كفر برعم وتواْمها إقرث ،قضيّة واحدة ،نفس النَّصّ،السيناريو ،التّنفيذ والإخراج ،في حكومات إستوعبت ملايين القادمين الجدد الذين يمتّون للبلاد بسراب وهم وخيال،من بينهم مَن لا تربطهم باليهوديّة اْيّة صلة ،في حين اْن السّكّان الحقيقيين يقعون فريسة للتضليل والاحتيال لاقتلاعهم من بيوتهم ،رغم قرار محكمة العدل العليا بإعادتهم الى قريتيهما ،وبدل تنفيذ القرار العادل ، وسائل الخراب الاسرائيليّة تُدمّر القريتين ،ضانّة اْن هذا العمل الاجرامي يلفلف القضيّة ،والاجيال القادمة تنسى ذلك؟الا ّاْن الاْهل ،الاْبناء ،الاْحفاد والجيل الرّابع ،الكلّ يتمسّكون بحقّ العودة
كُنّا معاً :محمد نفّاع/ السكرتير العام للحزب الشيوعي الإسرائيلي،غالب سيف/رئيس لجنة المبادرة العربيّة المعروفيّة ،محمد عامر ،برفقة الاْخ نايف خير /ميثاق المعروفيّين الاْحرار وكاتب هذه السّطور ، شاركنا في عُرْسَي العودة للقريتين ، مساء صيفي لطيف،هواء شمالي عليل ،من جبل صنّين ،ومن الجنوب اللبناني المقاتل الصّامد،نسمات رقيقة عبقة من عيثا الشّعب ،رميش ،بنت جبيل عيثرون ،مارون الرّاس ... ،غداة الذكرى السابعة للجيش الذي قالوا عنه :جيش لا يُقهر ! وقد قُهِر مجرجراً ذيوله ! وباعتراف دُعاة حروبهم ،بعد اْن مُرْمِغَتْ اْنوفهم ،كما ذاقوها في اْكتوبر 2000 ، بقيادة براك الإسرائيلي ،قبل بزوغ نجم براك اللاسامي ،الذي نثر السّموم ،كما فعل سابقه بوش المشؤوم ، الهواء يعيد الاْنفاس وينعش الإحساس ويطمئن القلوب ،باْنّ العودة قاب قوسين ،تحت شعارات :لا عودة عن حقّ العودة ،نجوم كفر برعم ،اْشبال إقرث ،مخيّما العودة ،عشرات الخيام التي تشحذ الهِمَمَ من بلدة الخيام اللبنانيّة بالذّات،وجوه مشقّقة واْخاديد عميقة بفعل العوامل الطّبيعيّة وما رافقها من عمليّات تجريف ،تحريف ،تخويف ،إقتلاع ،إبتلاع واْطماع مبيّتة ، وعود عرقوبيّة ،اْحكام عسكريّة في الدّيموقراطيّة الوحيدة في الشّرق الاْوسط ! كما يتبجّحون ويتشدّقون، جيل النّكبة والسّلالة ،المولودون في : الجشّ ،الرّامة ،فسّوطة ،معليا ،المزرعة،المكر ،الجديدة ،كفر ياسيف ،عكّا ،حيفا وغيرها من اْصقاع العالَم والمنفى القهري ، يردّدون مع سلمان ناطور : وما نسينا ! اْزهار ،ورود ،اْشبال ،فتيان ،صبايا ،اْمل المستقبل الموعود ،ابتسامات عريضة ، ضحكات بريئة ،طموحات اْكيدة وتصميمات جديدة ،منهم من يقول : يا جدّي إرتاحْ إرتاح ! إحنا نواصل الكفاح ،الحطّات الوطنيّة الحمراء والسّوداء تُزَيّن رؤوس واْعناق واْكتاف الشّباب والصّبايا معاً،اْبو رايق ابراهيم عيسى البرعماني يُشَنّفُ آذاننا بما جادت به قريحته على السّليقة من خمريّاته معتّقاته ،عن ذكرياته في مدرسته بعقداتها الثّلاث :
يا مدرستنا الختيارة العتيقة/إنتي شاهدة واْضْبَطْ وثيقة / ياما بْظِلّ حيطانك تفيّينا /للغاصب قومي إحكيلو الحقيقة !
