سفير إيران في بيروت غضنفر ركن أبادي، تمتم بكلمات لا تقبل النفي ولا التأكيد، عندما سؤل عن موعد زيارة الرئيس حسن روحاني إلى المملكة العربية السعودية. أما إيران فقد ردت علنا على دعوة القيادة السعودية للرئيس الإيراني أن يقوم بأداء فريضة الحج هذا العام، أن مثل هذه الزيارة وهذا الحج ليس في برنامج الرئيس روحاني هذا العام، وقد يكون ذلك ممكنا مستقبلا.

ما يخفيه المسؤولون الإيرانيون الجالسون تحت مظلة الرئيس روحاني أو مَن كانوا تحت ولاية سلفه أحمدي نجاد، هو أن زيارة رئيس إيراني إلى السعودية، لا ترتبط فقط بالشأن الثنائي بين طهران والرياض بقدر ارتباطها بوضع الإقليم وتحديدا بالوضع في الخليج وامتداداته الحالية إلى سوريا وحتى أبعد من ذلك.

الملف السوري يشكل أحد نقاط الخلاف والاختلاف بين الرياض وطهران خاصة بعد أن انتقل هذا الملف من دائرة الاهتمام القطري إلى المظلة السعودية.

فإذا كانت قطر لم تستطع تدجين الموقف الإيراني بشأن سوريا رغم علاقات الدوحة الجيدة مع طهران في ميادين أخرى، فكيف تستطيع الرياض أن تجذب إليها إيران وملفات الخلاف بين الطرفين أكبر وأكثر من نقاط اللقاء.

فقبل الخلاف أو لنقل الاختلاف حول الملف السوري، هناك الوضع في البحرين والاتهامات المتبادلة بشأنه والغضب الإيراني من التواجد الأمني الخليجي في البحرين، وهناك الوضع الداخلي في منطقة شرق السعودية ذات الأغلبية الشيعية والتي ينظر سكانها الشيعة إلى إيران بعين المرجعية وتنظر إليهم إيران بعين العطف.

كما أن الخلاف في النظرة والإستراتيجية تجاه أمن الخليج وخاصة أمن حركة النقل عبر مياه الخليج، يجعل البلدين في وضع الريبة المتبادلة.

بل إن الرياض قد اصطفت منذ أن أثيرت قضية البرنامج النووي الإيراني في خندق المعارضين لهذا البرنامج، ليس تمنعا تجاه حق إيران في امتلاك التكنولوجيا النووية، وإنما ريبة في النوايا، خاصة وأن إيران تحتل منذ عام واحد وسبعين من القرن الماضي ثلاث جزر إماراتية ولا تقبل حتى مجرد الحديث عن إمكانية الجلوس على طاولة المفاوضات بشأنها، رغم أن احتلال الجزر كان قرارا من الشاه وليس من قادة الجمهورية الإسلامية الحالية.

صحيح أن الرئيس الإيراني حسن روحاني قد بدأ عهده بانفتاح على العالم وبمظاهر تدل على الاعتدال والبحث عن الحلول السياسية والابتعاد عن الصراع، ولكن حتى وإن كان ذلك ظاهريا فقط ومجرد تكتيك، فان الانتقال من إشارات الانفتاح والاعتدال إلى الخطوات العملية مثل القيام بزيارة رسمية للسعودية، سيعني أن عليه أن يحمل في حقائبه مقترحات وحلولا يضعها أمام مستقبليه السعوديين وأن يخرج من دائرة الحديث إلى ميدان الفعل.

وهذا ليس بالإمكان أن يفعله دون قبول صريح من قائد الثورة الإيرانية آية الله علي خامينئي، وهذا الأخير ليس بإمكانه أن يفعل ذلك دون أن يتأكد أن تلك المقترحات والحلول خاصة فيما يتعلق بالوضع في الخليج والأمن الإقليمي، لا تؤدي إلى اضطراب التوازنات الدقيقة داخل هرم الحكم في إيران، لأن هزيمة المحافظين في الانتخابات الرئاسية الأخيرة لا تعني أنهم فقدوا قوتهم الضاربة، فهم ما زالوا يسيطرون على البرلمان وأجهزة الدولة والمؤسسات المؤثرة بما فيها المؤسسة العسكرية والحرس..

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com