* كيف تمّ تحويل شهر التوعية لمرض السرطان من مشروع توعوي الى مهرجان انتخابي!

* كيف تحوّلت أمسية شهر التوعية للفحص المبكر لمرض السرطان، مِن تاريخ 30 اكتوبر إلى 16 اكتوبر؟!! 

* أمسية التوعية للفحص المبكر لسرطان الثدي لم يتم فيها عرض معطيات ومضامين لها علاقة بمرض السرطان.

* لم نتوقف يومًا عن زيارة مرضى السرطان ودعم العائلات المستورة بشكلٍ متواصل

منذ تأسيس "موقع بكرا"، كان الهدف الرئيسي والنهج أن نحافظ على موقع متميز بتغطيته للأخبار بطريقة مهنية. وانطلاقًا من عملنا في هذه المؤسسة الإعلامية المُستقلة، فإننا نحمل خطابًا اجتماعيًا توعويًا يحاكي الناس وهمومها وقضاياها الإنسانية، ويخاطب جميع شرائح المجتمع، ويحترم الوعي الفكري للمتصفح، الذي حمّلنا المسؤولية مِن خلال ثقته التامة بِنا وبنهجنا، فنحنُ لم نخضع يومًا لاعتباراتٍ حزبية وطائفية أو حمائلية، وكُنّا دومًا عنوانًا للصدق في الكلمة، وفي نقل الخبر وفي الاهتمام بتغطية أخبار الناس، ومشاركتهم آلامهم وافراحهم، لم نستمع يومًا للأقاويل المشكوك بأمرها، وابتعدنا عن الإسفاف والاستخفاف بمشاعر وأحاسيس الناس، ووقفنا معهم من خلال حملاتنا في محاربة العنف والقتل والإتجار بالأسلحة وكافة المظاهر السلبية التي تؤذي مجتمعنا، ونقلنا قصصًا إنسانية وعرضنا حقائق ومعلوماتٍ دقيقة عن أوضاع مجتمعنا الاجتماعية والثقافية والسياسية، دون تحيّز. كما انشغلنا طوال الوقت بتقصي الحقيقة كاملة وعرضها دون المس بأحد، وتابعنا الهمّ اليومي والوجع الإنساني، وكُنا معكم في الشدائد وفي الإنجازات أيضًا، ولم نتوقف يومًا عن زيارة مرضى السرطان ودعم العائلات المستورة بشكلٍ متواصل. من هنا تأتي رغبتي في المشاركة في نشاطات إنسانية توعوية، من منطلق واجب إنساني يلائم أجندة الموقع.

كيف تحوّلت أمسية إحياء "شهر التوعية لمرض السرطان" لمهرجان انتخابي؟!

ما كُنت أرغبُ بكتابة هذا المقال، لولا أنّ القضية إنسانية، وسأكون مُقصرة لو أنني مررتُ عنها مرور الكرام، وكأنّ شيئًا لم يَكُن، فالواجب والمبدأ والأخلاقيات والمسؤولية المهنية تتطلب مِنا الخوض في موضوعٍ هو غاية في الأهمية، ويجب تناولها بمصداقية وشفافية، ودون أن أهدف لمس أحدٍ، وإنما كي أضع النقاط على الحروف، وكي يكون موضوع حديثي أمرٌ عابر، وكلّي أملٌ وثقة أنه لن يتكرر.
وأمسية "إحياء أمسية شهر التوعية العالمي لسرطان الثدي"، هو موضوع الحديث، الذي دفعني إلى الكتابة. وشهر التوعية العالمي لسرطان الثدي لمن لا يعرف هو مُناسبة سنوية تأتي لتكون بمثابة ذكرى لجميع الشعوب في العالم، كي تستذكر المناسبة، وكي تُشارك مرضى السرطان همهم، وتُخفف عن العائلات أوجاعهم، سيما أنّ مرض السرطان فتّاك، وقد فقدنا أحباء لنا بسبب هذا المرض، وهناك مرضى يعيشون ظروف قاسية، وينتظرون فرصة الخلاص من المرض.

من بين القضايا التي يطرحها شهر التوعية لمرض السرطان ، مسألة الكشف المبكر لمرضى سرطان الثدي

وشهر التوعية لمرض السرطان، هي مناسبة لإقامة فعاليات لمدة شهرٍ في كل عام، ويتم إضاءة مراكز مهمّة في العواصم، لكن الأمر لا يتوقف عند الإضاءة، بل الهدف الأساسي من شهر التوعية هي الفعاليات التثقيفية التي تتم في مراكز تعليمية وتربوية وفي مؤسسات عالمية، ويتم الدعوة لأيامٍ دراسية لا منهجية، وتنشيط المؤسسات النسوية مِن أجل التأكيد على ضرورة مساندة مرضى السرطان، وخاصةً المرضى من سرطان الثدي، وهذا ينطبق أيضًا على مدينة الناصرة، وعلى جمعية مريم لمكافحة مرض السرطان، التي دأبت في كل عام لإحياء المناسبة من خلال فعاليات توعوية يتخللها الحديث عن تجربة إنسانية لأشخاص أصيبوا بالمرض، إضافة إلى عرض فيلم قصير يكشف عن الإحصائيات القاسية بما يتعلق بنسبة مرضى السرطان وضرورة الكشف المبكر للمرض.

