المنطقة العربية وليست سورية وحدها على صفيح ساخن، فالوضع يغلي فيها إلى درجة لا يعي أحد كيف سيكون شكل المنطقة العربية خلال السنوات المقبلة، إلا أن المؤكد أن دويلات ستولد من رحم الأحداث.. وهنا يطرح السؤال: هل المشكلة في الأنظمة السياسية العربية، أم في تطور النظام الدولي؟.

المنطقة العربية جزء من الصراع الدولي على مرّ التاريخ منذ عهد الإمبراطوريتين الفارسية والرومانية، مروراً بصراع الإمبراطوريات قبل الحرب العالمية الأولى ومرحلة الاستعمار، ثم الثنائية القطبية، وصولاً إلى السيطرة المطلقة للولايات المتحدة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي في نهاية القرن العشرين، وليس انتهاء بظهور الصين كقوة قادرة على إحداث تغيير في شكل النظام العالمي، إضافة إلى ظهور اقتصاديات رأسمالية قادرة على المنافسة وخلق قوة عسكرية يحسب لها حساب مثل الهند ودول كبيرة في أميركا الجنوبية، لذا يصح القول إن المنطقة العربية تابعة بالمطلق، ولم تكن يوماً من الأيام مؤثرة أو قادرة على التغيير، والنظام السياسي العربي نظام مهترئ وسلطوي لم يحدث التغيير الذي يمكنه من الاستمرار.

ما يحدث اليوم في سورية يتحمل مسؤوليته كل من نظام البعث الذي لم يعِ خطورة الموقف ولم يحاول إيجاد حل للأزمة بعيداً عن الدم. وقد ثبت أن قتل عشرات الآلاف من أبناء الشعب السوري لم يحل مشاكل النظام ولم يدعم سلطانه.. كما تتحمل في الوقت نفسه المعارضة جزءاً من المشكلة، كونها إما معارضة ارتمت في أحضان الغرب أو الدول الإقليمية الموالية له والتي يتمثل دورها هي الأخرى في كونها بنك تمويل لضمان الحفاظ على مصالح الغرب.. وإما انتمت إلى فكر "القاعدة"، الذي يمثل خطورة على الشعب السوري وعلى المنطقة أكثر من الأنظمة السياسية الدكتاتورية، كونه يزيد الأزمة تعقيداً بدلاً من حلها.

واليوم عندما تقرع طبول الحرب ضد النظام السوري، فهل الهدف منها فعلاً إسقاط نظام البعث أم إضعافه؟ وهل الهدف إنهاء الحرب الأهلية لتمكين المعارضة من السيطرة على مقاليد الحكم.. وأي معارضة هي التي ستسيطر؟.. هل المعارضة التي تمثلها جبهة النصرة "القاعدة" وهي الأقوى؟ أم الإخوان المسلمون؟ أم الجيش الحرّ الأضعف عسكرياً والأقوى بعلاقاته الغربية؟

الواضح أن المخطط من بدايته وحتى نهايته يصب في خانة تفتيت المنطقة، وإعادة صياغة الشرق الأوسط الجديد، والمستفيد الأول والأخير من هذه الصياغة الجديدة للمنطقة هو إسرائيل.. فبعد أقل من عقد من تدمير الجيش العراقي بما يمثله من قدرات كبيرة بحيث كان يعتبر أحد أضلاع المثلث العسكري العربي الفاعل.. جاء الوقت لتدمير الضلع الثاني وهو الجيش السوري الذي فقد من قدراته ومن قوته الكثير، ما جعل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يصرح متبجحاً بأن الجبهة السورية ستظل هادئة إلى عشرين سنة مقبلة.

الضلع الثالث هو الجيش المصري الذي حاولت حركة الإخوان المسلمين تطويعه وتدجينه مقابل كرسي الحكم بالاتفاق مع القوى الغربية وعلى رأسها واشنطن.. ولكن تحرك الجيش بغطاء من الغالبية العظمى للشعب لوقف المخطط، أفشل المؤامرة.

سورية ستُضرب، هذا لا شك فيه، ولكن هل الضربة ستبقي على وحدة الأراضي السورية أم أنها ستؤدي إلى التقسيم الطائفي؟! وهذا هو أساس المخطط وبناء الشرق الأوسط الجديد؟!

السؤال الأكثر خطورة: أين تقع القضية الفلسطينية من هذا المخطط؟ سؤال سيظل مفتوحاً حتى إشعار آخر؟!.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com