْفاسْ أنفاسنا، واقتصاد اقتصادنا، وحقوق حقوقْنا، ومع ذلك بعدنا ما شفنا من الحلول أسود ولا أبيض، يعني الله يكون في العونْ، طالْ ما احْنا مِش عارفين بِدنا نِلقاها من هُونْ وِلاَّ من هونْ).

المهم، ثاني يوم وحياة راسو لازم يتفصحن عالضيف مرة ثانية، فقال لزوجتُه: اعملينا اليوم خَمْس جاجات يا مَرَه، وعالغدا راح مقدم الخَمِسْ جاجات للضيف وقايللو إقسمهن بيننا لو سمحت بمعرفتك. فتنهد الضيف وقال: بصراحة حاسس وكإنكم زعلانين من قِسْمِة امبارح، فأجابوه مادحين انهم مش زعلانين وحابين أسلوبو وْعدالتُو بالقسْمِة، يعني زينا مِن قِلِّة الهَنا، ما بنصَدق ونسمعلنا موقف مؤيد النا أو فيه كِلْمِة متعاطفِة معانا تْبِل ريقْنا، وْبِنْبَلِّش يا مايْلِه تْعَدَّلي انْكيل مديح وْثناء، بِدْنا نِعمل عِرِسْ، وْلو كانوا الإخوان حاكمينا لا قَدَّر الله كان بْنِعْمَل مُولِد وْبِنوزع قُطِّين وْراحَه، وْبِنْعَلِّل سَبِع ليالي، طَب بالله عليكُم معقُول لما نِسْمَع موقف عربي مؤيد النا بِنطَبّل وْبِنْزَمِّر وْبِنَّتِّف حالنا واحنا بْنِشْكُر وْبِنشيد وِبْنِتْمَنَّن الهُم، مع إنوا الموقف العربي مفروض يكون واجب وتحصيل حاصل، واللي بدو يِوقَف معانا يعني بيكون واقف مع حالو، وِاللي ضدنا بالتأكيد ضد حالُه، وْلَلِش هالبَهْدَلِة وْوَجَع هالقَلِبْ، لكن احنا مِضطرين شو نْساوي، الله يِلْعَن أبو الحاجِه وِالفَلَس ما أعطَلو وْشو بِيْذِلْ، خصوصاً لما بِتْصير السَّفالِة وْقِلِّة الحَيا مدارِس وْمَذاهِب وْفَتاوى فِتَنْ، بْيِتْنَطَّع فيها تجار الدين ومشايخ النصب ولاحتيالْ وِالأَسَنْ.

المهم، قالولو يا عمي إقسِم ولا يْهِمَّكْ، ما ارْضينا من قَبلَك بالبِيْن وْبِوْلادْعَمك ، احنا اصحاب الحق وْقَبْلانين ما حَدا دخلو فينا، ولا يِتْدَخَّل في شؤوننا الداخلية وْبَلاوينا.

فقال: طيب يا حفيظين السلامة، تُريدون القِسْمَةِ شَفْعاً أم وِتْرا ؟!( طبعاً منشان يْكون الخازوق هالمَرَّة مْبَشَّم وِبْشَراشيب حَمْرا كمان، على طريقة الأفاكين من بعض المتأسلمين اللي بيستَغِلُّوا الناس وِبْيِسِرقوهم بِالنُّصوص والفتاوى الباطلة، وْعلى مَد نَظَرَك وْجُر من مصر لسورية لفلسطين).

فقالوا: وتْراً.

قال: على بَرَكَة الله. إنتِ وْمَرَتَك وْجاجِة بِتْصيروا ثلاثِة. وابْناك ودَجاجَة بيصيروا ثلاثَة. وابْنَتاكَ ودجاجَة أيضاً بيصيروا ثلاثَة. وأنا ودجاجتان نُصْبِح ثلاثَة. ورمى لكل منهم نصيبه واستَفْرَدَ بالدجاجتين وحدهُ.

ولما رآهم مُنْدهشين ينظرون الى الدجاجتين في يديه، استدرَك متسائلاً: خير مالكو؟ مش عاجبْتكم القِسْمِة وتراً ؟! الوتر طول عُمرو ما بيجيش غير هيك، ولاَّ أجيبلْكُوا فتوى شرعية عشان تفهموها؟! أنا ما عْمِلِت إلاَّ بما يُرضي الله، وعلى كل حال بسيطَة وْمرْحَبابكُو، خَلِّنا نْروح فيها شَفْعاً وِنْقَسَّم.

فقالوا: شفعاً وطاعَة، إذهب بها شَفعاً لنرى.

عَبَط الخَمس جاجاتْ وْقال يا قاضي الحاجاتْ وحطْهِن قُداَّمو، وقال للرجل: أنت وإبْناكْ ودجاجة بتصيروا أربعة، صح وهاي جاجِه. ومَرَتَك وبناتها الثنتين الله يستُر عليهن مع جاجِه بيصيروا أربعَة، وهاي أحلى جاجِه، مْليْحْ ؟ وأنا وْنِتْفِت هالثلاث جاجات اللي ظايلات بِنْصير أربَعة، وْراحْ مالِط ثَلاث جاجاتْ عالبارِد المِسْتْريْح( طبعاً كلكوا عارفين إنوا من العادات الدارجِه لَتجار الدين ومشايخ النصبْ، مناسف الجاج والغُوص في اللبن حتى الرُّكَبْ).

