بداية أود أن أقول إنها المرة الأولى التي اكتب فيها على الرغم من نشأتي في بيت تعامل وتفاعل ويتعامل مع السياسة في كل يوم لا بل في كل ساعة.

في الأيام الأخيرة وعقب المقالة التي كتبها المحامي جواد بولس كتبت الكثير من التعليقات. التي على إثرها سأكتب ما سأكتب.

أولا المحامي جواد بولس غني عن التعريف، ولا حاجة بان نذكر بتاريخه الذي يتضمن أكثر من ثلاثة عقود من الدفاع عن حقوق شعبه المهضومة في هذه البلاد. إن كان هذا عن طريق مرافعات أو عن طريق مقابلات، مقالات، مؤتمرات وغيرها على صعيد قطري ودولي تربط الليل بالنهار أحيانا. لن أطيل عن هذا التاريخ الذي إن أردنا أن نستعرضه فلن يكفينا كتاب أو أكثر والذي من المفترض أن يكون سبب ومدعاة للعزة، الكرامة، والمفخرة لكل شخص وطني شريف. ولكن نحن كما نحن ننتظر اللحظة التي بها ننتقم، نشمت، نتهم، نهدد، و"نجعجع".

سأورد 10 نقاط تعقيب على مقالات الرد، المناشير والتعليقات التي نشرت في الفيسبوك، الشبكة العنكبوتية والصحف المختلفة:
1. من الواضح الجلي أنّ اغلب الردود هي ليست لهدف النقاش أو الانتقاد البناء، المحترم، المشروع، إنما هي فرصة لكل من "يسوى ولا يسوى" أن يشتم، يذم، يشمت، أو يتهم لغرض المنفعة الشخصية أو لمجرد تشويه صورة الغير. فلطالما برعنا في هذا في مجتمعاتنا العربية.

2. كل ما هنالك هو انه طُرحت فكرة، مجرد فكرة، وطبعا للجميع الحق بان يوافق، يدعم، يعارض، أو ينتقد. بل انه الهدف الرئيسي من نشر مقالات وآراء للوصول بالنهاية إلى نتيجة من شانها أن تكون في صالح المجتمع. ولكن لذلك أيضا أصول وقوانين. أن تتهم، تشتم، تفتري أو تزايد هو الأسهل. فعندما لا يقوى الفرد منا على أن يناقش بموضوعية وباحترام رأي الآخر، إن كان ذلك نابعا من عدم مقدرة لغوية، جهل الحقائق، أو لمجرد انه لم بتعوّد على مناقشة الغير باحترام، فيلجا إلى واحد من احتمالين إما الجسدي أو الكلامي ولكن بما تتيح له قدراته العقلية المحدودة وعلى ذلك يلجا إلى الشتيمة، المزايدة، الاتهامات، والافتراءات. فبالنهاية هذه أمور ليست بحاجة إلى تفكير أو دراسة وقادر عليها الصغير قبل الكبير، الجاهل والتافه والأمي قبل المتعلم.

3. كل الاحترام والتقدير لشخص، كائن من كان، يمتلك كفاية من الجرأة بان يطرح طرحًا مثل هذا في مكان مشبع بالعنصرية، غير متقبل لآراء الغير خصوصا إن كانت تتعلق بأمور على خلفية دينية كبلادنا العربية.

4. اتهم البعض جواد بولس بالعنصرية حيث انه اقترح ما اقترح في مقالته الأخيرة. المضحك المبكي في الأمر أن غالبية هؤلاء مشبعين بالعنصرية، مجبولين فيها ومتربين عليها منذ أن نشأوا. يتهمونه بصفات هو منها بريء وهم منها مشبعين. من يعرف شخص جواد بولس يعلم انه بعيد كل البعد عن الدين والتدين. تاريخه، في جميع المجالات، من مرافعات، كتابات وغيرها يشهد على براءته من هذه الاتهامات الباطلة. فبعضكم حارب وما زال يحارب على أساس ديني طائفي لا سيما في الناصرة وأحداث شهاب الدين وتأتون الآن لإلقاء التهم وتوزيع شهادات العنصرية. خسئتم.