أمسية تكريمية تتحول إلى مهرجان احتفالي!

أما ما جرى مساء الأربعاء الماضي (16 اكتوبر)، في أمسية التوعية لمرض السرطان، وهو شهرٌ يتم فيه التوعية للفحص المبكر لسرطان الثدي، والذي أقامته جمعية مريم لمكافحة مرض السرطان، فكان مخيبًا للآمال بصورة كبيرة، وحدث تراجع واضح في هدف الأمسية، التي تحولت من أمسية توعوية تثقيفية إلى أمسية احتفالية، ودعاية انتخابية، وشتان ما بين الهدف التوعوي وما جرى في الواقع.

ولأسفي الشديد، شهدت الأمسية مهرجانًا انتخابيًا بامتياز، ومع احترامي الشديد لرئيس بلدية الناصرة، المهندس رامز جرايسي، وأعضاء الجبهة، لكن لي مأخذ كبير على استغلال منبرٍ إنساني توعوي وتحويله إلى "احتفالاتٍ انتخابية"، تمّ خلالها دعوة أعضاء الحزب، دون أي اعتبارٍ لوجودِ نساءٍ مررن بتجربة قاسية. ومِن هُنا جاءَ عتبي عليكم، ونحنُ ابناءُ الهمِ الواحد، مرضانا الذين جئنا لندعو لهم بالشفاء وطولِ البقاء، لم يتم الالتفات إليهم، بل تمّ تهميش العائلات والتغاضي عن قصص النساء اللواتي تعرضن لمرض "سرطان الثدي"، وتمّ تجاوز قصصهن وكأننا في احتفالٍ، رغمّ أنّ الأمسية تمّ الدعوة إليها إصلاً مِن أجل السيدات اللواتي تعرضن لهذه التجربة القاسية.

الطفل أنجلو توفي قبل الأمسية بيومين واكتفى الحضور بدقيقة صمت وإطلاق المفرقعات الاحتفالية

وقد أثارَ استغرابي واستيائي أن يكتفي الحضور مِن المسؤولين في الجمعية ومِن المتكلمين بالوقوف دقيقة صمت حزنًا على الطفل أنجلو، الذي توفي قبل يومين مِن "الأمسية الاحتفالية"، وهو يستحق أكثر بكثير مِن دقيقة صمت، وليس من المقبول أن تنطلق المفرقعات والصواريخ احتفالاً بذكرى وفاته.

واستهجِن أن يتم استغلال هذه المناسبة لإقحام السياسة في المناحي الإنسانية. وإن لم يكُن كلامي مُقنعًا، فكيف يُمكن تفسير وجود نساء ليس لهن أيُ نشاطٍ أو مُساهمة في هذا الجانب المتعلّق بمتابعة مرضى سرطان الثدي، وأنهن جئن بدعوةٍ حزبية لا أكثر ولا أقل!
حبذا لو كانت المُشاركات والمساهمات لتقديم تبرعاتٍ ودعم الجمعية ماديًا وتقديم خدماتٍ طبية ونفسية لمرضى السرطان وعائلات، بدلاً مِن أن تكون حزبية بامتياز. ليتكم دعوتم النساء اللواتي مررن بالتجربة القاسية فهنّ من يجب أن يقمن بإضاءة النور في نهاية احتفالكم. وليت النساء اللواتي شاركن في الإضاءة يرافقن الجمعية في مسيرتها ومشاريعها التوعوية طوال السنة ويطلعن على المعطيات الصارخة ومِن بينها أنّ سيدة من بين 10 نساء، معرضة للإصابة بمرض السرطان.

صواريخ احتفالية أم حصص دراسية؟!

حبذا لو أنّك سيدي، رئيس البلدية قدّمت مساهمة تثقيفية في شهر التوعية لمرضى السرطان، بتخصيص حصصٍ دراسية يتم فيها التطرق بشكلٍ مُسهب حول مخاطر مرضى السرطان، وبينهم "سرطان الثدي"، وكنتم أقمتم ندواتٍ لموظفي المؤسسات التربوية والتعليمية والثقافية في المدينة، كما يجري في العالم الغربي.
ورسالة أخرى أوجهها لجميع رؤساء البلديات والمجالس من قياداتنا، أنّ مجتمعنا يحتاجُ إلى دعمكم، ويُسعدنا أن تكونوا بيننا طوال أيام السنة، فأنتم في الحقيقة سندنا، وداعمينا، أنتم الأقرب إلى سماع شكوانا وأوجاعنا، ونسعد بلقائكم في مناسباتنا ودعمنا ومؤازرتنا، لكن نريدكم في كل وقتٍ وفي ايِ وقت، وليس حصرًا في أيام الانتخابات.
مِن جهة أخرى، نحنُ في موقع بكرا، كما عودناكم، وسيبقى بابنا مفتوح للجميع، لجميع المسؤولين لرؤساء المجالس والبلديات لأصحاب المؤسسات ولجميع أبناء مجتمعنا، سندعم أي مشروعٍ إنساني، وسنكتب عن كل ما يستحق النشر، وسنُشارككم في احتفالياتكم، ومناسباتكم السعيدة