واْبو نعمة معروف الاْشقرالإقرثاوي ،شابَ وعن حُبّ إقرث ما تاب ، يجود بوصلة من عنده :
ترابَك يا وطن عطشان ما يرتوي إلاّ من عَرَق اْهلكْ وْدمع الهني
حروف الشّوق عالفراق بْتنكَتَبْ وْلهيب النّارفي حشانا يلتوي
إشمخْ يا حبق بتراب إقرث واعتلي عبّق شذاك بْكلّ ركن ومنزلي
نُحدّق ونحملِق في الوجوه :إخوتنا واْخواتنا ، ترحيب عربي اْصيل ،ضيافة حاتميّة سخيّة ،بلا تكلّف اْو تصنّع ،الجُود من الموجود،هذه قهوة العودة ! هذا شراب الرّجوع !هذه كنافة التّحلاية !وهذه ثمار النّصر ، جابرونا ولا تؤاخذونا ! اْطبّاء مربّون/ات ،متقاعدون/ات ،سيّدات وجدّات،لبؤات واْشبال ، نفس الموّال ، حكاية الاْجيال،لن نقبل بالعودة على آلات حدباء ،بل سنعود اْحياءعند ربّنا نُرْزَق ! شاء مَن شاء واْبى مَن اْبى ! واللي مش عاجبو يشرب من بحر النّاقورة اْقرب ! العشرات يتوافدون من كلّ حدب وصواب ،العوافي يا غانمين ! اْهلاً بالغانمين ،إنتو من روسهن ً،عناق طويل ،تتزاحم العَبَراتُ مع العِبارات،نشوة النّصر والفرحة ،مطبخ جماعي ربّات البيوت تطهون الطّعام مشتركاً،عليها الجيرة ما نّنام الّليل ! شرّفتونا وآنستونا ،ليلة اْنيسة بوجودكو يا جماعة الخير.
جدّ برعماني قارح / يعيد ذكريات الطّفولة،وَجَد ّإقرثاوي إصطحب الصّغار في جولة صباحيّة بين ربوع واْطلال القرية مردّداً :
الاْرض بْتِتْكَلّم عربي وتقول آه إنّ الفجر لِمَنْ صلاّه
وصوت آخر يقول :اْرض اْبويَ يا خَيّ هيّ اْغلى شّيّ
عزائم اْشدّ صلابة من صخور الجليل ، وما عنه بديل ،هِمَم مشحوذة ، رايات خفّاقة وموائد مكدّسة ،اْكلات فلسطينيّة ، مُقَبّلات طازجة ،روائح تشدّ الظهر وتطيل العمر، من الطّبيعة وعلى الطبيعة ،البيت الضّيق بيوسع مئة صديق،إطلالة مسائيّة عن سطح مدرسة كفر برعم ،وبمحاذاة الكنيسة الشّامخة ،تُريك الجنوب اللبناني البطل ،مع ساعات الاْصيل،اْنوار متاْلّقة تنقل إليك عبير وطيوب الجنوب لتمتزج مع عبير واْزاهير وشذى إقرث بكنيستها المتاْلّقة ،ومدماكها الاْخير ،إهتمّ الحجّار / الدّقّاق/ البنّاء آنذاك بنقش الهلال محتضناً للصليب بشكل بارز في كلّ حجر ،ليؤكّد للقاصي والدّاني:تآخينا هلالاً وصليبا وتلاقينا بعيدا وقريبا ....نشاركهم في الهموم ،التّصميم والإصرار :يا صوتي ظلّكْ طاير/ زوبِع بِهالضّماير/ خبّرهن عاللي صاير/بلكي بيوعى الضّمير ...سيّان اْكان الاْمْر الاْمَرّ في زهرة المدائن/القدس العتيقة ،اْم في التّواْمين السياميّين إقرث وكفربرعم ،دروب الدّموع /الفيادولوروزا والصّلب ثلاثيّة، يردّدون مع غوّار الطّوشة بانسجام ووئام :
راسي وراسك يا راسي راسين بْراس ،الرّاس اللي رسرس راسك راسو يْرُس !