ثم أن هذا الاتهام لمجرد طرح هذه الفكرة يوقعكم في ورطة حيث أنها فكرة مطبقة في بيت لحم ورام الله على يد الراحل الكبير ياسر عرفات فكيف ستنعتونه إذا؟

5. النتيجة المنشودة من الفكرة كانت أن نحافظ على مجموعة سكانية التي هي من أصل هذه البلاد والتي بحسب كل الإحصائيات آخذة بالنقصان والانقراض حرصا وخوفا من الكاتب على لحمة وتآخي هذا المجتمع وحفاظا على تركيبته من مسلمين ومسيحيين. الشيء الذي بالإضافة إلى كونه ضروريا بحد ذاته فإنه يعود بالفائدة على مجتمعنا الفلسطيني ككل داخل وخارج حدود دولة إسرائيل. كيف خلص البعض لاستنتاج هذا كعنصرية وكدعم لأحد المرشحين المسيحيين في الناصرة لا وبل إلى دعم احد مرشحي قرية كفرياسيف على حساب الآخر! لا اعلم.

6. المزايدة، التطاول والاتهامات لم تقتصر على فئة معينة، فكل جهة تدعي أن ما جاء في المقال هدفه دعم الفئة الأخرى على حسابها. الشيء الذي لم استطع فهمه حتى اللحظة حيث أن في حال كل جهة تدعي أن الأخرى هي المستفيدة فمن المستفيد في النهاية؟ إذا كان ما أوردتم صحيحا فالأصح أن تفرحوا حيث انه نستنتج بالضرورة أن جميعكم مستفيدون. علاوة على ذلك، المقال عرض على العديد ممن يتطاولون الآن على الملا، الذين عبروا عن إعجابهم التام بما جاء فيه والآن نراهم يزايدون، يتنصلون ويتهمون. لا عجب، فمجتمعاتنا العربية كانت وما زالت وستبقى معجبة بالطعن في الظهر والخيانة والرياء.

7. عند العرب كما عند العرب. لا احترام ولا تقدير. فعلى سبيل المثال أن يشرع شخص لم يبلغ بعد سن البلوغ، قضى ما قضى من حياته حتى اللحظة بشرب الأرجيلة و"تقصقص البذر" على فيديو كليب هيفاء وهبي، أستاذ قضى حياته في دراسة موضوع معين ويتوجه إليه باسمه الشخصي باستهزاء دون لقب ب "شو بفهمك" أو "جاي تقلي كذا..؟" أو "اسمع مني" وغيرها طبيعي وعادي ولا يدعو للاستغراب، بل يرحب به. يحلل وينظر ويوزع شهادات على انه محمد حسنين هيكل أو نوعام شومسكي. هذه مظاهر جهل ما بعده جهل. ومصير امة كهذه بائس وحزين.

8. من تجربة سابقة، حصلت على اثر ما كتب في الماضي، إني على يقين أن الجزء الأكبر من كل الذين كتبوا لم يقرأوا ما جاء في نص المقال، ولم يفهموه بل سمعوا من هذا أو ذاك وبحسب ما سمعوا يكتبون، يعلقون ويقولون ما يقولون.

9. تاريخ جواد بولس يشهد عليه التاريخ والكتب منذ أيام الدراسة الجامعية وحتى اللحظة. قضى ويقضي عمره يحارب الظالم المحتل ويدافع عن المظلومين المقهورين بشتى الوسائل المتاحة. عمل ويعمل على رفع شان مجتمعه في الداخل والخارج. علامات السؤال والاستفهام تبقى على رصيد أغلب من كتب.

10. لكل الذين تطاولوا، زايدوا، اتهموا، شتموا، خوّنوا، أقول خسئتم! جواد بولس اكبر منكم ومن مزايداتكم.

أختم بان أقول:
زمن علا قدر الوضيع به وغدا الشريف يذلّه شرفه  كالبحر يرسو فيه لؤلؤه سفلا وتطفو فوقه جيفه

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com