قال السيد المسيح: "طوبى لصانعي السلام لأنهم أبناء الله يدعون". علمتنا الديانة المسيحية السلام والتسامح ومحبة الغير, ونحن كمسيحيين يجب علينا أتّباع أقوال السيد المسيح والعمل بها.

لاحظت في الآونة الأخيرة عدة ظواهر منتشرة بين فئات قليلة من المسيحيين في البلاد, ظواهر مقلقة بشكل كبير. سأكتب في هذا المقال عن ظاهرتين لا يجب السكوت عليهما, ولا يجب علينا نحن, كمسيحيين وطنيين وكأقلية عربية, الوقوف مكتوفي الأيدي أمام هذه الظواهر.

أولاً موضوع المدعوة رغدة جرايسي, التي أنظمت مؤخراً للجيش الإسرائيلي, وعينت في الجيش بوظيفة "مسئولة تجنيد المسيحيين في الجيش الإسرائيلي!". إنْتَقٌدَت رغدة بدورها النائبة حنين زُعبي لأنها, أي حنين زعبي, قالت أنها ستقف بوجه مشروع الأب نداف لتجنيد المسيحيين العرب.

توجهت رغدة عبر القناة العاشرة الإسرائيلية للنائبة زعبي قائلة: من أعطاكِ الحق لتتكلمي بإسمنا كمسيحيين عرب, لست هنا لأدافع عن حنين زعبي, لكن رغدة قد قالت في المقابلة:- "نحن المسيحيين في اسرائيل, متكلمي اللغة العربية..." وهنا انا أقول, من أعطاكي الحق للتكلم بأسمي؟ من أعطاكي الحق للتكلم بأسم المسيحيين؟ إن كنت تمثلين أحداً, فأنت تمثلين نفسك فقط. أكملت رغدة كلامها قائلة: "نحن لسنا عرباً, نحن اسرائيليين متحدثي اللغة العربية, وقوميتنا آرامية", وهنا انا أقول: (شو بتحكي هاي؟).

أما النقطة الثانية, فهي صفحة المسيحيون العرب – הנוצרים בישראל (صفحة مثلها الأعلى نداف ورئيسها الروحي نتانياهو), الصفحة أقيمت قبل عدة أشهر وانتشرت بشكل واسع في البلاد, تعمل هذه الصفحة بشكل واضح لدعم مخطط نداف لتجنيد الشباب العرب وتنشر هذه الصفحة بشكل واضح مواد وصور رخيصة, تمجد وتهلل بالأعمال المشينة التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي بحق أهلنا وأخوتنا في الضفة وقطاع غزة.

المقلق حقاً في الموضوع, ليس نشر المواد من قبل الأشخاص المشرفين على الصفحة, إنما إنضمام الكثير من الشباب الى هذه الصفحة, خاصة من الجيل الصغير, الذين ما زالوا يبحثون عن هويتهم, ومثل هذه الصفحة ممكن ان ترسخ في رؤوسهم هذه الأفكار, والمخططات, التي لا يجب علينا قبولها, والتي ربانا أجدادنا وآبائنا على خلافها.

تنشر هذه الصفحة صوراً لأسلحة ودبابات وطائرات حربية, وهنا تعلو بضع أسئلة في خاطري؛ ما علاقة هذه الصور بالمسيحية ؟ وكيف لصفحة تنشر صور كهذه تحمل أسم "المسيحون في أسرائيل"؟ كيف نسمح نحن كمسيحيين, بوجود تصرفات كهذه بين صفوف شبابنا؟ الم يدعنا المسيح الى محبة الغير و التسامح؟ الم يدع الى السلام؟ فكيف تدعمون وتشجعون هذا الجيش الذي يرتكب يومياً عشرات الأفعال المشينة بحق الأبرياء وبحق أخوتنا العرب؟ كيف نتنازل عن قيم غُرست فينا منذ الصغر وحفرت في عقولنا وقلوبنا منذ نعومة أظفارنا؟.

الملفت في الموضوع, أن المشترك في الظاهرتين السابقتين هو شيء واحد, مخطط ندّاف, لكن, لن أكتب هنا كثيراً عن ندّاف, فمن الواضح للجميع أن السبب الرئيسي لهذه الآفات هو ندّاف ومخططاته.

يجب علينا نحن, كمسيحيين وطنيين, الوقوف بوجه هذه المخططات التي تدعوا الى التنازل عن اصولنا, يجب علينا محاربة هذه الظواهر وتوعية شبابنا وتعليمهم أساسيات الديانة المسيحية, فإذا لم نتصرف سريعاً, سيظهر في بلادنا, بدل النداف الواحد, عشرات الندّافين والندّافات.

من هنا, أتوجه لكم يا شبابنا, يا اخوتي بالمسيح, وأخاطبكم بقوله: " انتم ملح الأرض فاذا فسد الملح فأي شيء يملّحه، انه لا يصلح إلا لأن يطرح خارجاً ويداس من الناس.", لا تفسدوا, حافظوا على عروبتكم وأصلكم, حافظوا على اخلاقكم وتعاليمكم المسيحية وحافظوا على القيم التي زُرعها فينا اباءنا لننقلها نحن بدورنا لأبنائنا. فالحرب ليست من شيمنا, والقتل ليس من أعرافنا, والكراهية غير مذكورة في قاموسنا. فكيف للديانة التي أمرتنا بمحبة مبغضينا وكارهينا, أن تسمح لنا بمحاربة أهلنا وأخوتنا العرب؟

إن تخلينا الآن عن عروبتنا وعن أصولنا ستأتي بنا الأيام ونتخلّى عن أقاربنا وأهلنا, فبعد قطع خيط المسبحة ووقوع احدى حبّاتها غالبا ما تتساقط الحبات واحدةً تلو الاخرى.

وأخيراً, ادعو كل مسيحي وطني التصدي لهذه الآفات, وأطلب من رجال الدين المسيحيين المبادرة ببرامج تثقيفيّة وتوْعَويّة لجيل الشباب, لزرع فيهم القيم الإنسانية والعربية, ووقايتهم من هذه المهزلة. لن نصبر حتى يقع الحابل بالنابل وتُفرط المسبحة التي حافظنا على عزتها طوال هذه السنين, فأن "درهم وقاية خير من قنطار علاج". دعونا نكون المثل الأعلى للعروبة والتمسك بقيمنا ومبادئنا وديننا, دعونا لا نقبل بمخططات التفرقة الطائفية بيننا. دعونا نرفض التنازلات والتخلي عن أنفسنا, فنبقى شعباً واحداً متشابكاً مرفوع الرأس بكل ما لدينا وما حافظنا عليه.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com