أن سياسة التهميش الاقتصادي للبلدات العربية والتمييز في الميزانيات بين السلطات المحلية اليهودية والعربية أهم العوامل المركزية التي تدخل بلداتنا العربية في دائرة الفقر وتضيف في نسبة البطالة فيها. لقد صادرت حكومات اسرائيل المتعاقبة اراضي البلدات العربية والناصرة لصالح اقامة احياء سكنية ومناطق صناعية في نتسرت عيليت , بينما ميزت الحكومة ضد بلدية الناصرة وماطلت في المصادقة على طلباتها المتكررة لإقامة مناطق صناعية في الناصرة , ولولا اصرار ومثابرة ادارة البلدية لما انتزعت قرارا لإقامة منطقة صناعية جديدة في شمال الناصرة.

أن التهميش الاقتصادي والتمييز في الميزانيات الحكومية له اسقاطات ايضا على الوضع الاجتماعي , فالبطالة والفقر تولد ضغطا اجتماعيا يساهم بتقوية الفئوية العائلية والحارتية والطائفية , لان التوجه الفئوي هو رد فعل اعمى على سياسة التهميش العنصرية. فلو ان السلطة انفقت في البلدان العربية بالبنى التحتية وحاولت رفع مستواها المعيشي وزادت من فرص ابنائها لكان الضغط الاجتماعي على المواطنين العرب أقل , مما يساعد على أضعاف التوجه الفئوي . هنالك الكثير من المبادرات بالعالم التي غير التطور الاقتصادي والاجتماعي فيها وضعيات يحتدم فيها الصراع الفئوي الى وضعيات ذات ازدهار اقتصادي واجتماعي تحترم التعددية العرقية والمذهبية.

بناء على هذا الوضع لا بد من جهة , النضال بلا هوادة ضد سياسية التمييز العنصري ومن جهة اخرى الابداع في التخطيط العلمي من اجل اختراق هذه السياسية. أن الجمع بين هاتين الصفتين هي شجاعة ومسؤولية اتجاه جماهيرنا العربية . لقد تحولت الناصرة منذ انتصار النهج الجبهوي فيها من بلد كان يغلب فيه التصور الفئوي المسدود الافق الى نهج يخطط لاختراق سياسة التمييز والنضال ضد هذه السياسة . هذا النهج الجبهوي ابدع في مخيمات العمل التطوعي حيث كانت ردا سياسيا وجماهيريا على شح الميزانيات , وأبدع في التخطيط العلمي المدروس في بناء المدارس وإقامة المشاريع المدروسة التي افشلت سياسة السلطة الصهيونية لضرب مركزية الناصرة.

أن المخططات العمرانية التي وضعت لمستقبل الناصرة , قسم منها انتهى بنائه وقسم اخر جندت له الميزانيات , تعتبر افق جديد لتطور الناصرة ومساهمة جدية في رفعة كل اهلها . فالحديقة الصناعية التي اقيمت والمنطقة الصناعية التي ستقام في شمال الناصرة قريبا , كل واحدة منها على حده تعتبر رافعة اقتصادية كبيرة للبلد تعطي الفرصة للشباب والمبادرين في بلدهم الاعتماد على انفسهم .كذلك القصر الثقافي الذي سيكون اكبر قصر ثقافي في شمال البلاد والتي جندت امواله هو ابداع ثقافي يعزز من مركزية الناصرة الثقافية , ويصنع فرص جديدة للفن والفنانين. ايضا الجامعة المخطط اقامتها في الناصرة هي مشروع تعليمي ضخم سيكون له ابعاد اقتصادية واجتماعية على اهل البلد , فبالإضافة الى دعم اقتصاد البلد ستساهم الجامعة برفع نسبة التعليم الاكاديمي وبالذات عند النساء مما سيساهم في رفع مستوى المعيشة , فالدراسات تقول انه كلما ارتفع مستوى التعليم عند الاسرة يرتفع مستوى المعيشة معه.

أن التخطيط العمراني والاقتصادي والتعليمي للناصرة هو الطريق الى مستقبل البلد وازدهارها ولمقارعة سياسة التمييز وإضعاف التوجه الفئوي. لذلك الناصرة بحاجة الى شبابها الوفي لكي يكمل درب المناضلين الاوائل الذين صنعوا النصر لطريق الكرامة الوطنية ويكمل الانجازات التي لحقتها. الناصرة بحاجة لوحدتها الدافئة وأجوائها الطيبة الداعمة لكي تخطط بهدوء مع كل اهلها لمستقبلها الزاهر . الناصرة بحاجة لشراكة بين كل أطيافها لحمل همها المشترك . الناصرة بحاجة الى قيادة مجربة وخبيرة وادارة موحدة وشباب واعد يتعلم من هذه الخبرة والتجربة ليصون مستقبلها بعيدا عن الفئوية الهدامة والشعارات البراقة.

وكما قال شاعرنا ورئيس بلديتنا السابق توفيق زياد :
طويل كالمدى نفسي
وأتقن حرفة النمل.
على مهلي!
لأن وظيفة التاريخ...
أن يمشي كما نملي!!
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com