الأخ العزيز تحية طيبة مباركة من عند الله عز وجل،

للتو وصلني عزيز مرسالكم الإلكتروني والذي أحترم طيه ومحتواه، ويعلم الله وتعلم أنت يا أخي في الله أن ما أرسلناه لكم من طرح ليس إلا من باب الشرح لأمر من أمور دنيانا والتى لا يجوز أن نتجاهلها لمجرد أننا نعترض عليها بدون إبداء الأسباب وطرح المعطيات فيما يجوز أو لا يجوز في موضوع قيادة المرأة للسيارات۔

إن سمة الدين الإسلامي العظمي هو أنه دين العلم، وكانت أول كلمات قرآنه هي كلمة إقراء، منها عرفنا درجة العلم والمعرفة عند الخالق، وأوصانا على العلم والمعرفة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وما قيادة السيارة للرجل أو المرأة رعاك الله إلا أحد أبواب العلم، هل تقبل أن تكون النساء جاهلات لا يقرأن ولا يكتبن على سبيل المثال؟ وهل تقبل أن لا تعرف المرأة كيف يعمل الحاسوب الآلي أو الكمبيوتر كما هو متعارف عليه؟ هل يجب عليها أن تجلس في الظلام لأن الكهرباء حرام؟ وهل حرام عليها أن تستخدم التليفون لطلب النجدة أو للإبلاغ عن مخالفة للقانون أو ألدين لأن التليفون حرام؟

وهكذا يا أخي المسلم الحبيب تجد أن الدين الإسلامي يحضنا على إرتقاء العلوم بل وإتقانها والإبداع فيها وتطويرها، ولو تأملت في آيات القرآن الكريم لوجدت القرآن قد أخبرنا عن علوم ستأتي على الإنسان في آيات عدة ولم ينبذها صلى الله عليه وسلم عندما نزلت عليه تلك الأيات، تحمل ما سيكون عليه حال الأرض من علم وتطور، لمجرد أنه صلى الله عليه وسلم لا يعرف تلك الأمور، ولا إعترض صلى الله عليه وسلم على ما أبلغه الله في كتابه العزيز عما سيأتي على الإنسان من علوم حديثة كما جاء في سورة عمران … هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ۖ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ۗ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ۗ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَاب. أليس هو القائل جل وعلا …مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيء. الأنعام. أي ليس في الحياة شيء إلا وهو موجود في القرآن. فَذُكِرَت فيه الميكروبات والذَّرة والكهرباء والطائرات والصواريخ وغيرها ولقد قال سبحانه في كتابه الحكيم... وَالّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الّذِي سَخّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنّا إِلَى رَبّنَا لَمُنْقَلِبُون. الزخرف.

ثم ذكر للتأكيد على أن بجانب تلك الأنعام من الحيوانات قوله سبحانه... وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ ٥ وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ وَعَلَى اللّهِ قَصْدُ السّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِين. النحل.

هنا وجب علينا التركيز على الأية التي تقول... وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ. خلق ما لا نعلمه من الطائرات والصواريخ والسيارات وهناك المزيد والمزيد مما يعلمه الله ولا نعلمه نحن، ولم نجد أن الله قد قال أن الأنعام وما سيخلق مما لانعلم هي لتركبها الرجال فقط وتسير النساء بجوارها وإذا كنت تحرم على المرأة قيادة السيارة فلا بد ومن باب أولى أن تحرمها على نفسك وأهل بلدك وكل بلاد المسلمين فينمو علينا الذين كفروا بديننا ويتقدمون علينا ويكون هذا التحريم، الذي لا يوجد نص شرعي واحد يدل على تحريمه، سبب عدم مقدرتنا على اللحاق بهم وأن نموت مرضاً لأننا رفضنا أن نستخدم الطائرات لنقل العلاج والأدوية إلينا وأن نجوع لأن المحاصيل الزراعية أليوم لا بد لها من معدات وميكنة تمكنا من إنتاجها بكميات تفي حاجة الناس الكثيفة، كيف يكون هذا وبين يدينا قرآن الله الذي أخبرنا فيه بما علمنا وبما لا علم لنا به عن المواد والخامات المستخدمة في الصناعات الحديثة في آيات تجده سبحانه وتعالى يخبرنا عن المواد المستخدمة في الصناعات الحديثة في قوله جل جلاله عن الحديد وهذا العنصر نزل فيه من السماء قوله تعالى... وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللّهَ قَوِيٌّ عَزِيز. الحديد.

إذاً جميع هذه الأشياء من سيارات وطائرات والتي هي من تسخير الله مصنوعة من الحديد ومواد أخرى عديدة ذكرها القرآن، سخرها لخدمتنا بعد أن نما فينا العقل البشري بقدرته جل وعلا فعرفنا كيف نطور العلوم التي أوصلتنا إلى صناعة السيارة والطائرة ومكيفات الهواء والحاسوب والتليفون ولو لم يشاء الله لتلك الأشياء أن توجد لما سخر لنا الفكرة والمواد لتصنيعها وكذلك بالنسبة لبلوغ الإنسان إلى القمر فأسوق كلام الشيخ ابن عثيمين حول هذه المسالة حيث ذكر كلاما منطقيا وقد ضمن كلامه التعليق على الاستدلال بهذه الآية يقول الله تعالى... يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ فَانفُذُوا لا تَنفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ.

