ونحن فرحون وفي غمرة سرورنا ،ظنا منا أن صحراءنا القاحلة، أينعت ورودا وأزهارا تفرح القلب ،وتشده النفس ،وأن قطار التغيير نحو الأفضل قد إنطلق ، بفعل ما تخيلناه ثورات أطلق عليها "الربيع العربي"،طلع علينا من آثر التحجر والعودة إلى عصور الظلام وإمتهان الكرامة البشرية.

أول هؤلاء من تحدث في المحروسة مصر عن نكاح الوداع،ومفاده المقزز أنه يحق للزوج أن يضاجع زوجته المتوفاة حديثا ،ولعمري أن الشيطان الرجيم وهو في عز تجلياته لا تتفتق قريحته عن مثل هذه الفتوى التي تحمل في ثناياها كل ما هو مقرف ومقزز ،إذ كيف يمكن للزوج المكلوم والمفجوع بوفاة زوجته أن يضاجعها وهي جثة هامدة ،علما أن النفس البشرية المتمثلة بالزوج او الزوجة تعاف الإقتراب من شريكها في حالات الخصام الخفيف فما بالك بأن تكون الزوجة جثة لا حراك فيها بسبب الموت؟

ليس مبالغة القول أن من جاء بهذه الفتوى إنما هو مدسوس على الإسلام والإنسانية على حد سواء،وقد أراد بهذه الفتوى إبطال الحراك العربي الذي توسمنا فيه خيرا ،بأنه سينقلنا من حال سيء إلى واقع افضل ،نتنسم فيه طعم الحرية والكرامة .

لا أصول يعتد بها ولا جذور لنكاح الوداع في الإسلام وليس هو الحلال المنبوذ كما يحلو للبعض تسميته ،واغلب الظن أنه شطحة غير مرغوب فيها من قبل الشيخ المغربي عبد الباري الزمزمي وقام الحاج احمد السلفي في مصر إبان ثورتها الأولى بتبنيه وإشغال البرلمان فيه.

هناك فرق بين دين الفقهاء الذين يتسمون بصفات الدنيا وتقلباتها و بين دين الله القويم الذي أنزله جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم من فوق سبع سماوات قبل اكثر من 1400 عاما ،وبعده شعرت المرأة بكرامتها وعزتها .

حتى لا نجد أنفسنا أسرى لفتاوى المفتين السذج أو الذين تحركهم شهواتهم أو أجندات خارجية ،ظن واضعوها أن الله جلت قدرته يسهو عن دينه الذي قال عنه "إنا نزلنا الذكر وإنا له لحافظون"،يجب محاكمة هؤلاء المفتين الشاذين العابثين بمشاعر الناس ،وحصر الإفتاء بالمستقيمين الذين يخافون الله ولا يتخذون غيره وكيلا.

هل نسي المفتون هؤلاء أن عقد الزواج يصبح فاسخا ولاغيا عند الوفاة وتحرم الزوجة على زوجها ،ويحرم عليه النظر إلى مفاتنها وهي ميتة،فكيف اجاز البعض مضاجعة الزوجة المتوفاة وفي غضون ست ساعات من وفاتها ؟وأي متعة يتخيلها هؤلاء المرضى النفسيين الدخلاء على الدين؟ألا يحرم الأحناف على الرجل غسل زوجته المتوفاة كونه اصبح غريبا عنها؟

فتوى النكاح الأشد إيلاما على النفس البشرية التي خرجت علينا في خضم الربيع العربي أيضا هي فتوى جهاد النكاح التي تركزت في تونس وبتنا نسمع من يطلق زوجته كي تذهب إلى سوريا من أجل مضاجعة "الثوار" في ذلك ابلد المضطرب .كما ان هناك من قام بها من بعض النسوة والفتيات السوريات،ولا ادري أي جهاد هذا الذي يتطلب إرتكاب الزنى المنهي عنه في شرع الله.

ومعروف ان الداعية محمد العريفي الذي حاول "التسلل"إلى القدس المحتلة بتصريح إسرائيلي لتقديم برنامجه من المسجد الأقصى الآيل للسقوط بسبب الحفريات الإسرائيلية هو الذي أطلق فتوى نكاح الجهاد ومن ثم نفاها لاحقا.

وقد صدمتنا تصريحات وزير الداخلية التونسي قبل أيام حول عودة العديد من الفتيات التونسيات من سوريا حوامل جراء ممارسة نكاح الجهاد أو جهاد النكاح لا فرق، علما ان البعض حاول تشويه صورة ميدان رابعة في القاهرة بقوله انه شاهد بام عينه من مارس نكاح الجهاد ،لكني لا اميل إلى تصديق مثل هذه الإدعاءات.

والأغرب من ذلك ما ورد على لسان الشيخ ناصر العمر الذي اباح ل"المجاهد" ممارسة "جهاد النكاح" مع شقيقته،ولعل ذلك قمة الإنحراف عن شرع الله.

هناك فتاوى موجهة اخرى مثل توسيع دبر المجاهد باللواط من اجل الجهاد وجهاد المناكحة وهما تتعلقان بالجهاد .

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com