لن يصغي اخوان فلسطين لنصائحي، ولقرائني التي تنطلق من واقعية مفرطة، احوز على شرف الاتهام بها.

غير اني وانا اوجه النصح لأناس هم في اول الامر وآخره، جزء من النسيج الوطني والمجتمعي الفلسطيني، لا ادعي حرصا عليهم وعلى نفوذهم ، بل انشد ما اراه مصلحة وطنية للجميع.

فلو كنت حريصا على حماس لسعيت منذ زمن لأن اكون عضوا فيها.

ولو كنت معنيا بنفوذها الخاص، في المجتمع والسياسة لما اختلفت معها ومع سياساتها بصورة جذرية لا رجعة عنها.

غير ان الواقع الفلسطيني، والاندماج الجماعي في مأساة تواصل الاحتلال، تجعلنا ركابا في زورق واحد، فان واصلنا التقاتل فيه، فلا مناص من ان يغرق بنا جميعا، اما اذا وجدنا كلمة سواء نتفق عليها مع احتفاظ كل منا باجتهاداته وافكاره فقد ننجو وقاربنا من الغرق.

النصيحة الاولى:

مع متانة الرابط العقائدي ، بين اخوان فلسطين واخوان مصر ، الا ان هنالك مساحة تحددها خصوصية كل شعب وكل مجتمع وكل كيان، وخصوصيتنا الفلسطينية يجب ان تمنح اخوان فلسطين دافعا موضوعيا، للتميز عن اخوان مصر، وعدم الاندماج المطلق معهم، فاخوان مصر ان ارادوا حقا دعم نظرائهم في فلسطين فانهم لا يستطيعون، وعلى مدى السنة التي حكم فيها الاخوان مصر ، لم يشعر اخوان فلسطين ان التنظيم الام قدم لهم اكثر مما قدم النظام السابق، بل بدا جليا ان اخوان مصر رأوا في غزة عبئا ربما يعوق خططهم في التمكين والاستحواذ وصياغة التحالفات الجديدة.

اذا لو لزم اخوان فلسطين الصمت ولو مؤقتا حيال ما يجري في مصر، فان ذلك افضل الف مرة من وضع فاتورتهم على الحساب الاخواني الجاري في مصر، بحيث يكونوا شركاء في الغرم وليس المزايا.

النصيحة الثانية:

ان الخلل الجوهري الذي اصاب تجربة الاخوان في الحكم، هو عدم قدرتهم على اثبات مصريتهم فوق اخوانيتهم او بجوارها، فأدى ذلك الى فرز سريع لغير مصلحة الاخوان ، ولقد استفادت القوى الوطنية والعلمانية في مصر من هذا الفرز، واستطاعت توظيفه لمصلحتها، فكانت الاطاحة بحكم الاخوان اكثر سهولة مما كان متصورا ، مع ان الدم الذي سال لا يسجل في مصلحة الاخوان بل انهم – ان هزموا- تماما فلسوف يتحملون المسؤولية الكبرى عنه ، فالمنتصر هو من يكتب التاريخ ولا مكان للموضوعية هنا.

فهل يستفيد اخوان فلسطين من درس اخوانهم في مصر ؟ منطقيا عليهم ان يستفيدوا، وعليهم ان يحسبوا ما يجري بالارقام، وليس بالحتميات النظرية، فبعد خسارة مصر وهي الاهم في المحيط الفلسطيني ، لم يبق لهم الا الاندماج في الحالة الفلسطينية فهي الحليف الموثوق، والحاضنة التي توفر نسغ الحياة ، وعليهم ان يسألوا انفسهم في جلسات صدق مع النفس وصفاء الذاكرة والعقل، ما هو الاجدى لهم؟ التحالف مع شريك الفكرة البعيدة ام التحالف مع شريك الواقع القريب، وبقدر ما يكونوا موضوعيين في التحليل والخلاصات يكونوا قد وضعوا اقدامهم على الطريق الافضل.

النصيحة الاخيرة.

ان الافراط في الاسلمة، وجعل الاخوان مدخلها ومخرجها ومانح هويتها بدأ يحقق نتائج عكسية، خصوصا بعد ان ظهر وسيط سياسي بين المسلم وربه، مع ان رسول البشرية القائد الايديولوجي والبراغماتي للاسلام والمسلمين محمد بن عبد الله لم يفرط في هذا الامر، كان نموذجا للاعتدال في المنطق والتعامل، وحقق ما لم يحققه غيره عبر التاريخ، فاين انتم من التعامل مع الاسلام والمسلمين؟؟ هذا ما تجدر الاجابة عنه بصورة موضوعية وجديدة ومقنعة، انتم مسلمون لا شك في ذلك وجميع اعضائكم يؤدون الفرائض والسنن وهذا ايضا لا جدال عليه، ولكن ما هي ضوابط علاقتكم بالاخرين، ممن يؤدون الشهادتين والفرائض والسنن .. هل اذا ما اختلفوا معكم في امر دنيوي او سياسي او اجتهادي تجردونهم من دينهم ، وتحللوا القصاص عليهم وانتبهوا لكلمة القصاص جيدا..

ان هذا الامر بحاجة الى ايضاح، ولا تطمئنوا كثيرا الى ان الغالبية العظمى من المسلمين يبايعونكم كيفما كنتم .

هذه نصائحي لكم وهي نابعة من حرص على شراكتكم في الوطن ، بعد تجارب الاستحواذ الفاشلة التي وقعتم فيها مثلما وقع فيها كثيرون غيركم وقبلكم.

اظهروا كل ما تستطيعون من تعاطف قلبي مع نظرائكم في مصر، وكي تستطيعوا مساعدتهم ولو بالنصيحة ابدأوا اولا بالائتلاف مع اهل بيتكم.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com