قال الشيخ إبن عثيمين .. الآيات التي يظنها بعض الناس دالة على أن القمر في السماء نفسها ليس فيها التصريح بأنه مرصع في السماء نفسها التي هي السقف المحفوظ نعم ظاهر اللفظ أن القمر في السماء نفسها، ولكن إن ثبت وصول السفن الفضائية إليه ونزولها على سطحه فإن ذلك دليل على أن القمر ليس في السماء الدنيا التي هي السقف المحفوظ وإنما هو في فلك بين السماء والأرض كما قال ـ تعالى وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون۔ وقال تعالى لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون۔ قال ابن عباس ۔۔ يدورون كما يدور المغزل في الفلكة، وذكر الثعلبي والماوردي عن الحسن البصري أنه قال الشمس والقمر والنجوم في فلك بين السماء والأرض غير ملصقة به ولو كانت ملصقة به ما جرت۔ ذكره عنهما القرطبي في تفسير سورة يس ۔۔ والقول بأن الشمس والقمر في فلك بين السماء والأرض لا ينافي ما ذكر الله من كونهما في السماء، فإن السماء يطلق تارة على كل ما علا قال ابن قتيبة كل ما علاك فهو سماء فيكون معنى كونهما في السماء أي في العلو أو على تقدير مضاف أي في جهة السماء وقد جاءت كلمة السماء في القرآن مراداً بها العلو كما في قوله تعالى ونزلنا من السماء ماء مباركاً۔ يعني المطر، والمطر ينزل من السحاب المسخر بين السماء والأرض۔

من هنا يتبين لنا إعتراف كبار العلماء وأهل الفتوي وقبولهم بالعلم الحديث بل وأنهم يثبتوه ويستشهدون عليه بآيات من القرآن كما فعل الشيخ إبن عثيمين رحمه الله، إذاً لا يجوز أن نقر شيئاً من العلم ونرفظ أشياءً أخرى لمجرد أنها لا تعجبنا وليست على هوانا بل ونأتي بمقاطع من السنة النبوية وردت في أمور لا علاقة لها لا بقيادة المرأة للسيارة ولا حتى الطائرة، ودعني أستغرب هذه الجزئية والتي لم يخرج علماء الشريعة ويقوموا بتحريم المرأة قيادة الطائرة، وإنما إجتهدوا وجاهدوا في ظلال وإستقلوا بجزئية من قواعد الشريعة التي يستند إليها من يقولون بعدم السماح للمرأة بقيادة السيارة وهي قاعدة تقديم درء المفاسد على جلب المصالح، على الرغم من أن كبار علماء ألدين وأهل الفتوى كالدكتور الشيخ خالد المصلح قد إتفقوا على أن قضية قيادة المرأة للسيارة تخضع لاعتبارين أحدهما نظامي والآخر شرعي، وأن النظامي لا يجوز مخالفته، وأن الجانب الشرعي يبيح قيادة المرأة السيارة.

لا يوجد نص في الكتاب ولا السنة يحرم ذلك، وأن المسألة اجتهادية، فقسم يغلّب جانب المصلحة، والقسم الآخر يغلّب المفسدة، وأن الفيصل في المسائل الاجتهادية هو ولي الأمر وأما مسألة أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح فهي من أنواع الغلو في الدين الذي نهانا صلى الله عليه وسلم كقولهم بأن قيادة السيارة قد تؤدي بالمرأة أن تتخلى عن حجاباه وما اشبه ذلك من أقاويل باطلة وحجاب المرأة هو من فرائض الإسلام الصحيحة و الواجبة عليها ولا يعني أن بقيادتها للسيارة أن الحجاب سيعيقها عن قيادة السيارة، هنا في الولايات المتحدة ودول كثيرة محجبات ومنقبات يقدن السيارة ولم نجدهن قد تخلين عن حجابهن ولا نقابهن بحجة قيادة السيارة، وإني حفظك الله لا أظنك إلا حريص غيور على دين الله وتعاليمه وتعلم بارك الله فيك أن لا يوجد هناك دليل واحد صريح لا في القرآن ولا في السنة النبوية الشريفة ما يحرم هذا الأمر وأما الأخذ بالنصوص العامة وخلق خصوصية فيها وتطويعها في الإتجاه الذي نشاء فإن في هذا إنشاء وشذوذ على القاعدة الأصلية وإضافة فيها تأويل على الله عز وجل وكأن دين الله ناقص والعياذ بالله فيأتي هؤلاء بتمامه بتأويلهم لنصوص قاموا بتحويلها من نصوص عامة إلى نصوص خاصة يغضبون الله ورسوله من أجل إنجاح حجتهم ونصرة قضيتهم والتي يعلم الله ورسوله أنهم لها خاسرون ولن يبوؤوا إلا بغضب الله ورسوله نعوذ بالله وإياكم أن نكون ممن يغضبون الله ورسوله.
 

أحببت الخبر ؟ شارك اصحابك
استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com