قطرات الماء تثقب الصخر ليس بقوتها وإنما بتواصلها

لم يكن اختياري هذا العنوان هادفًا إعطاء درس في التوعية والتربية، ولن أتطرق إلى معنى ومغزى رسالة التواصل وأهمية التفاعل مع الآخرين، وخاصّة المحيط الذي نعيش فيه، وما له من أهمية ودور لا يُستهان به ومدى انعكاسه على ما يدور ويجري من تطورات وأحداث في المجتمع في مجالات، مرافق وميادين الحياة المتعددة، إذ بات مجتمعنا يفتقر الى التواصل الحقيقي، وسيطر عليه التواصل الشكلي، والاهتمام الفردي وانخفاض القيم الاجتماعيّة.

قد يفكر القارئ برهة محاولاً فهم الصلة، وأنا بدوري أتركه ليستنتج بنفسه من الخيط، ويصل إلى الجواب. ولأُسهل على القارئ أكثر، كل من كان هدفه أو نيته التواصل بغية الوصول.

إن هذه الاستهلالية التي تحمل في طياتها معانٍ عميقة، ليست معادلة صعبة تخفي رموزًا ولا معزوفة غير مألوفة، ربما تكون مسرحية محزنة ذات مشهد مؤثر يكرر نفسه، يروي قصة ماضٍ وذكريات مشرفة، نبكيها لوعة وحسرة نتذكر، نذكر ونفتقد كلام الكبار ذوي المواقف المشرفة والعقول المنفتحة والآراء الحكيمة كيف لا ووقوفهم مع هموم ومتاعب الناس ومعالجتها بموضوعية وبمنتهى الشفافية والاخلاص.

ناهيك عن نصرهم بكلمة الحق واحقاق العدل والعدالة ونبذ العنف والظلم بكافة أشكاله وأي كان مصدره.

اليوم وللأسف افتش كغيري عن مكانة بلدتي في الماضي، أتوق للمس تحول ايجابي ملحوظ، فلا أجد سوى التصريحات، العهود، الوعود، مظاهر الشفقة، التعاطف والتمثيل.

تسير بي الذكريات لأحدق وبصمت رهيب في سماءها، افتش عن صفاءها وزرقتها لأرى بصيصًا من الأمل، فلم أرى سوى غيوم متلبدة مكفهرة في كبد السماء تذرف دموعًا سخية وكأنها متألمة تبكي لوعة، أسفًا وتذمرًا شديدين.

إذ غدت ليل بلا أنوار، ليلها حالك، أعلن تمرده ليروي أحوالها، حتى الزهور والورود المنتشرة لا زالت في حالة استغاثة، وتكاد تفقد رحيقها لأنها لم تُزرع بقناعة، حنية، رعاية ومن دافع حب الزهور.

لا يمكنني وعذرًا لتكرار هذه العبارة، أن أنسى وأتناسى رمزها التاريخي، قلعة ظاهر العمر ووضعها المأساوي، ولا تغريني أضواءها الخارجية.

أبكيكِ مدينتي، لوصولك إلى مفترق طرق يسير أهلها فيه بسرعة جنونية، تجاهلوا المسؤولين عن وضع إشارة ضوئية بتخطيط مسبق عمدًا، لمضاعفة البلبلة، رغم النتائج السلبية الملموسة على أرض الواقع.

بالأمس القريب، كان هدوءك الحذر الذي يخفي أسرارًا عميقة المعاني، يخيفني بعض الشيء، أما اليوم، فاستيقظ أهلها ليشهدوا تحركات مليئة بالتوترات، التجاوزات والمؤامرات المقلقة والمزعجة أضعافًا.

عذرًا يا صانعي القرار، رماح الهادفة إلى الاصلاح، تقول لكم: ليست حقيقة الانسان بما يبلغ إليه بل بما يتوق بالبلوغ إليه، وليست بما يظهره إليك، مؤكدًا وواثقًا ان بذورك النقية المتجذرة في أعماق قلوب أسرتك الواحدة ستثمر ثمارًا طيبة، لأنها سُقيت من مياهك العذبة، آملاً، راجيًا أن تسدل الستارة على هذا المشهد الممل الذي لا يخدم مصلحة البلد.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com