هاي يا إخوان قصتنا اللي ما قابلي تِنِعْدِل معانا ولا مرَّة، لا شَفْعاً ولا وِتْرا، لكنا نعود ان إيماننا بعدالة قضيتنا وحقوقنا، أقوى من الإرهاب العنفي والديني من أي طرفٍ أو اتجاهٍ كانْ.

نتنياهو بيلْعَب فينا إلُو سْنينْ وما احنا عارفين لَهَسَّا عَ أنُو بابْ بِدنا نْدُور معاهْ، بِدوا كامل السلام وْما يِعْطينا أي أمانْ، وبدوا كامل الاستيطان ونِتْلَطْوَطْ من هانِ وْهانْ، وْبِدو يْعادي الأمريكانْ وْهُوِّ بِيْصارعْ إيرانْ، ياجماعة فَهمونا شو القِصَّه يا إخوانْ.

ففي الوقت الذي يقدم به الفريق الفلسطيني المفاوض استقالته للرئيس أبومازن، احتجاجاً واستياءً من استمرار الاستيطان ومن هذا السلوك الإسرائيلي العبثي المراوغ، كنا نشاهد في ذات الوقت مجلس السلام والأمن الإسرائيلي يقر ويعلن بأن استمرار احتلال غور الأردن لا يشكل ضرورة أمنية لإسرائيل، مخالفاً بذلك الادعاءات اليمينية المتطرفة المطالبة بالتمسك باحتلال غور الأردن عند أي اتفاق فلسطيني اسرائيلي.

وْمِش بس هيك، حتى تسيبي ليفني اللي شادين فيها الحيل طِلْعَت تتهم الفلسطينيين انهم بيحاولو استغلال بعض المواقف لصناعة الدراما، وْنِسْيَت إنو جماعتها هم صناع التراجيديا وِمْعَجْبِيْنْ علينا وعلى أوباما.

فكم كان محقاً سيد الشعر محمود درويش حين قال:"سلامٌ لأرضٍ خُلقت للسلام وما رأيتُ يوماً سلاما".

وكيل الشفع والوتر المخادع لم تمارسه اسرائيل وحدها بحقنا، بل إن أطرافاً عدة من بين ظهرانينا وحولنا تستخدمه في التحريض على الرئيس أبو مازن والسلطة الوطنية الفلسطينية في مواقف وافتراءات تستهدف الفتنة والإساءة للشعب الفلسطيني، وهو ما تَبدى جلياً في الحكم القضائي في الأردن، الذي جاء لصالح نجلي الرئيس أبومازن طارق وياسر، في القضية المنظورة ضد قناة الجزيرة، والتي تظهر مستوى التضليل والتحريض الذي مارسته هذه القناة من خلال قيامها الدائم بالكيل ضد الرئيس ونجليه بما هو أسوأ من حالتي القسمة شفعاً ووترا من قبل الضيف بحق مضيفِهِ في القصة آنفة الذكر، إنها الفتنة الأشَد من القَتلِ والقسمة الظالمة شَفْعاً ووتْرا.

وفي ضوء كل هذا، أما يكفينا جَلْداً بالذات، رغم كل هذه المعاناة القاسية ويعلمها القاصي والداني، سواء في التفاوض أم السياسة، فالرئيس أبو مازن أوقف المفاوضات أربع سنوات احتجاجاً على استمرار الاستيطان، وذهبنا الى الأمم المتحدة مُتَحَدِّيْن واشنطن وتل أبيب وكل التهديدات، وحصلنا على عضوية دولة مراقبة في الأمم المتحدة، وخضنا قبلها الانتخابات بمشاركة حماس، وشكلنا حكومة وحدة وطنية مع حماس، وذهب الرئيس لسورية انطلاقاً من تمسكه بالثوابت الوطنية والمصالح الوطنية، وكان كل هذا مغايراً للرغبات الأميركية الاسرائيلية وتحدياً جدياً لهما، وتحملنا أثماناً باهظة لذلك، ومع كل هذا لا زلنا نجد من يزاود على الرئيس والقيادة الفلسطينية حد التخوين أحياناً كثيرة، (على فكرة أنا شخصياً سألت أكثر من شخص مسؤول ممن يزاودون على المواقف السياسية والتفاوضية للرئيس أبومازن وقلت لهم قولوا لي لو كنتم مكان الرئيس ماذا ستفعلون غير الذي يفعله الرئيس، فلم أسمع من أيٍّ منهم جوابا يعتد به) وكذلك لم نجد الجزيرة ولا من والاها أو على شاكلتها يسلطون الضوء على هذا الجانب من التحدي الفلسطيني الخَطر، لا بل انصرفوا لبث الفتن والأضاليل التي تنال من سُمعَة الرئيس والسلطة الوطنية وبالتالي سمعة الشعب الفلسطيني، وبعض هؤلاء إن لم نقل جُلّهم في ذات الوقت، يدافعون ليل نهار عن سلطة الانقلابْ، ويروجون لغزة وكأنها هانوي بجنرالها جيابْ، طبعاً إيش جابْ لِجابْ، ويتحدثون بمليء الشدقين عن التمسك بخيار المقاومة دون أن يشير أي منهم الى صمت المقاومة من غزة، واستبدالها برجال أمن خالين من السلاح يقفون على الثغور بالعصيِّ وحسب، ففي جميع الأحوال يوزعون ويقسمون المواقف على أهوائهم شفعاً كان أم وتراً. يعني معقول إنتُوا والجزيرة ونتنياهو علينا وعلى الرئيس والسلطة الوطنية ؟!! ما اتْوَحْدُوا ألله وْترسولكم على بَرْ، والله كثير هيك. 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com