الغرب يحتفل بشهر التوعية بأيامٍ دراسية وبرامج توعوية في المدارس والمؤسسات..

وليس غريبًا أن أكون أنا شخصيًا عضوة في أكثر من جمعية تعمل مِن أجل التوعية والتثقيف وخدمة أفراد مجتمعنا، أنا مثلاً عضوة إدارة في جمعية بطيرم، وعضوة إدارة في جمعية مسيرة لذوي الإعاقات، وعضوة في الجمعية العالمية لمكافحة السرطان، وعضوة في جمعية مريم لمكافحة مرض السرطان، وعضوة في جمعية ياسمين لدعم سيدات الأعمال يهوديات وعربيات. أذكُر ذلك فقط للتأكيد على هدفي الأساسي وهو التوعية وتثقيف ابناء المجتمع مِن أجل غدٍ مشرق لشعبنا المتعطش لمشاريع تخدم أبنائه وترفع من نسبة المعرفة والثقافة أسوةً بالعالم الغربي الذي احتفل بهذه المناسبة، بطريقة أخرى مغايرة، واكتفوا مِن الاحتفالات بدعوة فنانين ليحيوا الأمسية، في أجواء موسيقية هادئة، والتي أقيمت أصلاً بدعمٍ وتبرع من الفنانين تقديرًا ودعمًا لمرضى سرطان الثدي، والإضاءة التي جرت في عواصم العالم، أتت مِن منطلق التعاون والتفاؤل وزرع الأمل في نفوس المرضى، أما المفرقعات فلم يكن لها مكان أصلاً في هذه الاحتفالية، لأنها لا تُشير مِن قريب أو بعيد إلى التوعية لمرض السرطان، وإنما مجرد شكليات لا أكثر.

ولكي نستفيد في المرات القادمة علينا متابعة الجمعيات والمؤسسات العالمية التي تكافح مرض السرطان وبينهم:

-susan G Komen org for breast cancer .

- مركز الأبحاث العالمي في الولايات المتحدة Md Anderson cancer center – Houston tx 

- Breast cancer.org .

وأشير أنني تعرفت على نشاطات هذه الجمعيات التي تنشط في مكافحة مرض السرطان، خلال زياراتي لهم عن قرب فوجدتُ لديهم اهتمام كبير بمرضى السرطان وضرورة رعايتهم والتأكيد على دعمهم من خلال البرامج التوعوية المختلفة.

جمعية مريم ضحية لحملة انتخابية!

من جهة أخرى، أشيد بالنشاط الذي تقوم به جمعية "مريم" لمرضى السرطان، والتي أقيمت لدعم المرضى وعائلاتهم، كما هي رسالة مدير الجمعية السيّد محمد حامد، الذي قرّر إقامة الجمعية أساسًا إحياءً لذكرى شقيقته المرحومة مريم، وسائر المرضى الذين عايشوا المرض بعضهم انتصروا عليه وآخرون للأسف فقدوا حياتهم خلال محاربته، لكنّ الجمعية نجحت خلال مسيرتها أن تزرع الأمل في قلوب العائلات التي عانت أو تعاني، وكان لكثيرين مِن أبناء شعبنا المعطاء دورٌ في دعم الجمعية ورسالتها الإنسانية، بينهم أعضاء وعضوات الإدارة، اللواتي يعملن بصمت وخلف الأضواء، وبينهم أيضًا الفنانة ريم بنا التي واكبت الجمعية وساهمت في إحياء الاحتفالات ليس بصوتها وموسيقاها فقط، وإنما إيضًا بفضل تحديها وقوة شخصية عندما انتصرت على المرض.

فعفوًا منك... أخي العزيز محمد حامد، هذه المرة أخطأت عندما ساهمتَ بتحويل هدف الأمسية مِن رسالة توعوية تثقيفية إلى أمسية احتفالية انتخابية!

ويبقى السؤال الذي يطرحه جميع أعضاء على مديرها وعلى المسؤولين في البلدية: كيف تمّ تغيير أمسية "شهر التوعية لمرض السرطان" من تاريخ 30 اكتوبر إلى 16 أكتوبر، سؤال ينتظر الإجابة! 

                             باحترام: غادة زعبي - مؤسِسة "موقع بكرا نت"

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com