روحي وروحك يا روحي روحين بروح ،إن راحتْ روحك يا روحي روحي بتروح، دروس في الوطنيّة ،الجذور،التّضاريس ،حلقات الشّباب والصبايا ، ،إصغاء ،لا حاجة للكراسي والوسائد ،بل على التراب ، فنحن منه واْليه ،معلّمون/ات غير شكليين ،يحملون درجات الدكتوراة والاْستاذيّة في حبّ الوطن ،الانتماء ،الفِقْه واللاهوت ،خرّيجو/ات جامعتي كفر برعم وإقرث ، متطوّعون /ات، وسائل إيضاحهم من المكان والزّمان :الحجارة النّاطقة ،تينات مطانس ،زعرورات بطرس ،جردات الياس، زيتونات يعقوب ،خرّوبات جريس ، رمّانات اْشقر ،سنديانات غصوب ، لوزات عطالله ،سُمّاقات إسمير،مذكّرات شقّور ،اشعار سليمان ،دروس في الفيزياء والكيمياء الى جانب الجيولوجيا والبيولوجيا ، المخلوطات ،المركّبات والمحاليل وارتفاع السّوئل في الاْواني المستطرقة،اْطلال معصرتي الزّيتون ،مقابر حجريّة ،سهرة تتاْرجح ما بين كفر برعم وإقرث ،البعد الجغرافي شُربة سيجارة ،اْو مرمى العصا ، كما يقول اْهلنا وإخوتنا في العراقيب ،بعد العمليّة الهمجيّة الرّابعة والخمسين على التّوالي ،اْو عَضّة كوساية ،كما يقول ربعنا في سورية ولبنان ، رغم ظلم ذوي القربى ،يتمحور الحديث حول القضيّة العينيّة ،يُصِرّ الاْخوة على ربط ذلك مع ما يعتري العالم العربي من تمزّق وتدخّل خارجي اْجنبي ،اْحد الإخوة البراعمة يردّد ما قاله قّسّ مصري :نرفض اْيّ تدخّل اْجنبي بحجّة حماية المسيحيّين ،وقال لنا فيما بعد اْحد الاْقارثةالاْبرار :نعتزّ بالدّرع البشري الذي اْقامه الإخوة السّوهاجيّون المسلمون ، لحماية الكنيسة من غطرسة الظّلاميّين المتشدّدين الطّائفيّين !،ثمّ يعيدوننا الى سورية الجريحة البطلة التي تدحر غُزاتها ومرتزقتها الاْشرار ،تفجيرات الضّاحية ،ناهيك عمّا يحدث في العراق وغيرها من الدّول العربيّة المُستَهْدَفَة ،يطول بنا الوقت ،نستسمح من المعازيب ،يؤكّدون لنا : اللي عند اْهلو ع َ مهلو !بكّير شو صاير !اْبو جريس يذكّرنا بخاله اْبي نبيل /عوني سبيت /طيّب الله ثراه ،مع جرحه النّازف،ويؤكّد اْبو نعمة:
تشرين ما غاب بَسّ الاْهل غابوا الحقوق بِتْضيع وصحاب العدل سابوا
بزيارة شوق لبيتك المهدوم بتشوف جدار نايم ومكسّرة عتابو
غبنا وطيور من السّما غابوا وصارت الوحوش اْهل الوطن وصحابو.
عانقنا البراعمة والاْقارثة ،على اْمل اْن يتجسّد حقّ العودة ،لنحتفل وإيّاهم بفرحة العمر والعرسين معا ،ً والشّباين منّا ،وتصبحون وتمسون على كفربرعم وإقرث يا هالرَّبِع ! آمين !
-اْبو نعمة رافقنا حتّى السّيّارة مُصلّياً:يا ربّنا يا يسوع المسيح:اْنْصِتْ إلينا إسْتجبنا إرحمنا !
-يا سيّدة العذارى ، يا مُعَزّية الحزانى ،يا معونة النّصارى تَضَرّعي لِاْجْلِنا !

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com